وأنا أقرأكِ يا صديقتي، وجدتني أكتب عن صديقي أنا.
ذلك الذي لم تحتملنا الدنيا معًا، فقلتُ له ذات يوم: في الجنة موعدنا… فابتسم وأومأ برأسه وكأن الموعد قد كُتب منذ الأزل.
هو من علّمني أن الصداقة ليست حكاية تُروى، بل وطنٌ يُسكن.
كم من ليلة امتحان قضيناها، نتقاسم السهر، نضحك من مشاغبة معلمنا، وكأن الغد لن يحاسبنا على جدّ ولا إهمال.
وكم من مرة غضضتُ طرفي عن عدم حفظه، كأن عيني تحرسه من ملامة الدنيا.
أذكر منامي حين رأيته ناجحًا، كان الحلم عندي يقينًا بقدره، لا مجرد خيال عابر.
وأذكر سكر الكحك الملتصق بكتبه، وضحكتي وأنا أهدده أنني سأراه في المنام، وكأن مصيره يمر من بين يديّ لا من يد أحد.
وما زلتُ كلما مررتُ بالعم أحمد، أشتري الشيكولاتة التي أحببت، كأن طعمها يستدرجني إليك، وكأنك تجلس بجانبي من جديد.
صديقي…
غاب عن عيني، لكنّه لم يغب عن قلبي لحظة.
هو دوائي ودائي، ضعفي وقوتي،
وكل ما تبقّى مني.
مكانه في روحي لا يبلغه أحد…
لا أحد.