دخلت المكتبة تبحث عن كتاب رباعيات صلاح جاهين وهى حزينة لفقدانها النسخة التي كانت لديها .سألت صاحب المكتبة "لو سمحت عندك كتاب رباعيات صلاح جاهين ,قال لها "والله يابنتي كان عندي بس للأسف الأستاذ أخد اخر نسخة "التفت بغيظ إلى ذلك الرجل الذى اشترى الكتاب وجدته هو (محمود جارها الذي كانت تنظر إليه من خلف الستائر وتراه وهو يذاكر ويصلي ومرات وهو يأكل فهى كانت تراقبه في كل تحركاته فكان بالنسبة لها فتى الاحلام فهو الشاب الوسم ,المتدين,المحبوب من الجميع وبالرغم من كل هذا الحب بداخلها فهي لم تتحدث معه ولا كلمة واحدة من قبل " انتبهت من غفلتها على صوت مهذب يقول لها "اتفضلي ياآنسة الكتاب أنا عندي نسخة منه ,ده كنت هشتريه هدية لواحد صاحبي في عيد ميلاده ,بصراحة فكرت كتير في هدية ليه لكن في النهاية استقريت على رباعيات جاهين مع إن أصحابي أكيد هيقولوا عليها هى دي هدايا المثقف وابتسم
:ابتسمت هى الأخرى وقالت له بصوت خجول "بس كتاب الرباعيات احلى هدية ,أنا من عشاق جاهين
رد محمود قائلا"أنا بجد مبسوط إنك بتحبي رباعيات جاهين ,اتفضلي الكتاب وأنا هحاول اشتري هدية تانية وأهو ياستي هتعملي فيا معروف وتنقذيني من تريقة أصحابي
ردت "لا شكرا هسأل عليه في مكتبة تانية"
قال لها "لأ مش هينفع لازم تاخديه" وافقت وقالت له بشرط هادفع تمنه
قال لها بإبتسامة حانية"مفيش بين الجيران تكاليف"وترك الكتاب بين يديها ومشى
أخذت الكتاب وابتسمت وفرحة الدنيا تملئ قلبها لأنه يعرف إنها جارته معنى ذلك إنه يعرفها ,يعرفها شخصيا.ذهبت إلى بيتها وهى تحتضن الكتاب وأغلقت باب غرفتها وأخذت تقرأ رباعيت جاهين وهى سعيدة .فهذا كان أسعد يوم بالنسبة لها ومر أسبوع وهى تراقبه كالعادة من بعيد وفي يوم وهى عائدة إلى بيتها بعد يوم طويل متعب وهى تركب الميكروباص ركب بجوارها شاب ولكن خجلها جعلها تنظر من الشباك دون النظر إليه ولكن ذلك الشاب قال لها أخبارك إيه؟التفت إليه بإستغراب وجدته هو أحمر وجهها وابتسمت وقالت بصوت منخفض الحمد لله ماشي الحال فقال لها أتمنى إنك تكوني استمتعت برباعيات جاهين ردت بتسرع :ده أحلى مرة قرأت فيها هذا الكتاب واحمر وجهها لتسرعها
.ابتسم محمود ابتسامة بصوت عال فهو أكيد يفهم مغزى إجابتها ولكنها سكتت لدقائق.وحاول هو أن يغير مود الحوار وسألها " بتحبي أغاني فيروز؟
فقالت له" أكيد أنا من عشاق أغانيها"
قال لها :أنا أيضا أعشق أغانيها وخصوصا أغنية نحنا والقمر جيران وأخذ يردد كلمات الأغنية قاطعته هى لتنبهه بإنهما في الميكروباص والناس تلتفت إليه فقال لها :اسف أصل أنا بحب الأغنية وخصوصا الايام دي بسمعها كتير,
صوتها لم يخرج ولكن قلبها كاد أن يخرج من مكانه ويصيح من كثرة الفرحة فقال لها :ممكن أخد رقم موبايلك,
سكتت في حيرة وإستغراب من الطلب متحدثة بينها وبين نفسها "لازم أرفض أخلاقي متسمحليش بكده ورجعت تفكر مرة ثانية وقالت ممكن تكون دي الفرصة الاخيرة اللي هقابله فيها واحتمال كبير مشفهوش تاني"
وهو أيضا كان يتحدث بينه وبين نفسه "أنا مالي
ايه اللي بيحصلي ,انا بقيت جرئ كده ليه هتقول عليا إيه دلوقتي ,المفروض مكنتش اعمل كده وأطلب طلب زي ده" وأخرجهما من هذا الحديث النفسي صوت السائق وهو يقول "ده الاخر يابهوات وصلنا " قالت له رقم موبايلها سريعا وهى تنزل من الميكروباص وفرح لموافقتها على طلبه وقال لها "مش هشوفك تاني" ردت قائلة "اللي ربنا عايزه هيكون"
وابتسم وهو يودعها ومرت الأيام والليالي وهما يتحدثان هاتفيا ويتقرب كلا منهما لشخصية الاخر ويكتشفوا مدى التطابق بينهما وكانت مرات عديدة يأنبها ضميرها لأنها تتكلم معه من وراء أهلها وهو يغضب لعدم ثقتها فيه فهو وعدها بأن يخطبها عندما يكون مستعدا ودي كلمة شرف فهو لا يرجع في كلامه أبدا وليس من شيمه اللعب بمشاعر الناس فعندما يوعد يوفي بوعده "هذا كان رد فعل محمود في كل مرة ضميرها يأنبها فيه وهكذا كان الحال بينهما كل يوم يمر تزداد مشاعرهما وحبهما يصبح كالطير الذي يرفرف ليصل إلى عنان السماء وذات يوم تغير الحال وتبدلت أحوال الجو من نسائم الربيع إلى أعاصير أمشير ,أصبح محمود يكلمها بفتور ,بصوت غير الصوت اختفى الشوق واللهفة المعتادة في طريقة كلامه وكل يوم يمر تسوء طريقة مكالمته لها وتمر أيام دون أن يكلمها نهائيا بالرغم إنه سابقا كان لا يمر يوم دون أن يتحدثان ,جلست مع نفسها وقررت أن تبدأ هى بالابتعاد عنه قبل أن يفعلها هو فكرامتها فوق كل شئ دخلت غرفتها وأغلقت الباب عليها وقامت بتشغيل أغنية "نحنا والقمر جيران" وجعلت كتاب رباعيات جاهين أمام عينها وأمسكت ورقة وقلم وكتبت هذا الكلام وهى تبكي (قلبي يؤلمني وقوتي تضعف كل يوم اتخذت قرارا بأن لا أتحدث معه أبدا ولكن قلبي يحترق من داخله وأموت في الثانية مائة مرة من شوقي ولهفتي لسماع صوته ولكن ماذا أفعل فهو الذي دفعني لذلك بتصرفاته في الفترة الاخيرة معي فهو فعلا أناني لا يحب سوي نفسه قرر هذا القرار ولم يفكر في حالي من بعده... يارب ماذا أفعل أنقذني وخلصني من لعنة هذا الحب !!!
انتهت من كتابة هذا الكلام في مذكراتها اليومية وسمعت صوت صراخ يدوي في المنطقة كلها خرجت مسرعة وأوقعت كتاب جاهين على الارض ,سألت أخيها ماذا حدث قال لها "البقاء لله محمود جارنا مات
تمت