أنا ابنةُ ينبوعٍ خُلِق منه الوجود،
رسمتُ منه للحياةِ حدودًا.
ينبوعٍ...
تجتمعُ حوله السنونو،
وتبتسمُ للشمسِ الأزاهير...
ينبوعٌ
زرع في خلايا رأسي بستانَ تينٍ وسقاه،
فكنتُ أشعرُ أنني
أنا شجرةُ الخلودِ الأبدية،
ولا أدري لِمَ كنتُ أُضمرُ في داخلي هذا الشعور،
ربما خشيةً من الظلمِ والجَور...
كنتُ أعدّ الأشجارَ مرارًا
خوفًا من اللصوص،
من أولئك الذين يسرقون الثمار
ويمنحونها هدايا لعبّادِ الدم...
لخُلّاق الألم...
محظوظةٌ
أنني ترعرعتُ
في كنفِ أمي الرؤوم،
في بيتٍ أعمدتهُ مكينةٌ من حكمتها،
تلك التي قد رسمت القدرَ،
ونقشته أمامي طريقًا لا وَعُورةَ فيه،
حتى أصبحتُ طعمَ تينةٍ في فم الخيال...
أنا ابنةُ إيزيدخان الفاضلة!
تاريخٌ... ملحمةٌ... حكايةٌ لكلِّ الأزمان،
صوتُ الوجود...
صدى الموت...
وهجُ الشمس...
سَنا القمر...
دُجى وسكونُ الليلِ... أنا!
جادّةٌ في لعبةِ الحروب،
حمامةُ السلام،
آيةُ الحريةِ... أنا!
أنا أولُ حرفٍ على مخطوطةِ الإرادةِ العتيقة،
أنا زغرودةُ الاستقلالِ ترقصُ على لسانِ أمي!
أنا...
أنا شامةٌ تحترقُ منذ الأزلِ على وجهِ هذا الكوكب،
أناااااا، أنا اليراعُ الأول،
والقلمُ الأولُ لكاتبِ التاريخِ الأول،
أنا قاموسُ المعاني العميقة
في كلِّ اللغات...
في أيّامِ النوائبِ الكبرى،
في جوفِ صرخاتِ الأسرى،
أجعلُ من صوتي المبحوح،
من أنينِ الجروح،
أغنيةً أُدندنُها بلحنٍ من أعماقِ التأريخ...
يحترقُ قلبي
بنارِ الرِّفقةِ والشفقة،
حتى عندما تُحقَدُ فرحتي،
ويعلو صليلُ سيوفِ أسئلةٍ كثيرة
فوق رأسي،
أُصبحُ طفلةً عنيدة،
تتلاطمُ أمواجُ الجنون
في قرارةِ دماغي...
أتجاوزُ بحرَ الموتِ سالمةً
وأنضمُّ لرقصةِ الوجود...
هكذا أَرُدُّ على الاضطهاد!
لأنني متيقّنة
أن كسرةَ خبزٍ لا تُشبِعُني،
وأن دموعَ التماسيح لا تروي ظمئي،
ولا تُبلّلُ حنجرتي...
ولكن،
البابُ أمام الأمنياتِ غيرُ موصد،
لأني دافئةٌ بروحي،
لا أخشى قَرَّ الأيامِ وزمهريرَها.
حتى نوافذُ قلبي
مفتوحةٌ أمام أحلامي،
لا تزالُ نبضاتُه تتردّدُ صداها
في ركنٍ صامتٍ منه،
في جسدٍ يئنّ،
وهي شاهداتٌ على الدمِ المُراق
من جروحي الأزلية...






































