جو النص

كان خطه جميل تكاد تجزم أنه ألة طابعة لجماله

وهذا لعلمه بخطوط الفن العربي كلها من الكوفي والثلث والديوان وغيرها

وكان لديه معرفة تامة باللغة العربية

بقواعد النحو والصرف والإعراب 

مُلم باللغة العربية كأنما هو كتاب نحو أو صرف يحفظ كتاب سبويه عن ظهر قلب مُلم باللغة العربية ألماما جمٌا وكان له نشاط في المدرسة اصدار مجلة مدرسية خاصة بالمدرسة بخط يده ومشاركة من الطلاب ومن المعلمون فيها معلومات متنوعة من أدب وشعر ومعلومات دينية وعلمية حتى أن أحدى الطلاب أخطاء في الإذاعة المدرسية بقراءة سورة الناس فقرأ الطالب 

(مِنْ الْجَنَّةِ وَالنَّاسِ)

  بالفتح للجيم 

فقال وهو يتجول في الطابور الصباحي بصوت جهوري أعلى من صوت الطالب (مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)

 بالكسر للجيم فأعاد الطالب الآية بالشكل الصحيح 

وكان يجمع الطلاب الذين مستواهم العلمي ضعيف ومتدني و تقديرهم متوسط في أيام العطل وكانت العطلة الخميس والجمعة لأن السبت كان دوام رسمي وبعد السلام مع المحتل الغاصب اصبحت العطلة الرسمية السبت بدل الخميس أو يجمعهم قبل الدوام بساعة عند السادسة صباحا إلى الساعة الثامنة 

وكان قد طلب لهولاء الطلاب الإذن من مدير المدرسة بأن يعفيهم من طابور الصباح ليستطيع معالجة ضعفهم في الدراسة

ليزدادوا علما ويتحسن مستواهم العلمي لأخلاصه بالعلم والعمل به انطلاقا من

حديت الرسول صل الله عليه وسلم

(أيما رجل آتاه الله تعالى علما فكتمه ألجمه الله تعالى يوم القيامة بلجام من نار)

وفي يوم من الأيام طلب المعلم من طالب أن يقرأ جو النص وكان النص نبذة عن حياة الكاتب جبران خليل جبران

فقال المعلم اقرأ يا حسام جو النص

فقرأ حسام

جبر أنّ خليل جبر أنّ بفصل جبر وأنّ بالتشديد وكان هذا حسام نحيل الجسم وطويل القامة

فقال له 

 بغضب تعال إليَّ فخرج حسام من بين المقاعد متوجها للأستاذ 

فلما اقترب من الاستاذ 

قال له الاستاذ قبل العقاب وقبل أن يونبه

(ولا خير في طول الجسام وجمالها

أن لم تزن طول الجسام عقول)

وقال له أيضا(طويل طويل وما بسع مد شعير)

وقال له أيضا

(وكل طويل لايخلو من الهبل وكل قصير لايخلو من الفتن )

وقال له وهو يهيجن (ننقول 

لحسام اقرأ يقول حسام لما يقرأ فلان)

(نقول لحسام اكتب بيقول حسام لما يكتب علان)

(نقول لحسام احفظ بيقول حسام لما يحفظ تلان)

وقام بضربه برجله على قفاه ثلاث ركلات وبالعصى ثلاث ضربات

وقال له

لو أنك يا حسام أفندي مفتح دماغك عندي ولست سارح ولكن بمن سارح قل لي سارح بأم الجدايل 

اللي ماخذ عقلك يتهنى فيه 

أم أنك سارح بالحبيبة الله يعدمني أيها التي ستصبح زوجتك

فتح دماغك يا حسام عندي حتى تعلم ما نقرأ 

وكان على الشباك طالب سارح في خارج الصف وخارج الدرس 

وشاهد أخوه فقام بتوديعه وهو يشير له بيديه

فانتبه المعلم لهذا الطالب نبيل ونبيل مستمتع مع وداع أخيه 

وشاهده وهو يودع أخوه أصيل ومستمتع

فأشار المعلم للطلاب بأن يصمتوا

وذهب المعلم دون أن يصدر صوتا 

ونبيل لايعلم بأن المعلم فوق رأسه قد سمع كل شيئ وحضر لحظات الوداع

فقام المعلم بحمل نبيل وانزله من الشباك وقال له الحق بأخيك أن كنت مشتاقا له

(بخلص من غبي بلقي صبي) كم كان هذا المعلم غيور على العلم والعمل وكم نحن بحاجة لأمثاله في هذا الزمان