أراكَ جُلمودَ الدُّموعِ، صَخرًا لا يَنْكَسِرُ
أمَا لِفُؤادِكَ في الهَوَى أنْ يُبصِرَا؟
أمَا لِعَيْنَيْكَ من سُهادٍ يَمطِرُ
ويَسقِي وَجنَتيكَ منَ الصَّبِّ طُهْرَا؟
ولستُ بالذي يَبيعُ كلامَ الهَوَى
لِأجلِ هَوَاكَ أَجرَعُ المُرَّ مُرَّا
حَفِظتُ هَوَانَا عن وِشايةِ عاذِلٍ
ورَعَيتُهُ في فُؤادِي وُدًّا مُعَطَّرَا
وقالتْ: ضاعَ الهوى ما بينَنا في الدُّرُوبِ
فقلتُ: حبلُ الصَّبَابَةِ لا يَنكَسِرَا
إنَّ الوَفَاءَ بَيْنَ المُحِبِّينَ مُقدَّسٌ
وأنَّ الحُبَّ صادقُهُ لا يُغدَرَا
أنا المُشتاقُ، ومِثلي لا يُلَامُ
جُنُونُ هَوَاكَ أيقَظَ العَقلَ وَالفِكرَا
أنا العاشقُ المُتَيَّمُ في هَوَاكَ دَهْرًا
قَتِيلُ هَوَاكَ، وفي عَيْنَيْكَ خَنجَرَا
يَشُدُّني وِجدٌ إليكَ، يَطوِيهِ حَنينٌ
نَشِيدُ حَيَاةٍ يُغَرِّدُ فِي شَفَا العُمُرَا
الرُّوحُ فِي هَوَاكَ تَعَلَّقَتْ سَرْمَدًا
إذا مَسَّنا المَوتُ، ضمَّنا القَبرَا
أُجاهدُ فِي هَوَاكَ شُمَّ الجِبَالِ، وَسِرَا
فَأَعجزتَ فِي وِفَائِي لَكَ الصَّبرَا
يَغارُ مِنكَ النَّجمُ وَالبَدرُ إِنْ سَطَعَا
أضنيتُ لَيْلي فِي هَوَاكَ سَمَرًا وسُهُرَا
يا سَاحرَ الهَوَى، وأنتَ لَهُ السَّاحِرُ
أنا القَتِيلُ بِحُبِّكَ مِنْ دونِ البَشَرَا
صَفَحتُ عن ظُلمِ الهَوَى، وهو المُظلِمُ
لِسَاحرٍ فِي الحُبِّ طَبعُهُ الكِبْرَا
أُناظِرُ في عَينيكَ، يَملَؤُها خِداعٌ
ومَصِيرُ أهلِ العِشقِ فُرْقَةُ وَهَجرَا
الغَدرُ لا يَرضاهُ مَن كانَ يَعقِلُ
ويَرْقَى بهِ خَائنُ الذِّمَّةِ وَالضَّمِيرَا
نَعِيمُ الهَوَى نِعمَةٌ لأهلِهِ وَجَنَّةٌ
تَفيضُ لَياليهم بِالعِشقِ وَتُزهِرَا
تَجَاهَلتْني، وهي تَدري أني الأسعدُ
أنا الغَريقُ بِيَأسٍ لا أَرَى سُرُورَا
غُلِبتُ على أَمري، ولستُ بهِ حُرًّا
فالأمرُ للهِ، رَغمَ عَنِّي، فيهِ أُجبِرَا