بعد ظهر اليوم خرجت إلي الحديقه الخلفيه لمنزلي .. 

كنت ابغي تنظيف كراسي الحديقه استعدادا لجلسات الصيف .. ثم فجأه .. سمعت صوتا يناديني.

 

فالتفت إلى مصدر الصوت .. فوجدته .. جالسا فى حديقته يستمتع بالشمس .. أشار لي ملوحا فتخطيت سور الحديقه .. وذهبت إليه .. وقف مرحبا بي.

 

إنه أحد جيراني .. عندما نتلاقي كان الذي بيننا لسنوات طويله هي التحيه عن بعد مثل صباح الخير ومساء الخير .. كنت أراه دائما فى الغابه .. لا يمشي على قدميه ، ولكن دائما على دراجته. 

 

كنت أعرف أنه كان ضابط فى القوات البحريه البريطانيه ، ولهذا السبب كان الجميع ينادونه بلقب "القبطان چيم" - Captain Jim".

 

جلست بجانبه ، وقدم لي زجاجة ليموناده مثلجه ، وتبادلنا الحديث ، وقال لي أنه كان كبير مهندسين وخبير غرف الماكينات فى البواخر الحربيه وخدم فى في عدة وحدات حربيه عائمه في الأسطول الملكي البريطاني British Royal Navy حتي خرج للتقاعد برتبة Comodor Engineer 1Class ، وهي تعادل رتبة عميد بحرى مهندس .

 

ذهلت عندما أخبرني أنه الآن بلغ من العمر 91 عاما ، ومازال يتمتع بركوب دراجته يوميا .. وحكى لى عن بعض ذكريات أيامه فى البحريه ، وتكلم عن أهل بورسعيد والسويس ، وقال إنه كان صديقا "للشيخ علي" رئيس البمبوطية فى بورسعيد الذي كان يجيد اللغات الانجليزيه والفرنسيه واليونانية بطلاقه .

 

وصل إلي حيث نجلس شاب طويل حسن الهندام ، مد يده لتحيتي وقام الكابتن بتقديمنا للتعارف وعلمت أن الشاب حفيده وهو ضابط فى الشرطه البريطانيه وجلس معنا ينصت بإهتمام لما يحكيه جده.

 

أخذ الكابتن العجوز يحكي مواقف جميله له فى بورسعيد والسويس ، ثم قال لي : هل تعلم أن الشعب المصري ، ليس مثل أي شعب فى المنطقه ، كنا ونحن فى طريقنا للهند نخش بورسعيد للخدمات والتموين ، وايضا كنا أحيانا ندخل ميناء عدن ..

 

ثم استطرد : وتلاحظ الفرق بين الشعب المصري وباقي الشعوب العربيه فأنتم تتمتعون فعلا بخفة الدم ، والوفاء ، ومساعدة الغير ، والذكاء ، وبرغم ما كان بين الحكومه البريطانيه والحكومه المصريه ، إلا أننا كنا نعشق الشعب المصري ، ومصر بحضارتها وثقافتها المميزه.

 

قضيت معه النهار وتناولنا سندوتشات الخيار والطماطم بالزبده وتسامرنا حتي السادسة مساء ، كنت أنظر إلي هذا الرجل وأتعجب من حبه لمصر وثنائه على شعب مصر برغم خدمته فى جيش أسطول الإمبراطورية البريطانية الاستعمارية .

 

والقصه التي عجبتني وحكي لي عنها هي :

 

"أنه فى أحد المرات إنكسر جزء فى ماكينة البارجه البحريه الحربيه البريطانيه التى كان يخدم عليها ، فدخلنا ميناء بورسعيد . لم يكن هناك بديلا لإصلاح الجزء المكسور الا خراط يصنع مثيله تماما ، ولو مؤقت حتي تصل البارجه إلي الهند حيث يكون قد وصلت قطعة غيار اصليه بديله بالطائره من بريطانيا".

 

"قابلت "الشيخ علي" كبير البمبوطية ، وأخبرته بالأمر بعد موافقة كابتن البارجه ، اخد الشيخ على الجزء المكسور معه إلى المدينه بورسعيد ، وفى اليوم التالي عاد ومعه المثيل تماما للقطعة المكسوره ، وتعجبنا جميعا من دقة الخراط المصري وبراعته"‼️ ????

 

???? قابلت انا يا ساده الكثير من كبار السن من رجال بريطانيين خدموا فى الجيش البريطاني فى مصر ، لم اجد واحدا منهم إلا ويشيد بمصر ، وشعب مصر ، ولهذا دائما عندما يسالني أحد : لماذا تحب مصر ؟ فأقول : ما أغباكم اتسألوني لماذا أتنفس ؟❤️????????