سقف يعلوه، وجدران تحيطه، وبابه مغلق.. أغلقه بإرادته ليمارس حريته دون قيود.. يرى نفسه ولا تراه.. يمارس طقوسه ورغباته كما يحب.. حجب عن الآخرين رؤيته، وأحكم إغلاق بابه.. لا يود من أحد انتهاك خصوصيته؛ فعالمه وحده.. لا يريد إشراكك فيه فهو يمقت المراقبة والتدخل في شؤونه.. خلف بابه يفعل كل ما يحلو له.. يسمع الموسيقى.. يشاهد قصة سينمائية في تلفازه.. يقرأ رواية جديدة.. يتسكع بين غُرَفِه.. لا يريد منك أن تقحم عليه صومعته.. اختار ذلك لأنه يملك قراره وإرادته وحريته.. شاء من شاء، وأبى من أبى.

وباب مغلق رغماً عنك، ودون رغبة منك.. لقد ارتكبت عملاً مشيناً أساء إليك يستوجب عقوبتك، أو ارتكبت جريمة ما تستحق بفعلتك لها أن توضع في الحبس، ويغلق الباب عليك.. لقد أغلقوه برغبتهم لا برغبتك، وقيدوا حريتك بوقت من الزمن قد يطول، وقد يقصر.. لقد وضعوا شروطا لبقاءك بينهم.. أنت تنفذ عقوبة الحبس، وهم يعاقبوك عليها.. كل ما تود أن تفعله يمنعوك منه، فأنت لا تملك من أمرك شيئاً.. هم يختارون لك ما عليك فعله.. عالمك الخاص الذي كنت تصنعه لنفسك.. لم يعد بين يديك.. بل أصبح في قبضة يدهم،

وآخر بابه مغلق ظلماً.. لقد زج به في ملابسات قضية ما كان طرفاً فيها دون ذنب اقترفه، ولكن شاءت الأقدار أن يكون مظلوماً ومجنياً عليه.. هناك من يحاول إثبات براءته، وهناك من تمنعه ظروفه وقدراته من مجرد المحاولة لإبعاد الظلم عنه،

أحياناً تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وأحياناً أخرى تأتي بما تشتهيها

الأبواب موصدة، وخلف كل باب قصة وغصة

باب مغلق

وضجيج الصمت بداخله.. لم يسبق

ولهيب القيد بمعزله مشتعلاً.. بل يحرق

أيجول الفكر بحضرته بحثاً.. أم يسرق!

وبصيص الضوء بموضعه يَنْفُذ.. لا يخرق

من خلف الباب وظلمته، وظنون العقل وسطوته

تمتد أيادٍ.. لم تسمع صوت الباب إذ يطرق

باب مغلق.. لا يُطْلَقْ

أبواب ثلاثة.. نغلقها، أو تُغلَق علينا

إما طوعاً وإما روعاً!