مرحباً أيها الغريب...
أتيتُكَ اليوم مُعاتِبةً، لا مُحبّة ولا مُشتاقة، أتيتُ لأرمي سهامي داخلك، كما فعلتَ أنتَ لسنوات، لأقول لك إنّ هذا فراقٌ بيني وبينك، لأقول لك بدموعي وداعاً، وبقلبي ابقَ رجاءً، وبكرامتي اذهب ولا تعد. لا أريدكَ بعد الآن، ولا حتى أودّ أن أرى حروفك، تلك الحروف التي كانت كفيلةً بأن تجعلني أرقص فرحاً. هل تدرك ما فعلت؟ أترى حجم الألم داخلي؟ كلّ ذلك الحب تحوّل إلى وجع، لكنه ليس حصيلة شهر أو سنة، بل حصيلة سنواتٍ طويلة وليالٍ كثيرة. إنّه نتاج إهمالك وغيابك.
لا أدري متى أصبحتُ هكذا، لكنّي أعلم كم حاولت، وكم تحملت، وكم بكيت وشكوت. جفّت بحارُ دموعي، وعانقني المرض دون تردّدٍ أو رأفة. اجتمعتَ أنتَ والمرض والحزن عليّ، كما لو أنّي عدوٌّ لك، لا حبيبة. ما كل هذا الكرم؟ ماذا فعلتُ لأجني كل هذا؟ أيُعقل أنّكَ تحاسبني على حبّي وتعلّقي بك؟ أم نفسي تعاتبني دون رحمة؟ لها الحق في ذلك؛ فقد أهملتُها وأهملتُ حياتي معك، نسيتُ عمري وأنا رهينة عشقك.
لكن الآن، أنا لستُ كذلك. هذا الخدّ لم يعد يحتمل كفوفاً أكثر، وذاك الفؤاد لم يعد قادراً كما كان. أرجوك، ارحل ولا تعد، لا تلتفت إليّ حتى. لن أسامحكَ على أفعالك تلك، ولن أنسى ما اقترفته يداك. اذهب حيث اللاعودة، وسأعود أنا إلى نفسي، لعلّها تقبل العلاج، وتسامحني على ما فعلتُ بها.






































