‌لم أڪنْ أعلمُ أني حينـما أهديتُـكَ نفسي، أنك ستذبـحُ قلبـي قُـربانـاً لهـواكَ، وأنَّ كلَّ ذاك الحـبَّ الذي أغرقتَني فيـهِ ما كان إلا مُخدرًا لتُحڪِـمَ قَبضَتـَكَ على قلبي؛ فتتمكـنُ من ذبحِـهِ جيدًا بذاك الخِنْجـَرِ الذهبـيِّ المسمـومِ!

‌سنــواتٌ ! وأنا أحاولُ فهـمَ القصـةِ، لم أتمڪنْ من التفسيـرِ، فقـد ڪان عقـلي يختلـقُ لك ڪلَّ يومٍ عذرًا حتى أفنيتُ ڪلَّ أعذارِ الڪونِ.

أُبَرِّرُ لنفسي بقائي في ذاك القبـرِ المظلمِ اللعيـنِ، الذي دفنـتَ فيـه قلبي بعد قتلِهِ دون رحمـة، ثُـمّ ظللـتُ سنـواتٍ أخـرى أبحـثُ عن بقايا روحي بين أكـوامِ الخـرابِ المـنتـثـرِ هُنـا وهنـاك، وأُلملـمُ أشلاءَ قلبي المتمـزقِ، وأحاولُ ترميـمَ ذاتـي بنفسـي، دون أن ألجأَ إليكَ ڪعادتـي، دون أن أرتمـيَ بيـن ذِراعَيْكَ، وأشڪو لكَ منـك، كما ڪنـتُ أفعـل دومـًا، ظنًّا مني بأنـك ربّـمـا، ربّـمـا تشعـرُ بي أو تشفـقُ على قلبي...

تُشفـقُ ! ڪيـف ؟! وأنـت القاتـل..

‌ ڪيـف؟! وأنا أرى دمـاءَ قلبـي تُـلـطِّـخُ يديـكَ..

ڪيف؟! وقـد شـوَّهـتَ كلَّ جميـلٍ رأتـْهُ عينـايَ فيـكَ، حتى شاهـدتُ قُبحَك وتيقنـتُ سـوءَ اختيـاري.

‌وبـعـد كلِّ تلك السنواتِ، أدرڪتُ فـواتَ العُـمرِ، وأن ما فـاتَ لن يعودَ، أدرڪـتُ أنـي أفنيـتُ زهـرةَ عمـري ڪلِّهِ لأجلـِكَ، حتى ذهـبَ عن زهرتـي عَبَقُهـا وذبُـلـَتْ، ولولا أن تدارڪتُـهـا لماتـتْ، حينها قررتُ أن أنتـزعَ زهـرتي من أرضـِك، وأُنْبِتُهـا من جديـد.. بنفـسي.. بعيـدًا عن قبـرِك،

أُحيي فيها لونَها وأُجدِّدُ عبيرَها، أتشمَّمـُه على مَهَـلٍ، لتطرَبَ نفسي كلَّ يومٍ وأنا أراهـا تنمـو بعـد يَـبَـسٍ، وتتجـددُ فيـها الحيـاةُ.

‌وأخـيرًا شـعـرتُ بأننـي أحيـا..

حـيـن وجـدتُ نفسـي، حـيـنَ عُـدتُّ إلـى سابـق عـهـدي..

حـيـن اشـتـريـتُ روحـي، بـعـد أن خـَذَلـتُهـا يـوم اشـتـريـتُ بـدلًا مـنـهـا جـمـادًا، ظَـننـتُ أنـه يـشـعـرُ !!