كنت ماهرة دوما في تسمية المجهولات.. كانت موهبتي تتويج النكرات بألقاب براقة.. لعبتي المفضلة .. المبهرة .. الخداعة.. كم شاهدت لمعة الانبهار في عيون السامعين من كثرة ما أحاط بمسمياتي المبتكرة من غرابة وإلهام.. لم يكن ذلك تلاعبا بعقولهم ولا خلطا للمعاني والمفاهيم.. بل كان انحسار رؤية وضيق تصور إذ ما أسهل الألقاب والألفاظ .. ما أكثر التعاريف.. لكنني فطنت لروحي مرة وراء مرة تتساءل عن مدلول هذا الاسم .. وعن مقصود ذلك اللقب.. ويالعجبي من كثرة ما وجدت من مسميات فارغة المحتوى ومصطلحات لا توصل إلى أي دليل.. رددت الألقاب كثيرا لعلها تدلني.. واستفسرت عن أجنحة المصطلحات لعلها تُظلُّني.. فلما ظللت تائهة مؤرقة عرفت أنه ما أسهل نظم الحروف.. وفهمت أن القيمة تكمن فيما يحويه اللقب من دلالة وما تكشفه الكلمة من أسرار..
فيا هذا المبهور الساذج بالكلمات الرنانة.. عقلك لا يعمل إلا بالمدلول وبالفهم النوار.. فاستفهم حتى تفهم.. لا يغرك كثرة المهللين .. ولا يثنيك قلة زوار الدار.