سعاد حسني .. في بدايات أربعينياتها وثمانينيات القرن العشرين
كان رحيقها قد تناثر عبر سنوات الدلال وجبروت الشباب .. ما بقي منها كان بالكاد يصنع لقاءات هادئة لاجترار مجد أوشك على الأفول بفعل المرض المفاجئ وتقلبات الأحوال.. لكن الوردة البلدية الحمراء الساكنة في عمق قلبها النابض لم يكن قد مسها ذبول .. كانت تربو بقليل على خمسة وأربعين كيلو جراما حسبما قالوا وقالت .. كانت تغادر الشباب الحر الهادر
لكن الباقي من كل ذلك صنع أسطورة عجيبة .. أدوارها المتنوعة في حلقات هو وهي .. هذه السيدة كانت تشخِّص كل هؤلاء النساء بروحها وليس بالعين والكلمات.. كل امرأة جسدتها في قصة من القصص العشر الخاطفة كانت عالما مستقلا بذاته .. انظر لعينيها ودموعها الصادقة.. انظر لاتبساماتها .. لضحكاتها .. لغمزاتها وانهياراتها .. وانظر للبكاء.
انظر لها وهي تتلون من العريقة باذخة الثراء إلى الفقيرة باذخة الجمال .. من المحبة الولهانة إلى الجبارة المستغنية .. انظر إلى كل هؤلاء وانظر إلى عمق عينيها في كل وجه من هؤلاء.. ستجد وحش الموهبة يستلقي داخل عينيها بكل عنفوانه .. وكأنها بدأت التشخيص قبل سنوات قليلات فهي اليوم في قمة جبل الموهبة والتمكن.. كانت سعاد تمثل في هذا العمل ببقية طاقتها الشاحبة وشذرات روحها التي مزقها فراق الأحباب وتحكمات الألم..
كانت تشخص ببقايا امرأة وبقايا صحة وبقايا عمر ..
وبكامل الموهبة..
كانت سعاد سيدة بالغة الجمال متفردة القدرة التمثيلية..
وكانت لها روح .. لا كفء لها.
#راقية_جلال_الدويك