بصورة ما .. يمكن أن يكون في محو تاريخك مبعث للأمل، تماما كما أدركته حين وقع ضياعا مُهلكا.
أن تتوفر لك الفرصة لتكتب صفحاتك من جديد، على ورق ناصع البياض، دون هذه البقعة السوداء ولا هذا التمزق الأصفر..
أن تكتب نفسك مرة أخرى، يراك من يراك طفلا تتلمس الحروف، ولا يرى الشيخ الناضج داخلك.. الشيخ الذي كتب تاريخا كاملا قبل زمان وظن أن أقلامه قد رفعت وجفت صحيفته، فإذا بالزمان يشحذ الأقلام ويعيد ترطيب الصحف.
لعل هكذا يولد الأمل من رحم الضياع التام .. وينبت من قلب الصخر الورد الزاهر. ولعل هكذا تجرؤ على قبول الخسائر بعدما كان مجرد التفكير في وقوعها يُعجز قلبك.
أو.. لعلها لعبة عقلية نابغة من فرط ما آلمك جهد تدوين مخطوطك الأول لم تتوقع ضياعه.. فإذا به يضيع، وإذا بك تائه.. ثم إذا بعقلك الجبار يلتحف الحكمة ويُنبت من قلب الخوف الأمل.. بل ويرعى الأمل!
حتى يصير مآل اليأس التام هو عين التحقق.