كنت بائسة يوما ما .. لذا فإنني أعرف البائسات جيدا.. وتتعدد لدي المشاعر نحوهن .. أخشاهن إذ يذكرنني بنفسي الغابرة ويمنعنني عن نفسي الحاضرة -وأنا كم جاهدت لانسلاخ هذه من تلك- وأحسدهن إذ يغويني بؤسهن بالزمن القديم حين كنت رغم بؤسي يسعدني السعي للانسلاخ والوصول .. كما أشفق عليهن إذ أذكر فيهن حيرتي وهواني .. وأحبهن إذ أرى فيهن نفسي على كل حال.. وأدعو لهن أن يلحقنني على الطريق .. ركضا أو بالهوينى .. وأتمنى لو أمد لكن منهن يدا وأنا أهتف بحماس صادق "حاولي .. استمري.. لا تيأسي" .. وأظل أرقب كلا منهن بمودة الناجين من عسف مسيرة عسيرة للسائرين على نفس المسير .. أنتظر نتاج السعي الدؤوب وأنا أوقن بعدل المقادير .. أصفق للناجيات بحرارة من رأى دليل يقينه فاستعاده مرة تلو مرة .. وأتلو خطابات المواساة لمن تشعب بها الطريق فظنته المتاهة.. حتى تعلم أنه لا متاهة مع السعي .. ولا ضياع مع اليقين.