بابُ نجاتِك لن يفتحَه غيرك
هكذا قال الناجون السابقون..
وأعينُك ونفسي على الفهم فأضيف: أن ذلك لا يكون إلا بعدما تأخذ نِصاب جروح النجاة كاملا، وتستنفذ جِرار آمالها تامة.. ثم تطرق نقطة الحيرة الماسية.. نعم.. تلك النقطة التي إن وصلتَها يُضيء بعدها الطريق كله مرة أخرى بجميع ضوئه وكأنه لأول مرة يضيء..
هذه هي محطات الطريق.. لا يصل إلا من مر بها جميعها.. ولا يظن لبيبٌ أنه يستطيع اختصار مرحلة أو محو غيرها.. فليس ذلك بلبيب.. إنما اللبيب يواصل السير على أية حال.. يرسم المسار أمامه بحبر يقينه.. ولا يهتز إن بهَت الحبر أو تخفَّى المسار.. فإنما الوصول بالسعي.. والسعي باليقين.. واليقين بالفهم.. والفهم لا يوهب إلا لمؤمن..
فكن مؤمنا يفهم فيوقن فيسعى حتى يقول له الطريق "ها قد وصلتَ"
ساعتها.. لن تقبل أن يطرق باب نجاتك غيرك.. إذ سيكون في طَرْق باب النجاة نغم شجيٌّ ساحر.. وإن جرَّح الطريق يديك عبر محطاته العسيرة.. وإن غَشَت عينيك في لحظة ماسةُ الحيرة اللازم إبصارها شرطا لانفتاح الباب.. إنما هذي الجراح وهذي الغشاوة هي رسوم العبور..
فاسعَ حتى تصل.. واطرق ولا تلتفت..
اطرق إلى أن تغنم النجاة..
فمتى نجوت.. فاصدح بالبشارة لمن ما زالوا خلف الباب يسعون وجلين.