...
كعادة النجوم اليوم حينما ينتقل أحدهم من الغناء أو التمثيل إلى تقديم البرامج باعتبار أن الأمر متشابه، فالشاشة واحدة والجمهور واحد.. انتقلت أنغام من عرشها المكين في الغناء إلى تقديم برنامج تليفزيوني عن الغناء أيضا!
سبقتها إلى هذه الخطوة مطربات كثيرات مثل شيرين عبد الوهاب ولطيفة وأنوشكا وغيرهن.
المهم..
أنا كنت دوما بحكم تخصصي أحاول فهم شخصية أنغام باعتبارها أحب المطربات إلى قلبي دون منازع قريب.. فأنغام بالنسبة لي مطربة مكتملة التركيبة الفنية.. تملك كل شيء.. صوت قدير، وإحساس استثنائي، واختيارات متوازنة، وذكاء فني يجعلها تصعد سلم النجاح بثقة مستحقة.
فكنت أرى في لقاءاتها وحواراتها القليلة شخصية مُعتدة بذاتها، محددة المواقف، قوية الردود، شاملة الفهم.. لدرجة جعلت البعض يراها مغرورة أو قاسية أو غير ذلك.
لكنني كنت أرى في كل ذلك شخصا يعرف ما يريد، وقد سخر كل ما حوله لتحقيق هدفه في أكمل الصور.
أنغام شخص ذكي للغاية ومبدعة حتى النخاع وتملك موهبة لا تتكرر كثيرا عبر الزمان.. وهذه تركيبة لا يسهل اكتمالها جعلت منها نجمة بالفعل.. نجمة متفردة لها مكانة لا تُمس وجمهور يمنحها الحب والولاء وكأنها أحد أفراد أسرته المقربين.
كل هذا كان تحليلي وتأويلي لتركيبة أنغام الشخصية من خلال مقتطفات بسيطة لحواراتها.. لكنها عندما همت بعمل برنامج تليفزيوني تكون هي مذيعته.. أصابني بعض الجزع.. لماذا يا أنغام؟! أنت لست بحاجة لهذه الخطوة ولا نحن بحاجة إليها منك أيضا.. لكن.. حدث ما أسعد قلبي
أنغام صنعت برنامجها كما صنعت تاريخها.. نفس الدقة وحسن الاختيار والحزم والتنظيم.. ربما بدت أحيانا متحكمة أو رسمية التصرف، لكن ذلك وإن بدا سمة غير مستحبة للوهلة الأولي، فقد كان السبب الأساسي في تحقيق الصفة الوحيدة التي يفسد غيابها هذا النوع من البرامج.. تلك الأريحية الزائدة التي تحيل جلسة فنية إلى جلسة عائلية لا نعرف الهدف منها ولا نجد لها مسارا واضحا.. على العكس، كانت نوايا أنغام واضحة تماما.. هي تريد أن تصنع منتجا فنيا من جنس آخر غير ما اعتادت عليه وهو الغناء.. لكنها في هذا المنتج ستصنع مزيدا من المجد للغناء ولأهله ممن يستحقون التمجيد.. جهزت أسئلتها بعناية.. وكانت تطرح السؤال تم تنصت للإجابة إنصاتا حقيقيا.. وتتدخل في الوقت المناسب بإضافة لطيفة أو رد فعل محسوب جيدا ككل أفعالها.
اتضحت نوايا أنغام في صنع منتج مختلف المظهر لكنه يخدم نفس الهدف الذي منحته عمرها كله.. إن تصنع غناءا سليما فنيا ممتعا للسامعين.. وكان افتتاح الحلقات بنجم في مقام مدحت صالح أكبر دليل على هذه النوايا القوية لديها.
كانت نوايا أنغام خفية أحيانا وواضحة أحيانا.. لكنني اليوم تأكدت منها ووجدت الدليل الذي لا يقبل الشك.
غنت مع مدحت صالح واستمعت لغنائه وعرفت حكاياته وأسبغت عليه في اللقاء من طبيعتها الرصينة فكان مدحت نفسه مواكبا لها، يتحدث بهدوء وتفكر كما تتحدث.. وإن أحسن الغناء كما يفعل دائما.. فمدحت صالح لا يضاهي جمال غنائه أحد.. بل لعلني أقول أنها تأكدت من علومها الغنائية بصحبتها له.
نوايا أنغام دائما لصالحها.. هذا أمر لا شك فيه.. لكن لحسن طالعنا أنها كانت لصالح الفن الصادق أيضا.