Marking myself safe of the trend

...التريندات خلصت؟ هبطت؟ هاه يا أوستاذ؟ تمام يا أبله؟

بالصدفه لسه مخلصه استماع لرواية (أربطة) من الأدب الايطالي المعاصر.. المفروض نسبه لرباط الحذاء.. وطريقة ربطه المميزة اللى انتقلت من "ألدو" بطل الرواية ل"ساندرو" ابنه...لكن فى الحقيقة هى عن الأربطة اللى بتشد الأسرة لبعضها...و عن عواقب التخلى عن هذه الأربطة...

القصه بسيطة الحبكة...معظمها صوت داخلى للابطال...بتبدأ بهجوم همجى على بيت العجوزين "ألدو" و "فاندا" ...و احنا عارفين من الصفحات الأولى أن ألدو هجر زوجته فاندا عشان يعيش مع شابه جميله "ليديا" فى قصة حب متحرر...بيهجر عائلته لمدة أربع سنوات وبيرجع بعد لقاءه باولاده "ساندرو" و "آنا" وشعوره بالحنين لهم...وبعد محاولة إنتحار فاشلة لزوجته وأمهم "فاندا"..

الرواية هى سرد لما بعد نزوة أنانيه لرجل تزوج فى سن مبكر نسبيا واكتشف بعد ١٣ سنه أن الحياة فايته منها كتير...و عودته للعائله تبدو نهاية سعيدة..لكنها فى الواقع فصل آخر من تعاسه عائله انقطعت روابطها ببعضها بشكل مباغت...زوجته و نوبات غضبها المتكررة.غضب والم مكبوت بينفجر من وقت لآخر سواء في وش ألدو أو الأولاد...شعورها الدائم أن زوجها رجع عشان الاولاد لكن هى لا تساوى بالنسبة له شىء...مطاردتها الدائمة لذكرى "ليديا" الفتاة اللى جوزها هجرها عشانها...غضب و ألم فضلوا مصاحبين لفاندا وهى على مشارف الثمانين من العمر...ألدو..على الجانب الآخر..شايف أنه لم يفعل شىء سوى البحث عن السعادة..وان الزواج مؤسسة قديمة وعتيقة بالنسبة لشخص تقدمى مثله...وايه يعنى؟ بنعيش معاه مراحل نسيانه لأولاده فى أوج موجه الحب الأولى ما ضربته... بعدين تذكره لهم بالتدريج لما بيشوف أطفال مع آبائهم... محاولة إنتحار فاندا وانتباهه لما صارت إليه الشابة الجميلة المتوهجة اللى اتجوزها ...تحولها لسيدة نحيلة مشبعه بالمرارة والاكتئاب والغضب...لقاءه مع أولاده و سؤال ابنته آنا عن طريقته لربط حذاءه وازاى انها غريبه جدا..والوحيد اللى بيربطها زيه هو ابنه ساندرو..الرابط بين الأب وابنه من ناحيه..و بداية انزلاق ألدو لاتجاه التفكير فى التزام جدى ودائم تجاه عشيقته ليديا ...بس هو متحرر وتقدمى..جواز ايه؟ بتكون النتيجة أن ليديا بتهجره ...لأنها بتبحث عن الزواج والاستقرار...و بيظهر فى باقى الرواية كشخص خانع أمام زوجته دائما..شعور الذنب خلاه سلبى تماما فى كل ما يخص البيت والأولاد...مع خيانات سرية متتاليه عشان يقنع نفسه أنه بيسخر من زوجته بينه وبين نفسه...بنكتشف أن أم ألدو حاولت الانتحار برده قدامه زمان بسبب عنف أبوه وضربه المتواصل لها...عشان يستلم ابنه ساندرو الراية ويكرر pattern التصرفات المسيئه و يخون زوجته و يخلف طفلين من عشيقات غير طفلين من زوجته الشرعية...

آنا ...الطفلة المصدومة بعد هجر أبوها للبيت وهى عندها ٨ سنوات..نوبات قىء مفاجىء بتستمر معاها لسنين..شعور بالذنب لأنها ضرورى عملت شىء بشع تتسبب أن أبوها يهجرها...ايه الشىئ دا متعرفش..شعورها بالذنب للحالة اللى وصلت لها أمها...تراكم مشاعر الذنب بيحولها لكائن متبلد المشاعر...غير قادر على الحب...شعورها بالذنب ناحيه وجودها...اللى اتسبب أن أبوها يرجع لامها ويكون عبد لتسلطها الانتقامى...بنكتشف فى الآخر أن الهجوم على البيت قام بيه ساندرو وآنا...تدمير البيت اللى ابوهم وأمهم رجعوا لبعض عشان يحافظوا عليه...بينما الاولاد بيكرهوا البيت ومازالوا عايشين بكل الأربطة من المشاعر السلبية اللى بتربطهم بالبيت دا..حتى وساندرو عنده خمسين سنة و آنا قرب ٤٥..مش قادرين يفكوا من تجربتهم المريرة فى البيت المقفول على خراب...

التريند ؟ الحقيقة أن الأربطة دى هى الالتزامات العائليه ..قرار الزواج هو التزام ..رباط..اختيار المفترض أنه واعى وحر ..ومع كل اختيار كما قال العم شوبنهاور...هناك تخلى..تخلى عن آلاف السيدات الجميلات و تحمل مسئولية بيت و زوجة بالنسبة للرجل..و اختيار بالتخلى عن وقت ومجهود و تحمل مسئولية حياة كاملة وإدارة بيت بالنسبة للزوجة...قرار الانجاب هو التزام... برعاية مخلوق مخترش ييجى للعالم بمزاجه ...و أهله ملزمين ناحيته بسلامه صحته الجسدية والنفسية و توفير الأمان و السند لحد ما يقدر يقف على رجليه...و الأبناء بالتالى ملزمين تجاه الآباء بالمساندة والاحترام والحب...كلها روابط بتتكون بصعوبه وبتحتاج مجهود..فسخها وقطعها بيكون لعنه وزلزال بينزل على الأسرة كلها...

ملزمه...مش ملزمه..انت ملزم...لا مش ملزم...همممم...اسمحوا لي..هو احنا كلنا ملزمين والمشاكل بدأت من قرون طويلة..لما مجموعات من البشر سنوا عادات وتقاليد..و أدوها قوة حجه ادعوا انها مستمدة من الشرع..رمت كل الإلتزام على طرف واحد...و شالتها كلها من على الطرف التانى... القرآن بيوصف الجواز أنه ميثاق غليظ..مودة ورحمة..سكن وصحبه...لو حضرتك قرأت تعريف الزواج وعقد الزواج عند فقهاء كتير...يعف اللسان عن ذكر تعريفهم للزواج..أكثرهم أدبا قال إنه عقد تملك يحل للرجل به الاستمتاع بالمرأة..و كل المواضيع بتدور فى فلك الاستمتاع بدون النظر للأسرة إلا فيما ندر...رؤيه غريبه جدا..وبعيدة عن نص القرآن جدا...توابعها فى backlash أو نيران عكسية ضربت دلوقتي..طب أنا مش ملزمه ومش ملزمه ومش ملزمه..والفاتحه مش حافظينها وغوروا كلكوا من وشى....البعض ركبها تريند...لزوم الشير ...أو الشقط... البعض ركبها من ضمن موجه السخرية من كل شيء...أو الضرب بنفس السلاح...حترمينى بالشرع...حأكلمك برضه بالشرع..رغم أنه ولا شرع ولا حاجه..دى عادات من مجتمع معدش موجود..سيدات قريش الأغنياء مكنوش بيرضعوا ولادهم...وأجرة الرضاعه على ابو الولاد.....كتير تبنوها بدافع من المرارة الناتجة عن تراكمات...ودى اللى تخوف..بيوت كتير مقفوله على مرارات متراكمة..لعنتها بتتنقل من جيل لجيل...شايل روابطه القديمة ببيت أهله معاه و بينتج مشاكل جديده...مع وجود الميديا أصبح الكل له منبر يتكلم عليه ...بقى كله بيزعق فى كله زى عشه الفراخ وكله بيكاكى فى صوت واحد ومحدش سامع التانى لحد ما فرخه تكاكى أعلى من الباقيين..يبصوا لها شويه ونركب التريند .. وبعدين البيوت تتقفل تانى على مرارات متراكمة وعقد بيشيلوها فى شنطهم وهما بيعزلوا من بيت لبيت..ومن جيل لجيل...

الحقيقة احنا كلنا ملزمين..ملزمين باللطف .. ملزمين بالرحمة ...ملزمين بطول البال و تفهم طرف العلاقة الآخر... ملزمين بحسن الظن بيه ... ملزمين بالوجود جنب بعض فى كل وقت الحلو منه والوحش ... ملزمين بالاحترام المتبادل...و تقدير المسؤولية المرميه على أكتاف كل طرف... ملزمين بتهوين التعب على بعض...و ملزمين بالطبطبه..الكثير من الطبطبه..ووقت ما بنفتح بيت لازم تبقى فاهمين أن كل دى التزامات علينا...مش أدها متفتحوش ودا حقك...و الإلتزام على الطرفين بدون جور من طرف فيهم على الاخر..و تخلى طرف عن الالتزام برباط واحد أو التزام واحد بسبب تداعى للأسرة كلها....

طول ما فى تريندات مش حيبقى فى مراجعة حقيقية للأوضاع الاجتماعية...و حنفضل مجتمع طفولى غير مسئول ..نصه معندوش استعداد يتحمل مسؤولية كما يجب وبيعيد انتاج الخراء زى "ألدو وساندرو" ..ونصه التانى حانق وغاضب و انتقامى زى "فاندا" أو كاره لفكرة الأسرة تماما ورافض إنجاب الأطفال زى "آنا" ....