أكتوبر الثالث 11
كان اسمه (على) ،خريج حقوق ومجند من حوالى سنتين..خاطب واحدة جارته وقرب يتجوز...
أحد افراد الوحدة كان جاره، دخل بعد الأجازة وانهار (مقدرتش أقولهم ...أمه فضلت تسأل عليه وانا اقولها كله تمام...وخطيبته نادت عليا وانا نازل على السلم ...قالتلى قوله احنا خلصنا كل حاجه وفاضل ييجى عشان نختار ألوان الستاير ...والنبى لتحاول تخليهم يدوله أجازة عشان نخلص فرش البيت)
يتذكر أبى عليا جيدا، وأسماء اخرى مع بقايا من رواياتهم..و روايات أخرى لأسماء لن يذكرها أحد
------------------------
أبناء الصمت
حدود معرفتى عنه انه فيلم ..لحد من حوالى شهرين لما اكتشفت انه مأخوذ عن رواية لروائى مصرى برده معرفوش..مجيد طوبيا..لقيتها بالصدفة بتتباع اونلاين على موقع اسمه BiblioBike ..مكنتش متحمسة لقرايتها اوى لانى اصلا عندى قفله من كل الأفلام عن حرب اكتوبر ومبحبهمش..
اكتشفت حاجه تانيه فى وسط ما انا بأقراها..اد ايه الواحد مننا بيتغير كل ما يكبر ورؤيته للحدث الواحد بتتغير مع الوقت، كنت باكره الفيلم عشان مش بيركز على الحرب ولا البطولات ..زى اى حد اتربى على افلام فان دام وبيعجبه الشجيع اللى بيضرب الاشرار..بوبوووم بوم طاااااخ طاااخ...لكن لما كبرت قدرت وفهمت بعد تانى للحدث...الحياة..التفاصيل اللى كل واحد اتخلى عنها وهو رايح يحارب و استشهاده قد لا يتعدى (جزء من تدريب عملى)..التخلى عن الحياة و ابعاد نفسيه المقاتل او ما تطلق عليه سفيتلانا الكسيفيتش حبيبتى حبيبتى (تاريخ حبة الرمل) ..كل اللى الشعارات بتداريه وتخفيه وهى بتتكلم عن الشجاعة و الصمود ..بس مش بتتكلم عن الأب اللى سايب مراته حامل ومش عارف راجع ولا لا...أحلامه المشروعة العادية جدا وهو بيسيبها و يتمرغ فى الرمل ..ويصاحب ناس ويفقدهم..كانوا خايفين..لأنهم بشر...و لهم أهل واحباب وحياة كاملة اتخلوا عنها..جزء منهم عايز يرجع زى صابر بطل الرواية (يعلم العيال و يراعى الجدى اللى مشارك اخته فيه و يأكل الوز اللى امه مربياه) ..
فجأة بتقدر تخليهم عن الحياة فى حد ذاته أكتر من تقديرك لانتصار عسكرى أو تنفيذ خطط او او او...حياتهم اللى اتسرقت منهم وهما بيدفعوا تمن غلطة مغلطوهاش
أبناء الصمت لو اختصرتها حتكون فى الجملة الأشهر فى الفيلم
جيل بيغلط وجيل بيدفع الثمن
بين مجدى وسمير ومحمود وصابر وعوض..حتعيش مع جيل أهلنا وهو بيدفع الثمن ..من احلامه وصباه ..من قلق وخوف وحزن أهله..من ولاده ...بتبدأ بإغراق المدمرة إيلات قدام سواحل بورسعيد وبعدها انتقام العدو الغبى فى ضربه لمصافى البترول فى الزيتية بالسويس...وبعدها ضرب المدنيين فى السويس نفسها (عايزين يوصلولك ان ملهمش سقف..وملهمش آخر..وأعلى ما فى خيلك أركبه..ومفيش حقوق انسان حتتحرك..وحنضربكم لحد المدنيين ومحدش حيقول بم)..تحول فكرة الثأر من الثأر الوطنى للثأر الشخصى عند محمود السويسى اللى امه استشهدت فى قصف السويس جوه بيتها وكأنها اتفاجئت انها بتموت وملحقتش تتألم زى ما هو وصفها...استشهاد افراد المخبا واحد ورا التانى و خوف كل واحد منهم من اللى جاى وحزنهم على بعض...
و على الجانب الآخر..رصد لصنف تانى من البشر عايش حياة غريبة ملهاش لا معنى ولاهدف غير المسخرة لامؤاخذه..وكأن هى الدنيا طول عمرها كدا..او البلد دى يمكن هى اللى طول عمرها كدا..مجموعات مفيش بينهم نقطة اتفاق..الا لو شخص زى (احمد راجى) مدير التحرير اللى قرر يتخلى عن مبادئه و يعيش هلاس ومنافق..بس قفلت انه لا عارف يموت المناضل القديم جواه ولا عارف يرتاح وسط الهلاسين
الكلمة الموجعة جدا على لسان محمود أحد الأبطال لما عرف ان نبيلة الصحفية بتعمل تقرير عن تضحيات مقاتلى الجبهة عشان دا حقهم ولازم الناس تعرفهم..بيقولها (قلبك أبيض) ..الموجع انى عارفه ان نبوءته السوداويه اتحققت وان محدش بيفتكر الناس دى بجد...رغم ان الفيلم تم انتاجه بعد سنه واحدة على العبور..لكن تقريبا هى طول عمرها ماشيه كدا..والغريبه اننا عارفين..
الرواية بتنتهى قبل العبور..آخرها متكروت وركيك شويه...لكنها فى المجمل جميلة جدا و ممتعة..لغتها سلسة لكن مش مبتذلة..مش مملة اطلاقا...انا حبيتها..معرفش اذا كنت حأحاول اشوف الفيلم تانى ولا ايه..لكن اللى اعرفه انها بتقدر الجانب اللى محدش بيوليه التقدير الكافى
----------------------
تبهت الذكرى مع كل عام يمر..تحكم الأهواء والمصالح و التنظيرات السياسية موقف كل منا فى هذا اليوم..ينكره البعض فى عداء يتدرج بين كراهية السلطة وحتى كراهية البلد نفسها...يتهكم البعض على الذكرى من منطلق (لتنظروا الى خيتكم الحالية) ..
لا تهمنى السياسة..انا امقتها واحتقر كل ما ومن ينتسب لها...
لكنى فى النهاية..أرى ان هناك سبب واحد يجعل هذا اليوم جدير بالتأمل
وهو الإحتفاء بذكرى آلاف الفتية، ممن لم تتح لهم فرصة اختيار ألوان الستائر..