في الحياة، لا تتصارع الأشياء بقدر ما تسعى إلى توازنها.
فالعقل ليس ضد القلب، والمنطق لا يلغي الإحساس، لكن حين تشتد العتمة، لا تهتدي الخطى إلا بنور الفكر ووضوح الرؤية.
نعيش مشاعرنا بصدق، ونمنحها حقها من الدفء، لكننا لا نُسلّم لها القيادة كاملة، لأن القلب وحده لا يلحظ العثرات، ولا يسمع صوت الانهيار القادم.
ولأن العقل ليس جامدًا كما يُشاع، بل هو الحارس الذي يهمس في اللحظة الحرجة:
"قف… هذا الطريق موجع".
أما الغيب، ذلك الباب المستور، فليس لنا أن نحاكمه بمنطق البشر.
نؤمن به، ونمضي فيه بثقة لا تحتاج إلى تفسير… لأن الإيمان لا يُبنى على المعادلات، بل على الاطمئنان.
فنحن لا نُحاكم قَدَرَنا، بل نحسن الظن بمن كتبه بحكمةٍ لا تَخفى، ورحمةٍ لا تنقطع.
وحين نحب، فإن للحب منطقه الخاص… منطق لا يُدرَك بالعقل وحده، ولا يُفسَّر بالشعور فقط.
إنه مزيج خفي من وضوح ونبض، من حكمة واندفاع، من بصيرة واحتياج.
فالحب لا يكون ساميًا إلا إذا مرّ من بوابة العقل، واستظلّ بسقف المنطق، واتكأ على قلبٍ لا يجهل طريقه.
نحن بحاجة إلى قلوب تعرف كيف تحب، وعقول تعرف متى تكبح الانجراف.
نحن بحاجة إلى الإيمان الذي لا يُجادل، بل يُنير،
وإلى الحب الذي لا يُعمي، بل يُهذّب.
لأن الحياة ليست صراعًا بين ما نشعر وما نعرف،
بل هي بحثٌ عن اتساق يجعلنا نعيش بسلامٍ مع ذواتنا… ومع الآخرين.
إذاً:
العقل ليس خصمًا للمشاعر، ولا الإيمان ضد المنطق.
بل الإنسان المتّزن هو من يمنح كل شيءٍ مقامه:
يحب بقلبٍ واعٍ،
ويفكر بعقلٍ يشعر،
ويؤمن بثقةٍ لا تحتاج لتبرير.