في قفصٍ مذهَّب،
كانت الطيور تغنّي،
يملأ الفضاء صوتٌ رقيق،
يحمل شوقًا غامضًا إلى السماء.
لكن طائرًا بينها صمت،
نظر إلى قضبان القفص وقال بمرارة:
"لن أكون حرًّا ما دام هذا الريش الجميل يُقيدني!
سأنزع عني كل ما صنعه الخالق،
حتى أتحرّر من هذا الجمال الزائف!"
هزَّ الطير العجوز رأسه بحكمة، وقال:
"يا ولدي، ليست القيود ما يثقل الجناح،
بل الجهل بما يرفعه."
غير أنّ الطائر لم يُصغِ،
فبدأ يخلع ريشه واحدًا تلو الآخر،
حتى صار جسده هشًّا،
يرتجف في فراغٍ لم يألفه.
وعندما فُتح باب القفص أخيرًا،
اندفع نحو الضوء بجنونٍ وفرحٍ،
رافعًا ما تبقى من جسده المُنهك،
لكنّه ما إن حاول الطيران…
حتى اخترقته الأرض بحجارتها الباردة،
عاريًا لا يملك ما يرفعه، ولا ما يستره.
في تلك اللحظة الحاسمة، أدرك متأخرًا:
أن الحرية لا تُنال بخلع الجمال،
بل بمعرفة أين تضع جناحيك.
وفي عالمنا اليوم،
كم من إنسانٍ ظنّ أن الحرية نزع ريش القيم،
وأن العريّ هو الضوء،
فخلع عن نفسه ستر الحياء،
وسقط على عتبات الحضارة الزائفة،
بلا روحٍ ولا هوية.
إنها حرية تُغري بالتحليق،
لكنها تنسى أن السماء
لا تفتح أبوابها إلا لمن يعرف كيف يطير.
فليحذر كل طائر فينا،
أن يخلع ريشه قبل أن يتعلم كيف يطير.





































