✴️ مقدمة: سطور في حافة الوجود
نكتب لأننا هشّون، لا لأننا أقوياء.
نحن لا نلجأ إلى الحروف لنتذوق جمالها، بل لأننا نبحث عن طوق نجاة في محيطٍ من الأسئلة التي لا إجابات لها.
هنا، حيث تضيق المساحات وتغدو الكلمات أضيق من أن تحمل ما في الأنفس، تتحول الكتابة من فعلٍ إرادي إلى غريزة بقاء.
إنها ليست هوايةً نتباهى بها، بل ضرورةٌ تُعادلُ التنفس.
ففي اللحظات التي يصمت فيها العالم، تصبح الحروفُ المعادلةَ الوحيدةَ لإنقاذ ما تبقى منا.
✴️ الفصل الأول: الكتابة حبلٌ فوق جرف الانهيار
نكتب كي لا نتحطم دفعةً واحدة.
كل جملة نخطّها هي إمساكٌ بطرف القلب قبل أن تتبعثر المشاعر في الفراغ.
الكتابة هنا ليست استعراض بلاغة، بل عمليةُ ترميمٍ دقيقة لتلك الشقوق التي لا يراها أحد.
الحروف لا تُزين الألم، بل تُحوّله إلى كيانٍ مفهوم، كالطبيب الذي يضمد الجرح لا ليزيله، بل ليمنع النزيف.
وهكذا ننجو – لا من الألم نفسه – بل من الغرق في بحره الأعظم.
✴️ الفصل الثاني: عندما يعجز الصوت، يتكلم القلم
كم من مرةٍ أحسستَ أن كل شيء فيك يصرخ، لكن لسانك خرس؟
في تلك اللحظات بالذات، تُولد أقوى الكتابات.
نحن لا نمسك بالقلم لنُبدع، بل لنطلق سراح ما يكاد يُدمرنا من الداخل.
حتى الجملة الواحدة قد تصبح سدًّا منيعًا يمنع انهيارك الكامل.
هل سمعتَ يومًا صوتَ قلبٍ يحاول الصراخ؟
هذا بالضبط ما تفعله النصوص الحقيقية: إنها همساتُ أرواحٍ لم تستطع أن تعلن عن جراحها بصوتٍ عالٍ.
✴️ الفصل الثالث: الكتابة مرآة الروح (العودة إلى الذات)
يظن البعض أن الكتابة هروبٌ من الواقع، لكن الحقيقة أنها أصدق عودةٍ إلى الذات.
عندما نكتب، نرى أنفسنا للمرة الأولى كما نحن، لا كما يرانا الآخرون.
نلمس بأصابعنا مواضع الألم التي كنا نخشى النظر إليها، ونتعرف على الندوب التي شكلتنا.
الكتابة هنا أشبه بمرآةٍ لا تعكس الوجوه، بل تعكس الأعماق.
ومن خلالها نكتشف كم تغيرنا، كم نضجنا، وكم من الضوء لا يزال ينبض في زوايانا المنسية.
✴️ الفصل الرابع: استعادة الملامح الضائعة
في زحمة الأدوار التي نلعبها، تضيع هويتنا الحقيقية.
نصبح مجرد واجهاتٍ متحركة، نسخةً مشوّهةً ممّا كنا عليه.
لكن حين نكتب، نستعيد ملامحنا الأصلية.
نلتقي بالإنسان الذي كناه قبل أن يُشكله العالمُ على مقاسه.
هذه هي المعجزة الحقيقية للكتابة: ليست مهارةً نتعلمها، بل هي العودة إلى براءة الوجود الأولى.
✴️ خاتمة: الحروف قاربٌ على بحر العدم
ليست كل الكلمات للزينة... بعضها قواربُ ورقية نركبها في عتمة الليالي.
نحمل عليها أوجاعًا لا تُقال، وننزل منها وقد تشكل فينا شيءٌ جديد.
قد لا نكون كتّابًا محترفين، لكننا في اللحظات التي نكتب فيها، نكون بشرًا بحق.
لأن الحروف – وحدها – كانت الخيط الذي منعنا من السقوط في الفراغ.