أحلم بأن يضيء وجودي الكون، وأملأ الحياة بمعاني الجمال والإنسانية. كم تمنيت أن أكون وطنًا يحتضن المهاجرين، وحبًا وحنانًا يشع في كل الملاجئ. أن أكون قصة جميلة للأطفال، ينسجونها في أحلامهم، ويفتحون أعينهم كل صباح على بريقها.
أن أكون نسمةً رقيقة، تمرّ على الوجوه فتزرع البسمات، وسحابةً سخية تهطل أمطارها لتنبت الحياة في كل زاوية. أسقي الحقول العطشى، وأمنح الأشجار القوة لتزهر، وأبعث في الأرض روحًا جديدة تنبض بالأمل.
أن أكون شجرةً وارفة الظلال، تظلّل المتعبين، وتكون ملاذًا لكل من يبحث عن الراحة والأمان. أن أكون سنابل الخير للفلاحين، أشاركهم جهدهم، وأساعدهم على جني ثمار كفاحهم.
أن أكون بلسمًا يندى على جراح المرضى، يزرع في قلوبهم بذور الشفاء، لا كعلاج عابر بل كيقين يلامس الروح. أن أكون ظلًّا للمناضلين في حرقة الظهيرة، أحميهم من الحروق وأحمل معهم بعض ثقل الطريق.
أن أكون جسرًا من ضباب، يعبر عليه الحالمون إلى مستقبل مشرق، ثم أذوب لأكون نهرًا يحمل أحلامهم إلى البحر. أن أكون نافذة تطل على غدٍ أفضل، ثم أتحول إلى مرآة تعكس لهم جمال ما بداخلهم.
أن أكون حرفًا من أحلام الأطفال، يتراكب مع أحرف الآخرين ليصبح قصة وطن. أن أكون لحنًا يبعث الطمأنينة في النفوس القلقة، ثم يتحول إلى صمتٍ يسمعونه لأول مرة فيكتشفون أنفسهم فيه.
أن أكون ذكرى طيبة تظل نابضة في قلوب من مررت بهم. أن أكون سؤالاً يوقظ الضمائر من سباتها، ومساحة صمت تسمع فيها القلوب صوت حقيقتها.
أن أكون غيمةً تمنح ظلالها ثم تمطر فتعطي بلا حساب، ونسيمًا يحمل عبق الأمل ثم يغيب ليترك المساحة للروح كي تتنفس.
أن أكون فصلًا من فصول الحياة يتجدد فيه العطاء،
وورقة في شجرة الوجود تشي بجمال الخالق،
ونبضة في قلب الكون تذكر بأننا جميعًا...
حب واحد مبعثر بين البشر،
وحلم إلهي كبير ينتظر أن يتحقق.
أن أكون ببساطة... إنسانة.






































