أمي .. أفتقدك في كل شيء
أمي، كيف حالكِ في الغياب؟ هل ترينني كما كنتِ ترينني دائمًا، أم أني صرت شبحًا لا تعرفينه؟ أحتاج أن أناديكِ، أن أدفن وجعي في صدركِ، أن أعود طفلًا بلا حزن، بلا ثقل يجرّني إلى قاع لا قرار له.
أتعلمين، أحيانًا أشعر أن الحياة لم تعد تعنيني، انني أمضي بها فقط لأنني لا أملك خيارًا آخر، أضحك في وجه الجميع وأبكي حين لا يراني أحد. وحدتي أصبحت صديقتي، والوحدة يا أمي ليست كما يظنها الناس، ليست غياب الآخرين، بل غياب الشعور بالأمان حتى وأنت محاط بهم.
يا أبي .. كيف أصبح وجهك مرهقًا إلى هذا الحد؟ كيف صارت نظراتك ثقلًا يزيد على أكتافي؟ أنا لم أختر أن أكون هكذا، لم أختر أن أحمل في داخلي صراعًا لا ينتهي، لم أختر أن أشعر أنني غريب في هذا العالم، فلماذا تحاسبني على ما لا يد لي فيه؟ لماذا تزيد خوفي من الأيام بدلًا من أن تكون ملجأي؟
يا أخي.. ألم نكن يومًا كتفًا لبعضنا؟ ألم نكن نهرب معًا من قسوة الأيام لنجد الطمأنينة في ضحكاتنا؟ متى أصبحتُ عبئًا عليك؟ متى صار وجودي مزعجًا لهذا الحد؟ لم أعد أطلب منك الكثير، فقط لا تدير وجهك عني حين أحتاجك.
أنا لا أطلب معجزة، لا أطلب أن يعود الزمن للوراء، فقط أريد لحظة صدق، لحظة دفء، أن أشعر أنني لا أواجه كل هذا وحدي. لكن يبدو أن العالم لا يمنحنا ما نريد، بل يأخذ منا حتى ما بقي لدينا.
أمي، متى يعود الأمان؟ متى يعود قلبي كما كان؟ .