"سيكون لنا من الأرض قطعة"، كانت ترددها أمي دائمًا بثقة في صغرنا، قبل كل رحلة كساء تلضمنا ببعضنا بعقد من أيدينا الصغيرة، يبدأ بيديها، تتوسطنا كجوهرة.
نمشي كأننا موجة بشرية تأتي من الأفق باستمرار دون أن تنام على الشاطئ.
أمي امرأة مصنوعة من القلق، تمشي بستة صغار في زحام السوق، وبعد كل رحلة كانت ترقد ليلًا كاملاً تستجدي الطمأنينة وهي تراقبنا نفرح بتجربة الملابس.
بعد أن زرعت وليدها الثاني في باطن الأرض، أنبتت أمي خمسة غيره، لكنها لم تنسَ ثأرها مع الأرض أبدًا، تراقبنا في كل حال خشية أن تخطف منا غولة الأرض واحدًا.
إن تأخر أحدنا خارج المنزل، لا تتهم أمي زحام المواصلات ولا أي ظرف منطقي آخر، بل تظن أن الغولة قد خطفته منها.
حلمت أمي بأن يكون لها من الأرض قطعة تبني عليها بيتًا كبيرًا يسكن فيه أطفالها وأزواجهم وما ينبتون من أطفال. وظلت تحفظ المال في ثلاجة الزمن لأجل هذا الحلم. لكن كان لقلبها الضعيف رأي آخر، فقد حققت أمي حلمها وتملكت قطعة من الأرض، ولكن... وحدها.