بعد فترة الحداد انتهت تجهيزات ديكورات الملحق على أكمل وجه وأحدث طراز.
قرر الجد سفر الفتيات بصحبة والداتهم لشراء فساتين الزفاف
وبدأت مراسم حفل الزفاف...
أقيمت الموائد لمدة أسبوع ورقص الخيل والانشاد، فهذا ليس أي زفاف إنه زفاف زينة شباب العزايزه على زينة بناتهم.
يوم العرس تزينت الفتيات كأجمل ما يكون وأخذن يشاهدن أزواجهن يرقصن الخيل ويحطبن وينتصرن على كل منافسيهم ورفضوا التنافس فيما بينهم واحتضن بعضهم بعضًا ثم صعد كل منهم لعروسه وأغلق الباب.
عمار وزهره .......
تسمر عمار أمام جمال زهره الهادئ واقترب منها قائلًا:
- أخيرًا اتحجج الحلم اللي حلمت بيه سنين طويله آني وانتي مجفول علينا باب واحد يا بت عمي، اجرصيني يا زهرتي.
- واه يا واد همي، كيه ده؟
- لا صوح اجرصيني عشان اتوكد إني ما باحلمش.
- ما اجدرش يا واد عمي، اطمن انت ما عتحلمش.
- آني دلجيت نلت كل اللي كنت أتمنى ألجاه، بس باجي بجي اللي ما كنتش حتى أجدر أتخيله في خيالي.
- اللي هو إيه؟
- اللي هو ده.
واقترب أكثر ونظراته تفيض رغبة وحبًا لتقول منبهة له:
- ما صليناش يا واد عمي.
- واه، ما جادرش ابعد أنتي شداني كيه المغناطيس.
- حرام يا واد عمي ما ينفعش.
فقبلها من جبينها
- سلمتي لي يا روح الروح.
وتحضرا للصلاة وصلى بها إمامًا، ثم استدار لها بعد سلامه، وانتظر حتى سلمت واقترب منها ووضع يده على رأسها وقال" اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ خيرَها وخيرَ ما جبلتَها عليهِ وأعوذُ بِكَ من شرِّها ومن شرِّ ما جبلتَها عليهِ"
وابتسم وهو يقول:
- لسه فيه حاجه تانيه ناجصه يا بت عمي وإلا حكايتك ايه؟
- يا واد عمي آني...
ولم تكمل جملتها فقد سكتت شهرزاد عن الكلام المباح
رضوان ورقية ......
ما أن رأى رضوان رقية واقفة في فستانها الأبيض حتى صاح
- الله أكبر جدرني يا رب.
واحتضنها حضنًا قويًا وقال:
- بسم الله.
وهم أن يقبلها لكنه فزع وابتعد
قائلًا:
- يا بوي على تخبيلي، همي يا بت عمي غيري خلجاتك اللي عتخليني آكلك دي، واتحشمي واتوضي عشان نصلوا.
ضحكت رقية
فقال مقطبًا حاجبيه:
- عتضحكي ليه يا رجيه، عتضحكي علي؟!
- ما عشت ولا كنت يا واد عمي.
فابتسم
- طيب يا رجيه الصبر جميل، يالا عشان نصلوا.
وبدلت ملابسها وارتدت إسدال الصلاة وصليا سويًا ثم استدار ودعى بالدعاء ولم يمهلها وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح.
أما جسار ودلال........
بعد أن صلى بها إمامًا
اقترب منها ناظرًا في عينيها، ظلا ينظران في عيني بعضهما والصمت يخيم عليهما، فقط المشاعر والأحاسيس تؤجج نيران الحب، وتفسح الطريق أمام حمم الرغبة والشوق للقاء، ثم اقترب قليلًا حتى أصبحت بدون أن يشعر بين ذراعيه، ضمها بقوة، ثم أبعدها قليلًا لينظر في عينيها ويسبح في بحورهما، لتأسره تلك العينان، ويبحر فيهما، ويجد نفسه بلا أي تخطيط مسبق يسبقه نظره لشفتيها اللتان كانتا تبدوان كالتوت الأحمر، وكم كان مشتاقا للتذوق،
ومضى يأخذ بيدها يسبحان بهدوء في بحار الحب، ليطيرا سويا على أجنحه اللقاء الحلال، وينعما بليلة خيالية، بثها فيها شوقه وحبه وحنانه، كان ما بين نارين، نار رغبته القوية بها، ونار خوفه عليها من أن يكون معها خشنًا أو يؤذيها، لكن حبه لها، مكنه من الموازنة بين ناريه، لتمضي الليلة لهما بأجمل ذكرى ستستمر للعمر كله.
وتم زواج رجال العزايزه
استيقظت دلال وفتحت عيناها لتجد جسار يسند ذراعه بيده وهو ينظر لها متأملًا في جمالها، وما أن وجدها فتحت عينيها حتى قال:
- صباح الشهد على أجمل عيون في بر المحروسة كلاتها.
ضحكت دلال:
- ياه المحروسه كلاتها. (قالتها بلهجته الصعيديه)
فرد:
- لغوتنا طالعه من خشمك كيه الشهد.
- أنا كده هاتغر.
فاقترب منها ممسكًا خصلة من شعرها:
- لو ما كانش جمر الليالي يتغر مين اللي يتغر؟
ثم احتضنها وطارا على أجنحة طيور الغرام.
***
استيقظ رضوان على رائحة كيك البرتقال الذي يعشقه، ونظر بجواره على السرير فلم يجد رقية، ففطن لأنها بالمطبخ، فتسلل بهدوء واحتضنها من الخلف
ففزعت قائلة:
- باه يا واد عمي، فزعتني.
- بعد الشر عليكي من الفزعه، زينة الصبايا عتعمل إيه في صبحيتها؟
- عاعمل لجوزي ود عمي الكيكه اللي خابره إنه ما عيفطرش من غيرها وجهوته السادة.
فحملها بين ذراعيه قائلًا:
- وده وجته برضك؟!
فحاوطت رقبته بذراعيها:
- واه ما عتفطرش؟!
- كيه ده بس هأحلي بيكي اللاول بعدين نفطروا.
وتوجه لغرفة النوم.
**
استيقظت زهرة وتململت في حضنه فلقد كانت متوسدة ذراعه فاستيقظ عمار مبتسمًا لها قائلًا:
- يا صباح الزهر، يا صباح الفل، يا صباح الياسمين، يا صباح الورد البلدي، يا صباح كل أنواع الورد.
ضحكت زهرة:
- كل دي صباحات يا واد عمي.
- أُومال إيه نومتك جاري أكده كان حلم عمري يا زهرتي.
- ربنا يخليك ليا يا عمار، ويجدرني أسعدك.
فقال بجدية:
- طب كنت باجول إيه.
ردت بانتباه:
- جول يا واد عمي.
- عاوزاك في موضوع إكده.
- موضوع إيه؟ خير جول سامعاك أهه.
فشد مفرش السرير غطى به رأسه ورأسها قائلًا:
- تعالي بس وانتي عتعرفي.
وقد كان ما كان.
***
مرت الأيام على عشاقنا ما بين تلقي التهنئة من الأقارب، والغوص في محيطات الغرام، ومحاولة إطفاء لهيب الشوق الجارف، أو محاولة السيطرة على حمم الرغبة المستعرة.
بعد حوالي شهران سقطت زهرو مغشيًا عليها، فحضرت طبيبة العائلة لتكشف عليها وكان معها بالغرفة رقية ودلال والكل في حالة قلق عليها لكونها ضعيفة الجسد وفجأة سمع الجميع صوت الزغاريد، وخرجت الطبية تهنئ عمار بأن زهرة حامل لكن يجب أن يعتني بها عناية خاصة لأنها ضعيفة، وحددت لها موعدًا لزيارتها
فطالبها الجد بتوقيع الكشف على دلال ورقية أيضًا، فقامت بعمل تحليل حمل منزلي لـرقية وظهر حملها وتلقت التهاني
فقال الجد:
- ودلال يا دكتوره.
فردت دلال:
- أنا مش حامل يا جد أنا متوكده.
فصمت والحزن على وجهه، غادرت الطبيبة بعد أن كتبت لهما ما ستتعاطينه من دواء، ونبهت عليهما بالحضور في أقرب وقت لعمل السونار والاطمئنان على الجنين.
ودخل أحد الغفر ينادي على الحاج فارس:
- يا حاج يا حاج.
- رايد ايه يا ولد؟
قال الغفير وهو مطأطأ رأسه احترامًا للحاج فارس ولحريم الدار:
- فيه حرمه بره بتجول إنها مرت جسار بيه ومعاها عيل صغير بتجول إنه ابنه!
فزعت دلال من جلستها قائلة:
- نــــعــــم! مرات مين؟ وابن مين؟ وسع كده.
علا صوت الجد:
- دلال على فين؟ الزمي جعدتك، وما اسمعش حسك لغايه ما أديك إذن الحديت.
- بس يا جد!
- دلال.
فصمتت دلال وهي تغلي
ووجه الكلام للغفير:
- دخلها يا ولد.
دخلت فتاة تتهادى في مشيتها ترتدي ملابس ملتصقة بجسدها، بنطلون من الليكرا باللون الأحمر وبدي أسود وجاكت خفيف وتضع على وجهها علبة من مساحيق التجميل وتحمل على يدها طفل صغير.
- كلام إيه ده اللي جايه تجوليه؟ يا اللي ما نعرفكيش انتي، مين وزك ترمي بلاك على ولدنا؟ جولي الحج وليكي الأمان ومكافأه كمان.
قالها الجد
ردت بأسلوب سوقي:
- لا يا راجل يا كبره، ارمي بلايا! قال بلايا قال، لا ده انت تقف كده معوج وتتكلم عدل، يا عنيا مش عشان ما أنت راجل كبير تهزءني، لا أنا ليا حقوق والواد ابني ده ليه حقوق ما حدش وزني عليكم، ده ابنكم من صلبكم وشرعى، أنا متجوزه أبوه عرفي عند محامي مش ورقتين مضروبين.
رد الجد مستهزءًا:
- يا ما شاء الله على الأخلاج، وإيه اللي يثبت كلامك ده، في الأول والآخر كلام، طج حنك.
- لا اللي يثبت معايا يا نظري اتفضل.
وفتحت حقيبتها ذات تشكيلة الألوان الزاهية وأخرجت ورقة أعطتها له مكملة حديثها:
- جسوره متجوزني عرفي وزي التاريخ اللي قدامك ده من سنه وكام شهر كده وزي ما قلت ده عقد عرفي عند محامي وبيانات شهود كامله، أنا ما ليش في الشمال.
وبدأت في تصنع البكاء
- خد غرضه مني ورماني، ولا فكر يسأل عليا حتى، ولما رحت قلت له إني حامل كرشني من شقته، وقالي بالصعيدي (لو شفتك تاني عاجتلك)، وأنا خفت ومشيت أصله كانت العفاريت كلها بتتنط من عنيه، خفت يقتلنى، بس الدنيا ضاقت في وشي، واتمرمطت بالواد والله، وحرام قوي يبقى أهله ناس كبره كده وأتمرمط أنا، ولو جسار مش عاوزنني يطلقني ويآخد ابنه، وأنا أشوف حالي بقى، ما هو سايبني كده زي البيت الوقف لا مني متجوزه ياخد باله مني ويشوف طلباتي، ولا منى مطلقه أقضي عدتي وأتجوز حد يراعيني، أنا مش جايه اتلزق فيكم، تقدر تقولي يا راجل يا كبره أنهو كباريه ده اللي هيشغل رقاصه بابنها؟!
فتح الجد عينيه اندهاشًا:
- رجاصه! صوح إكده شكلك ما يديش غير رجاصه.
فردت معترضة:
- ومالها الرقاصه يا كبير، لا أنا مش أي رقاصه، ده أنا زيزيت على سن ورمح، إسال عني في أيتها كباريه في شارع الهرم يقولولك زيزيت جدعه وبميت راجل، إياك تكون فاكر إني من اللي كل شويه لازقه في راجل، وإلا طالعه مع ده وداخله مع ده، لا أنا أشرف من الشرف وعمر ما حد لمسني غير يا شرعي يا عرفي، الحرام يا نظري ما ليش فيه.
صمت الجد مفكرًا ثم قال:
- لافيني الواد الصغير.
فقالت ضاحكة:
- لافيني يعني اديني، صح كان جسوره بيقولهالي كده لافيني السجاير يا زوزه، اتفضل يا حاج.
فحمل الصغير ولكأنه قطعة من جده جابر وهو في مثل عمره فقال متعجبًا:
- يا بووووي يا حاجه دلال خدي الواد شوفيه.
دلال الكبيرة حملت الطفل قائلة:
- والله ما أنا عارفه أجول يا مري، وإلا أجول إيه، الواد كنه جده جابر وهو صغير.
وتململ الطفل فانكشفت ساقه لتجد بها وحمة سوداء على شكل عنبه فقالت ضاربة صدرها:
- واه حتى دي كومان.
دلال الصغيرة كانت تجلس كالصنم لا تدري في أي صدمه تفكر بزواج جسار، الذي أصبح بالنسبة لها الهواء الذي تتنفس، أم في أنه عندما تزوج كان زواجه من راقصه، أم بولده الذي ظهر له.
دخل جسار الذي ما أن رأى زيزيت حتى أضحى كالثور الهائج صائحًا
- إنت يا جادره ليكي عين تيجي أهنه؟!
ورفع يده ليضربها ركضت زيزيت لتختبئ خلف الحاج فارس الذي أمسك يد جسار قائلًا بغضب:
- نزل يدك دي اللي شكلي عاقطعهالك واجعد.
جلس جسار وهو يغلي وينظر لـدلال التي كان شكلها يوحي بالنار المشتعلة بها
فقال:
- ما تصدجيهاش يا دلال ما تصدجيهاش.
وقام واقفًا
فقال الجد:
- ما تصدجهاش في إيه وإلا ايه؟! تعال شيل العيل ده من أمك وجولي إكده ولدك ده وإلا لا؟
- لا مش ولدي، وعنحلل.
قال الجد مؤكدًا:
- ما انت عتحلل، بس آني باجولك إنه ولدك، الواد حته من أبوك في سنه ده، وشايل نفس وحمة العنب اللي عند أبوك.
جلس جسار من صدمته فلقد أحس أن دلو من الماء المثلج قد سكب على رأسه
جاء جابر ووهدان فلقد كانا بالخارج
وأردف جابر قائلًا:
- خبر إيه مالكم، كأن ميت لكم ميت، ده إحنا جينا عالأخبار الزينه بحمل رجيه وزهره، مبارك يا بنته (هزت الفتاتان رأسيهما فقط) إيه الحكايه حد يفهمنا مالكم؟!
ناولته الحاجة دلال الصغير فحمله وقال:
- ما شاء الله يا رب بارك وكبر (ونظر له جيدًا) وقال كن الواد ده من دمنا ابن مين في العيله؟ آني فاكر ان ما حدناش حد مخلف جديد.
قالت له أمه:
- ناظر على رجله اليمين يا ولدي.
فنظر متعجبًا:
- واه يا أما عنديه وحمة العنب كيه اللي عندي في نفس المكان!
أومأت أمه قائلة:
- ده ولد ولدك.
صاح جابر متسائلًا باندهاش:
- ولد ولدي مين يا أما؟ آني مش فاهم.
قال الجد:
- الكل يجعد وآني هافهمكم، البنته اللي هناك دي رجاصه، اسمها زيزيت ولدك جسار اتجوزها عرفي والورجه معايا وده ابنه منيها، والست جايه مستنجده بينا يا ابنك يعترف بيها وتبجي معاه مرته وأم ابنه، يا يطلجها وناخدوا الواد وهي تشوف حالها.
- يا بوي!
قالها جابر وهو يقف من جلسته متوجههًا لجسار رافعًا عصاه قاصدًا أن يهوي بها عليه:
- رجاصه يا ولد الفرطوس.
هدر الجد قائلًا :
- عنديك يا جابر إيه ما فيش احترام لجعدتي دي وإلا إيه؟
أدرك جابر فداحه خطأه فأنزل عصاه
- آسف يا بوي العمي صابني من الجهره اللي حاسسها.
فقال الجد متحسرًا:
- الظاهر إن عيلة العزايزه كلاتها صابها العمي.
وصمت مسندًا كفيه على عصاه ومسندًا رأسه على كفيه وظل صامتًا هكذا فترة.
والكل مشاعره مضطربة لا يعرفون حتى بم يجب أن يشعروا.
ودلال حرفيًا تغلي إنها تستشيط غضبًا كالبركان لكنها لا تستطيع مخالفة أوامر الجد.
ثم ضرب الجد الأرض بعصاه وانتظر الجميع ما سيحكم به
- هانطلعوا على البندر دلجيت عشان تحليل الواد، واللي أنا عارف إنه ولدنا، بس لازم نتوكدوا رسمي، لما النتيجه تطلع عيعجد جسار علي زيزيت عجد رسمي عشان نثبتوا الواد وعجابًا لجسار عتفضل زيزيت على ذمته عشان يتربي
(ونظر لزيزيت)
هي كله واحده هتبجي وسطينا كيه الحريم اللي جصادك دي وعتمسحي من راسك شغلانتك وتنسي أي حد كتي تعرفيه وآني كفيل إن أي حد كان يعرفك ينساكي
"انتي اسمك الحجيجي إيه؟"
- قمر يا حاج اسمي قمر.
- موافجه على حديتي ده يا جمر؟
أومأت:
- موافقه يا حاج، موافقه حد يلاقي الحلال ويقوله لا.
- يالا بينا تعالي معاي يا دلال.
لم ترد دلال وقامت مع جدها وبعد خطوتين سقطت فاقدة للوعي وسط صراخ الجميع
جاءت الطبيبة وكشفت عليها قائلة:
- عنديها صدمه عصبيه يا حاج، هتفضل نايمه كده تفوق وتصحي كام يوم، ادوها بس الدوا وخلو بالكم منيها.
- ما دمنا اطمنا على دلال يبجي يالا.
ونادى:
- جمر.
- أيوه يا حاج.
فنظر لها من رأسها حتى قدميها وقال مخاطبًا زوجته:
- لافيها عبايه وطرحه يا حاجه دلال.
وارتدتهما قمر قائلة:
- الله الحشمه حلوه برضه الظاهر توبتي هتتقبل على ايدك يا حاج.
وصلوا البندر وقاموا بعمل التحليل وستظهر النتيجه بعد اسبوعين.
أمر الحاج بالكشف كشفًا شاملًا على الصبي وعمل كل التحاليل الطبية له وإعطائه التطعيمات.
عادوا للقصر كان الطفل يبكي فقالت قمر:
- شوية مياه ربنا يكرمك يا حاجه أعمل رضعه لتامر.
قالت الحاجة دلال باستنكار:
- انتي ما عترضعهوش من صدرك؟!
فردت قمر بأسف:
- لا يا حجه ما فيش لبن، يا ريت كان عندي، كان وفر عليا، ده هالكني مصاريف لبن وبامبرز والله ضيع القرشين اللي حيلتي.
فقالت الحاجة دلال:
-نادمي على حد يعمله رضعه يا مليحه، وبعديها شيعي حد يشوف له مرضعة زينه تيجي تجعد هنيه عشانه لين ما يتم سنتين.
سأل الجد:
- هو عنديه أربع شهور مش إكده يا جمر؟
وافقته قمر:
- إكده يا حاج، لغوتكم حلوه.
فقال موجهًا كلامه لجسار:
- جمر هتنام في جناحك يا جسار بيه.
استنكر جسار ذلك:
- فين في جناحي يا جد مع دلال؟!
أكد الجد على كلامه:
- إيوه الجناح فيه مجاعد كتير يتجهز لها مجعد مع الواد.
قالت قمر:
- تامر يا حاج اسمه تامر يا خويا.
فاستنكر الاسم:
- لا تامر إيه ما فيش توامر لما يجي بس التحليل عاسميه.
- اللي تشوفه أنا طوعك يا حاج.
فقال الجد مخاطبًا الحاجة دلال:
- يا حجه دلال عطيها خلجات من عنديكي، وبكره جوزها ياخدها يشتريها خلجات، ويا جسار بيه حسك عينك تودرها بكلمه، وإلا تمد يدك عليها.
أعلن جسار موافقته على مضض:
- حاضر يا جد دلال فينها؟
- دلال في جناح أبوها، لما تبجي زينه عانزلها جناحك وما تجربش صوبها إلا لمن أجول، كفايه عليها اللي عملته.
جاءت مليحة بالطفل وقد تناول رضعته فحمله جابر قائلًا بسعادة:
- والله الحاجه اللي مخلياني متحمل اللي عملته هو الواد الحليوه ده، ربنا رمي محبته في جلبي وجلب سته.
كل من بالمنزل كانوا غير مصدقين لما حدث
صعد عمار وزهرة
- يا بوي يا جسار، بجي كنت معاها لما تسافر مصر عاد، ومتجوزها كمان، ده انت طلعت واعر جوي.
قالها عمار لتردف زهرة متخوفة:
- إياك تكون انت كمان عامل زييه ومخبي يا عمار.
فقال وهو يحتضنها مقبلًا رأسها:
- لاه يا روح عمار، عمار عمر جلبه ما دج غير لزهره زهره وبس.
أما رقية فضربت على صدرها قائلة:
- يا خالج الخلج، معجول جسار العاجل زينة الشباب يتجوز رجاصه، كيه ده؟!
قال رضوان:
- ما لناش صالح، خلينا في فرحتنا ببتنا.
فزعت رقية:
- باه تف من بجك، بت إيه؟ عاوزه واد يا رضوان.
ضحك رضوان:
- بجي آني عاوزها بت، وانتي عاوزاها واد!
- نجيبوا الواد الاول بعدين البت، عاوزه شوكتي تبجي جوية وما أبجاش مكسوره كيه أمي اللي ما خلفتش غير البنته.
فصمت رضوان ثم ضمها بقوة:
- آنى راضي باللي يرزجنا بيه ربنا يا رجيه، وما عاش ولا كان اللي يكسرك يا جلبي.
وجيده وحسيبة كانتا بجوار دلال مع أمها نوال
- عيني عليكي يا بتي، وعره جوي عليكي الوجعه دي، الله يكون في عونك.
قالت وجيده
أما حسيبة ربتت على دلال النائمة لا تدري بما حولها قائلة:
- ربنا يصبرك ويعينك يا بتي.
أما نوال تحسرت قائلة:
- آه يا بنتي حظك قليل زي أمك، ربنا مش كاتبلك الراحه، كتب عليكي تدوقي حرقه القلب، بس ضره وابن كمان، ربنا يكرمك وتحملي يا دلال هو ده اللي هيخف عنك.
وشاركنها الدعاء
دخل دياب:
- متجمعين عند النبي إن شاء الله.
سارعت نوال بالقول:
- أيوه يا دياب الله يسترك هو ده نروح زيارة للنبي جايز يخف عننا شويه.
وافقها:
- حاضر يا نوال هاجول لأبوي ونشوف، ويالا دلال نايمه ومش عتصحي دلجيت كل واحده على مجعدها، ولطفي وسامي جاعدين بيذاكروا عنديهم امتحان بكره.
جابر وراجيه أخذا الصغير يبيت معهما فرحين به.
أصبحت قمر وحيدة أخيرًا مع جسار، دخلت الجناح فوجدته جالسًا يعتريه الوجوم شارد الذهن فاقتربت منه وجلست على ركبتيها أمامه
- سيدي وتاج راسي زعلان مني، أنا عارفه بس كنت عاوزني أعمل إيه؟ والله يا جسار أنا صرفت اللي ورايا واللي قدامي، من يوم ما بقيت مراتك وأنا ما هزتش وسطي ولا نزلت كباريه، كل الفلوس اللي معايا اتصرفت حمل وولاده ولبن وبامبرز للعيل، أعمل إيه؟ حاولت اشتغل ما حدش رضي يشغلني والواد معايا بذمتك زوزه ما وحشتكش.
وغمزت له
فقام واقفًا:
- إنتي ما عتعرفيش اللي عملتيه ده خربطلي عيشتي كيه، آني جوازي منك كان غلطه، عنيا كانت متغميه ما أعرفش اتجوزتك كيه، وجلت خلاص رميتك ورا ظهري ونسيتك وعشت واتجوزت كيه ما أمر جدي، آه اتحكم عليا بجوازي منيها بأمر الجد، بس لمن عرفتها زين دلال بجت كل حاجه في دنيتي دلال هي الهوا اللي عاتنفسه، إنتي ما انتيش حاسه بالنار الجايده في جلبي وهي في مجعدها عند عمي وآني هنيه، مش جادر أطلع لها، خايف جلبي جايد نار من جلجي عليها، بس الجد أمر ما أناظرهاش لحين ما يديني الإذن عاجعد كيه من غير روحي.
قالت بحزن:
- للدرجه دي بتحبها يا جسار طب وأنا؟!
قال ببرود:
- إنتِ كتي نزوه، حاجه إكده ما أعرفش هي إيه؟