غرام بالصدفة
الفصل الأول
عادت من عملها في موعدها المعتاد الذي لا تخلفه إلا إذا كان هناك عمل متراكم،
صعدت لشقتها، فهي تعيش وحيدة تقريبًا في العمارة،
فالشقتان العلويتان أصحابهما مسافرون لا يأتون إلا في الاجازات والشقة الأسفل منها يسكنها عم حامد الذي يأتي أولاده دائمًا لاصطحابه ليقيم معهم فيمضي معهم عدة أيام ثم يعود.
إنها رهف سليم ثابت فتاه وحيدة توفى والدها تاركًا لها هذه الشقة ولقد كانت وحيدته،
رهف تعمل سكرتيره في شركه مندور رجل الاعمال،
نشيطة ومتفانية جدًا في عملها، جادة جدًا لا مجال في حياتها إلا لعملها، في أجازتها السنوية من الشركة، لا تجلس بالمنزل بل تتعلم كل جديد،
لغة جديدة، مهارة جديدة، المهم ألا تمضي الوقت في المنزل فهي تكره وحدتها، كان آخر ما تعلمته دورة تمريض وصلت فيها لمستوى متقدم ونالت شهادة تقدير،
يقع المنزل في منطقه نائيه قليلًا بعيدًا عن العمران، لذلك تعلمت فنون الدفاع عن النفس وتحمل عدة أحزمة في الكاراتيه، والجودو، كما أنها تجيد الملاكمة، ولا تخلو حقيبتها من رذاذ الفلفل.
بعد أن صعدت شقتها وأغلقت أبوابها تناولت الطعام وأطفأت الأنوار، وجلست لتقرأ قليلًا في قصة ثلاثية الذئاب، تهادى لسمعها صوت لم تعهده يبدو أن هناك سيارات تتسابق، بعد قليل سمعت صياح فذهبت لتستطلع الأمر من النافذة، لكن هاجس ما جعلها لا تشعل الضوء، وتقف في جانب لا تُرى منه، رأت سيارتان تلقيان رجلًا والسائق يبصق عليه ويقول "تستاهل عشان ما تلعبش مع أسيادك" وغادرت السيارتان مسرعتين
لم تدر ما تفعل؟
وجدت نفسها تنزل لتتفقد الرجل قالت لنفسها (لو مات أبلغ البوليس ولو لسه حي أطلب له الإسعاف، أنا ما أرضاش أتحط في موقف زي ده وما حدش يساعدني)
اقتربت منه " يا..... يا .... "
لم تجد ردًا ووجدته ينزف، حاولت تحريكه فتحرك لكنه كان مصابًا
"ما تخافش، هطلبك الاسعاف حالًا"
فقال بصوت واهن "لا... أنا .... مش لازم يعرفوا إني لسه عايش أنا ضابط ما تخافيش، ساعديني استخبي"
أسندته وأصعدته لشقتها، أدخلته غرفتها على السرير
" أنت متصاب في كتفك ومجروح كذا جرح، شكله بمطواه"
مزقت قميصه وضغطت على الجرح ونظفته واستخرجت الرصاصة التي أرهقتها إلى أن خرجت، كانت تتعجب من أنه لم ينطق بآه واحدة، ضمدت مكان الرصاصة ونظفت باقي جروحه وخاطت ما يحتاج لخياطة.
وجدته سقط في النوم، أعطته حقنة مضاد حيوي من النوع القوي وركبت له محلولًا مغذيًا، فهي لديها بالشقة صيدليه متكاملة، فمن الذي سيحضر لها الدواء إذا مرضت، فهي تجهز كل احتياطاتها.
دثرته وجلست بجواره حتى غطت في النوم هي الأخرى، استيقظت فوجدت نفسها ملتصقة به ففزعت من على السرير، أخذت تنظر لهذا الرجل الفتي ذو العضلات النائم كالملاك في سريرها، شعره الأسود الناعم الذي أغرها لتلمسه، هذا الشارب، عضلاته البارزة المقسمة، أخذت تتأمله وتتنهد، تتساءل بينها وبين نفسها يا ترى ما حكايتك أيها الشاب؟ ثم دخلت للحمام بدلت ملابسها وخرجت لتعد إفطارًا لهذا الممد على السرير،
كانت منهمكة وتدندن أثناء إعدادها للإفطار وتسللت للسانها الأغنية بدون تفكير
حبيبي ولا على باله شوقي اليه وأنا شاغل بالي أنادي عليه
وليالي كتير أفكر فيه وأحن إليه ولا داري
كفاية أنه بقاله ليلة ويوم على طول في خيالي ومفيش نوم
وليالي كتير أفكر فيه وأحن اليه ولا داري
لتجد صوت من ورائها يقول
"مش معقول من ليلة واحده عندك أجننك كده وتفكري فيا، ده أنا حتى لسه ما عرفتش أتكلم معاكي كلمتين على بعض"
فشهقت واستدارت لتجده أمامها بذلك الصدر العاري، يا الله لكم هو وسيم إنها تحس أنه يجذبها نحوه، مع أنهما لم يتحركا فتمالك نفسها وقالت
"لا إله إلا الله مش تتنحنح وإلا إحم وإلا أي منظر خضتني"
قال مبتسمًا "سلامتك من الخضه، أنا مش عارف أشكرك إزاي على اللي عملتيه"
فرفعت يديها معترضة "لا استني كده، أنا عندي شغل وكده هاتأخر، أنت تقعد زي الشاطر كده، تفطر وتآخد المضاد الحيوي، وتستناني، أنا مش هاتأخر، النهارده ميعاد أجازتي السنويه، هاروح أسلم الشغل للباشا، وآجي تحكيلي بقي من طقطق لسلامو عليكم"
ضحك من طريقتها وكلامها "حاضر، هأفطر، وآخد الدوا، واشرب اللبن كمان يا ماما"
ففتحت الثلاجة أمامه "أنت بتقول فيها، عندك لبن اشربه"
واستطردت "آه، أوعي تبص من الشباك والا البلكونه، ما تفضحنيش، صحيح إحنا ما حوليناش جيران كتير، بس ما عنديش استعداد على آخر الزمن حد يلسن عليا بكلمه، سلام"
وتركته سريعًا وانصرفت
ظل مبتسمًا من هذه الجميلة وتصرفها معه وإنقاذها له، ربما لم تكن فائقة الجمال لكنها حقًا جذابه، أسرته بروحها المرحة وابتسامتها الفاتنة وصوتها العذب، ناهيك عن ملامحها الهادئة، وشعرها الأسود المموج المرفوع في ذيل حصان.
جلس ليتناول إفطاره ولكنها كانت عملية شاقة فذراعه اليمنى مصابة، ثم أخذ جولة في الشقة، وجد نسخة من بطاقتها القومية وهو يتناول النسكافيه، اتصل برقم ما من هاتف منزلها الأرضي وانتظر الرد
"السلام عليكم"
"وعليكم السلام"
"عرف عن نفسك"
"المقدم 120 خاص يا فندم قوات خاصه"
"طارق مش معقول! إنت فين؟"
"اطمن يا حامد باشا أنا بخير الحمد لله، عمليه المداهمة فشلت، وعرفوا يمسكوني، ضربوني بالنار وكام غزة كده بالمطواة على ما قسم بس ما تخافش، عمر الشقي بقي فيه بنت انقذتني، وأنا في شقتها دلوقت، المكان واضح إنه آمن هاديك بيانتها من البطاقة عشان نتأكد منها"
"خليك معايا، قول الاسم والرقم"
"رهف سليم ثابت، ورقمها .........."
"هاكلمك على النمرة دي بعد ساعه اديك التمام"
بعد ساعه..........
"البنت ما عليهاش أي شك يا طارق، دي طلعت بنت الغالي، أبوها أكتر من أخويا، أنا كنت زميل أبوها لما كان مقدم شرطه، البنت دي غاليه قوي عندي خلي بالك منها، بس مش هتصدق أبدًا هي شغاله فين!"
"فين يا فندم؟"
"شغاله سكرتيره عند مندور الزيني"
فضيق عينيه قائلًا "مش ممكن، تفتكر هي مطبخه الحكاية دي معاهم إنها تنقذني يعني"
"لا يا طارق البنت سجلها زي الصفحة البيضا، أبوها استقال بعد موت أمها وسجن عمها، عمها قتل أمها في خناقه ما بينهم كان سكران، ومن يومها استقال واشتغل في شركه حراسات خاصه لغايه ما مات، واللي أهم بقى إن رهف دراع مندور اليمين في شغل الشركة، وأدهم ابنه ما بيطقهاش والكل عارف ده لأنه حاول معاها وصدته وفضحته عند أبوه وأنت عارف مندور راجل محترم وما يعرفش حاجه عن شغل ابنه، لازم دلوقتي تفضل في نظرهم ميت، النهارده جثتك هنلاقيها وهنعلن استشهادك ونآخد العزا"
ضحك طارق "الحمد لله إني ما ليش أهل" وأخذ يضحك "ربنا يرحمني كنت ضابط طيب"
"أنا شويه كده وهاكلمك أعرفك الجديد"
"تمام يا فندم"
أغلق الهاتف وأخذ في تفقد الشقة والعبث بأغراض رهف، ووجد مذكراتها الشخصية وأمضى وقته في قراءتها
وبعد أن قرأها قال "ده أنتي اتبهدلتي قوي يا بنوته"
رهف في عملها.......
جهزت أوراقها وسلمتها للسكرتيرة البديلة رندا وأعطتها التعليمات
"رندا مش عاوزه آجي ألاقي السيستم متلخبط"
ردت رندا مستنكره "إيه يا رهف هي أول مره أمسك بدالك في الأجازة؟!"
فحركت رهف يديها "لا بس المرة دي سي أدهم افندي بينط هنا كتير، وأنا عارفه إنك هتتجنني عليه، ففوقي لشغلك، إنتِ عارفه أنا في الشغل ما أعرفش أبويا"
أجابتها رندا "خلاص يا ست القطر، إمشي بقى دول هما اسبوعين اللي هترتاحي فيهم، إلا قوليلي هتعملي إيه الاسبوعين دول؟"
"هآكل " وأخذت تضحك
قالت رندا وهي تضع يديها على كتفي رهف "لا بجد"
فأجابتها "والله هآكل، هاتعلم أكلات جديده وأجربها في نفسي"
أخذتا تضحكان
دخلت لتلقي التحية على مندور
"يا فندم الشغل اتسلم مع التعليمات لرندا، حضرتك محتاج أي حاجه مني؟"
أجابها "لا يا رهف تقدري تستمتعي بأجازتك"
فأومأت برأسها "ألف شكر يا فندم"
في أثناء انصرافها قابلت أدهم الذي بادرها قائلًا وهو يرفع يديه عاليًا
"أوعي القطر" فنظرت له ببرود
فقال لوالده " أنا مش عارف إنت مستحمل البت دي إزاي؟!"
فرد وهو لا يعجبه كلام ولده "ما لكش دعوه، البت اللي مش عاجباك دي في شغلها زي الساعة، صحيح هي مدربه راندا كويس، بس عمرها ما تبقي في دقتها، مع رهف أنا باشتغل وأنا مغمض، بتشيل عني حمل كبير قوي"
ابتسم ليخفي ضيقه من عدم وجودها فأدهم يعشق رهف ويتمنى أن تكون له لكنها ترفضه رفضًا قاطعًا حتى أنه عرض عليها الزواج بعد أن صدته مرارًا وتكرارًا لكنها أيضًا لم توافق فبدأ في ادعاء كرهها حفظًا لماء وجهه
"طيب الحمد لله هنرتاح منها اسبوعين"
رد مندور معترضًا "هترتاح ليه؟ وأنت مالك، أنت مش عندك شركتك! خير عاوز إيه؟"
أجاب متحببًا "جاي اطمن عليك يا حجوج"
فرد مندور "أنا كويس شوف اللي وراك انت، عشان عندي اجتماع وأنت خارج ناديلي رندا"
طوال اليوم لم يكن يشغل رهف سوى ذلك الوسيم في شقتها.
رهف لم تحب يومًا، ولم يشغل قلبها أي شاب، ولا تجد في نفسها أي قبول لأدهم مع أنه كما يقول الجميع جان ولا يوجد في وسامته لكنها مع ذلك لا تتحمله أبدًا، لكنها تجد نفسها اليوم لا تفكر سوى في ذلك الفتى، كانت تخشى أن يكون ترك الشقة وغادر، اشترت بضعه أشياء تحتاجها وصعدت للشقة فتحت الباب بهدوء لتجده أمامها يجذبها للداخل فترتطم بصدره ويغلق الباب متألمًا
"هو أنتِ؟!"
"إبعد بس كده"
"أمال هيكون مين يعني؟"
فرد طارق "إيه مش آخد احتياطي برضه"
ردت لتطمئنه "لا ما تخافش الدار أمان (نظرت لصدره) ويا ريت تلبس حاجه يعني بدل منظرك ده، راعي أنك مع بنت"
ضحك قائلًا "إيه شكلي عاجبك"
فقالت لتداري اضطرابها "يا أخي روح كده، شكل إيه؟! إنت ما بصتش لنفسك في المرايه بوشك اللي لون البتنجان من كتر الضرب اللي أنت أخذته"
قال ممازحًا "لا ما يغركيش البتجان، ده انا مسمسم وحليوه بس اللون ده يروح مش هتقاوميني"
فضحكت وسألته مستفسرة "فطرت؟"
أجاب وهو يتصنع الوداعة "آه فطرت، وشربت اللبن كمان، بس وحياه الغاليين ليا طلب"
ابتسمت "إيه عاوز إيه؟"
قال بتوسل "فنجان قهوه دوبل ساده، ابنك غلبان وعيان ومش عارف يحرك دراعه، ده أنا كلت بالعافيه والله"
أجابت مستنكرة "يا نهاري ارحم نفسك قهوه دوبل وساده"
أجاب متعللًا "معلش يا ماما عاوز أمخمخ"
ردت متضايقة " إيه ماما دي! اسمي رهف"
أجاب لإغاظتها "أهلًا يا وهف"
تضايقت قائلة "وهف إيه! رهف، رهف يا ابني وأنت بقى مين؟"
أجاب بثقة "مع سيادتك المقدم طارق حسين عبد الحميد"
ردت بشك "إيه اللي يثبت لي؟"
فقال "اتفضلي آدي البطاقه، وكارنيه الشرطه"
فردت "صح، كده تمام، ممكن أعرف بقي إيه اللي حصلك؟"
رد بتوسل "طب القهوه الأول"
فقالت "لا استني"
ودخلت غرفه وخرجت بيدها قميص أعطته له
"إلبس ده"
تساءل "إيه ده؟"
رفعت حاجبيها "هيكون إيه يعني؟ قميص استر نفسك بدل ما إنت قاعد كده"
ضحك وتناوله من يديها ليحاول ارتدائه "قميص جوزك ده"
ردت وهي تعاونه في ارتدائه "لا يا خفيف أنا آنسه، ده بتاع بابا جسمه كان زيك كده الله يرحمه"
فاقترب منها قليلًا فابتعدت متخذة وضعية القتال قائلة بتحفز
"لا يا خفيف عقلك ما يوزكش، أنا معايا كذا حزام كارتيه وجودو، ومتمكنه في البوكس كمان"
قال وهو يشير لها بيديه لتهدأ "اهدي يا ماما، كنت هاطبطب عليكِ بس اكمني لقيتك زعلتي على سيرة باباكي"
قالت بحزم "لا يا ظريف ما فيناش من كده"
قال ضاحكًا "اهدي يا قطه اهدي"
قالت وهي تشير بيديها ليبتعد عن طريقها "وسع كده الأول عشان أدخل أغير هدومي وآجي أعمل لك القهوه"
بدلت ملابسها وخرجت فنظر لها ضاحكًا
قالت مستفهمة "إيه بتضحك على إيه؟"
قال وهو يشير لملابسها "على اللي إنت لابساه ده، إيه شغل العيال ده بيجاما عليها ميكي ماوس"
باستفهام وبراءة "ده لبس البيت عاوزني ألبس إيه؟"
أجاب غامزًا "بنوته حلوه قاعده لوحدها تلبس كده حاجه مرحرحه"
قالت مستنكره "لا ما تغمزليش كده، والله مرحرحه! وأنا معايا شحط محط يا سلام" واستطردت لتغيظه
"سيبك من ميكي ماوس واحكيلي مين اللي شلفطك كده؟"
"بصي يا قطتي (أعجبتها الكلمة جدًا فلم تعترض)
أنا كنت في مهمة مداهمة لعصابه بتضحك على البنات الحلوين اللي زيك كده وتفهمهم أنها هتسفرهم بره يشتغلوا سكرتاريه أو في شركة أو أي شغلانه بره وتآخدهم كده هيلا بيلا كل واحده وشكلها بقى يا إما دعارة يا إما تجارة أعضاء يا إما توصيل مخدرات"
ضربت على صدرها استنكارًا "يا نهاري"
فقال بهدوء "آه شوفتي بقي، وما تضربيش على النعمه بس"
"المهم يا قطتي" ليمنعها من التعليق على كلمته وهي أدارت وجهها لتصب القهوة وابتسمت
"طلع بينا جاسوس ومسكونا، كل زمايلي ماتوا حتى الجاسوس بتاعهم اتصاب وهم لما لقوه اتصاب خلصوا عليه وأنا بقى عشان قائد المهمه، روقوني زي ما انتي شايفه ورموني عشان أموت بشويش أصلهم بيعزوني، فلازم يفضلوا فاهمين اني ميت عشان أقدر أمسكهم"
قالت مستفهمة وهي تتمني أن تكون إجابته نعم "وأنت بقي هتفضل عندي هنا مستخبي؟"
أجاب مسرورًا "آه دي أوامر من القياده العليا، إحنا هنحتاجك تساعدينا"
تساءلت " أنا أساعدكم إزاي؟" أجابها "هتعرفي بالليل"
تساءلت "اشمعن بالليل؟"
أجابها "اللواء حامد هيجي بالليل يفهمك كل حاجه"
قالت بفرح "ما شاء الله قاعده مع مقدم وهيزورني بالليل لواء يا فرحه قلبك يا رورو أيام بابا بترجع تاني"
ثم استطردت "يعني إنت مطول معايا"
أجاب بتأكيد "آه مطول"
فقامت من مكانها تهدده بإصبعها "طب اسمع يا مطول أنا ما باحبش النعكشه"
ضحك من مظهر هذه الوديعة التي تقف أمامه مهددة قائلًا "يعني ايه؟!"
قالت بسيطرة "يعني أنا مش هامشي ألم وراك، عارفه أنك تعبان بس يعني رتب حواليك"
أجاب باستكانة "ماشي يا قطتي، سيادتك بتعرفي تطبخي وإلا نبعت نجيب أكل من بره"
أجابت بثقه "لا اطمن بأعرف أطبخ"
فتساءل "طب هتأكلنيي إيه بقي؟ أنا جعان وما عرفتش أفطر"
أشارت وهي تدخل للمطبخ "روح ريح شويه كده لغايه ما أجهز الأكل"
ثم خرجت له مرة أخرى متسائلة "سيادتك بتحب المكرونه بالباشميل؟"
فقال فرحًا وهو يفرك بطنه " أيوه ده هتبقى صحبه عسل، يا مرحبًا بأكل البيوت الجميل، أمك دعيالك يا طارق"
فانفجرت في الضحك ودخلت المطبخ
جهزت رهف الغداء ووضعته وبدأت في الأكل وهو ينظر لها فلاحظت وقالت له "ايه والله ما حطتش فيه سم"
رد باستضعاف "مش حكايه السم أنا دراعي واجعني وما عرفتش أفطر كويس، أكليني ينوبك فيا ثواب"
قالت باستسلام (وهي تطير فرحًا من داخلها) "أمري لله قرب يا كابتشن"
قال " كابتشن! وماله يا أختي" فضحكت وبدأت في إطعامه وهي تتحاشي النظر في عيناه السوداء أما هو فكان يأكل من يدها وهو مستمتع للغاية
ها هي الفرصة أمامه ليتدلل قليلًا متعللًا بإصابته
بعد فترة قال "شبعت الحمد لله، تسلم ايدك، إيه النفس الحلو ده؟"
قالت متصنعة السرور لانهائها إطعامه (وهي التي كانت تتمني أن تظل تطعمه للصباح) "الحمد لله إنك شبعت آكل أنا بقى"
كانت جائعه للغاية فأخذت تأكل بنهم شديد وهو يراقبها مبتسمًا
أنهت طعامها لتجده ينظر لها قائلًا
"الصراحه اللي يشوف شكلك ورقتك ما يشوفكيش وانتي هاجمه على الأكل زي وحوش الصاعقه"
قالت باستنكار "ايه جعانه ما اتغداش، بعدين أنا باتغدي كويس، واتعشي زبادي بس"
قال مازحًا "يا عم الرشيق"
قالت بهدوء "اقلع لو سمحت"
فنظر لها برومانسية "إيه الحلو داب خلاص وعاوز يحلي بيا؟" وفتح صدره لها
قالت بغضب "الصبر يا رب، اتلم يا طارق باشا، اقلع علشان أغير لك على الجرح"
أجاب متصنعًا خيبه الأمل "آه ماشي يا قطه"
غيرت له على الجرح وأعطته الدواء
قال "بس انتي ما شاء الله عندك صيدليه متنقله في الشقه"
فأجابته "طبعًا، أومال لما أتعب مين هيجيبلي دوا؟ أنا مقطوعه من شجره والحمد لله ما ليش حد خالص"
نظر لها وصمت
تساءلت "إيه بتبصلي كده ليه؟"
قال "لا ولا حاجه احنا مش هنحبس وإلا إيه!"
أجابته وهي في طريقها للمطبخ "حاضر ثواني وأعملك الشاي سكرك إيه؟"
"ساده يا قطتي"
أعدت الشاي وقدمته له "أنا داخله أريح شويه قبل ما اللواء يجي"
فأجابها "ماشي بس مش محتاج أقولك ما حدش يعرف إني هنا لمصلحتك"
تساءلت "وأنا هاقول لمين؟"
فأجاب "لحد من أصحابك مثلًا"
قالت بحسرة "لا اطمن أنا ماليش حد، لا أهل ولا أصحاب، وصاحب أبويا الوحيد أخباره مقطوعه من زمان"
ــ
غرام بالصدفة
الفصل الثاني
دخلت غرفتها واستلقت على السرير وهي في غاية السعادة لوجود طارق بالخارج، لأول مره تحس بهذا الشعور، تمنت لو أن لديها من تخبره بمشاعرها ولكن لا أحد لها، أمسكت دفتر مذكراتها وأفصحت عن مشاعرها لطارق وعن تمنيها أن يظل معها دائمًا.
خرجت لتجد طارق مشعلًا سيجارة قالت مستنكرة
"لا اله إلا الله، إيه يا كابتن صحتك، إنت متعور جامد"
قال معترضًا "لا كله إلا السجاير، خليكي في نفسك يا قطه"
دخلت المطبخ ورتبته وقامت بإعداد كيك جذبته الرائحة فدخل المطبخ قائلًا
"إيه الريحه الحلوه دي؟ القطه بتعمل إيه؟"
"باعمل كيك عشان أقدمه لسياده اللواء اللي جاي يزورنا ده"
أجاب بمسكنة " وأنا العيان المسكين ما ليش نصيب"
قالت بحزم "ابقي كل معاه، اطلع بره بقى"
خرج وأكملت ما كانت تفعله ثم دخلت بدلت ملابسها وارتدت زيًا رسميًا
عندما خرجت قال
"ما شاء الله، أنا قاعده قدامي بميكي وتغيري وتلبسي عشان اللواء"
قالت باعتزاز "ده لوا يا كابتن لوا، يعني رتبه وهيبه مش هاقابله بالبيجامه"
رن الجرس وذهبت لتفتح الباب وما أن رأت اللواء حامد حتى تهللت أساريرها وصاحت
"مش معقول ميدو حبيبي" وارتمت في حضنه
ليضمها بحنو ويُربت عليها
"رورو حبيبه قلب ميدو وحشاني جدًا"
فابتعدت عن حضنه قائلة
"لا يا عم أنا زعلانه، وزعلانه قوي كمان، بقالك قد إيه ما سألتش عليا، وإلا عشان حبيبك مات خلاص، خالتي وخالتك واتفرقت الخالات"
"لا ازي يا قلب ميدو انت عارفه انتي عندي إيه، بس أنا بعد موت سليم جالي تدريب قوات بره وسافرت، ولما جيت كنت مشغول في عمليه جامده حقك عليا يا غاليه" وقبلها من رأسها
كان طارق يقف يشاهد ويسمع وقال
"وأنا بقي اتنسيت في جو العشق الممنوع ده، ولا حمد لله على السلامه يا طارق ولا حاجه"
فاحتضنه حامد قائلًا
"ازاي زي ما هي بنتي انت ابني حمد لله على سلامتك يا بطل"
قال معترضًا "بطل ايه بقي دول شلفطوني"
ابتسم ليرفع من معنوياته "عشان الواد حسام الجاسوس بتاعهم كان حاطط في الشاي اللي شربتوه قبل ما تطلعوا ماده تخليكم مش مركزين يعني ما كنتش طبيعي، أنا شكيت برضه ده أنا اللي مدربك بنفسي أنت أحسن ضابط مهمات خاصه يا ابني"
قال طارق متوعدًا "ابن ال...... لو ما كانش اتقتل كنت خليته يتمنى الموت وما يطولوش"
"سيبكم من الشغل، اقعد يا ميدو اقعد ده أنا عامله كيك الشكولاتة اللي أنت بتحبه، أنا عملته وما أعرفش إن أنت اللي جاي، ثواني وأجهز لك صوص الشكولاتة اللي أنت بتحبه معاه"
ودخلت المطبخ فمال عليه طارق قائلًا
"ايه يا ميدو؟ ايه الحكاية؟"
قال حامد وهو يضربه على رأسه "اتلم يا واد، ديه أنا اللي مربيها، أبوها ده حبيبي الله يرحمه، أوعي تكون ضايقتها، ما أنا عارفك"
قال نافيًا "أضايق مين يا فندم دي تضايق بلد"
وأخذا يضحكان
جاءت رهف بالكيك والقهوة السادة
فقال حامد "سيبك بقى من الترحيبات أنا عاوزك في موضوع مهم قوي"
قالت بمرح " قول يا غالي"
قال بهدوء "انت والواد طارق ده لازم تتجوزوا"
قالت متفاجئة "نـــعم اتجوز مين!"
هب طارق واقفًا "جواز إيه يا فندم أنا أتجوز، ويوم ما أتجوز ما ألاقيش إلا البتاعه دي اتجوزها"
قال حامد غاضبا "اتلم واحترم نفسك يا طارق واتكلم عن بنتي كويس، فاهم بنتي! وانتِ يا ست هانم هنسمع ونفهم والا هنصدر المخ الخشب"
أومأت "لا هافهم حاضر أنا ساكته أهو"
وقال لطارق "اقعد إنت كمان، دلوقتي انتي قاعده لوحدك وحواليكي جيران وجود طارق هنا كده من غير جواز غلط على سمعتك، ده غير إن عمك هيطلع من السجن قريب"
أخذت في الارتجاف "إيه هيطلع امتى؟ ازاي يطلع؟"
قال بأسف "هيطلع حسن سير وسلوك"
"إزاي ده حيوان!"
فأجابها "أهو ده اللي حصل بقي، لازم يكون معاكي حد يقف ليه ويكون يقدر يوقفه عند حده، فاهماني يا رورو يوقفه عند حده"
قالت كالتائهة "بس طارق ..... يعني ......"
قال بحزم "مالكيش دعوه بطارق أنا هافهمه، اسمعوني انتو الاتنين الجواز ده هيبقي شرعي على يد مأذون، ارتحتوا سوا وعاوزينه يستمر ما أحب على قلبي إن أقرب اتنين لقلبي يكونوا لبعض، ما اتفاهمتوش يبقي فتره كده ونطلقكم، بس اسمع يا طارق يوم ما تلمس رهف ده معناه إن الجواز ده لازم يستمر، إوعي شيطانك يوزك وتقول انبسط شويه وأطلقها، لا دي بنتي يا طارق يعني أنا اللي قصادك وأنا اللي أجيب حقها منك، رهف ادخلي جوه دلوقت عاوز طارق في كلمتين"
دخلت وهي في قمة سعادتها تحدث نفسها (معقول هاتجوز الكابتن السكره ده بس ما اعتقدش إنه هيرضي بيا)
قال حامد "اسمع يا طارق أنا عارف انك مش هتكسر كلمتي وهتتجوز رهف، بس فيه حاجه لازم تعرفها الأول لو وافقت خلاص لو موافقتش يبقي هاغير ترتيباتي وهاتصرف"
قال طارق بثقة "عارف وموافق يا فندم"
"عارف ايه؟!"
"عارف اللي انت هتقوله وموافق، أنا قريت مذكرات رهف من غير ما تعرف،
وعرفت إن عمها اعتدى عليها وأمها حاولت تقتله لكنه للأسف قتلها هي، وإنكم داريتوا على الخبر عشان رهف ما تتفضحش"
قال حامد "البنت كانت صغيره وما قدرتش تدافع عن نفسها"
أجابه طارق "مش محتاج تتكلم يا فندم ولا تبرر أنا قريت كل حاجه"
رن الجرس فقال حامد "قوم افتح بقي للمأذون"
فضحك طارق "وكمان متفق مع المأذون مالي ايدك مننا إنت ضامن اننا مش هنعترض"
" طبعًا، اللي ربي خير من اللي اشتري"
خرجت رهف لتجد المأذون وعُقد قرانها على طارق
بعد عقد القرآن قال حامد " اسيبكم بقى وامشي عشان ورايا حاجات كتير، هابقي أكلمك يا طارق خد الموبيل ده هاكلمك عليه عشان نشوف هنعمل إيه؟"
"تمام يا حمايا " وهو يضحك
قالت رهف بأسف "مش قادره أقولك خليك ما دام عندك شغل يا ميدو سلام وما تنسانيش وتعالي تاني"
أجابها حامد "حاضر يا بنوتي الحلوة"
انصرف حامد وأغلق طارق الباب وهو يغني
"مبروك عليك يا معجباني يا غالي يا غالي عروستك الحلوه قمر بيلالي"
ففرت من أمامه إلى غرفتها وأغلقت الباب بالمفتاح فوقف أمام باب الغرفة قائلًا
"مش أُسلوب ده على فكره هو أنا هآكلك، وبعدين إيه مش هتغيريلي على الجرح"
أجابته من وراء الباب "طيب هاغير هدومي وطالعالك أهو"
فابتسم قائلا بينه وبين نفسه "أيوه يا روقه هتغير أهو، الليله هتحلو"
خرجت من الغرفة لينظر لها بذهول فاتحًا فاه "ايه ده!"
"ايه ده ايه؟ هدوم"
" ما أنا عارف إنها هدوم، إمبارح ميكي والنهارده بطوط، مش كتير عليا البعزقه دي"
قالت بتوعد "أنت هتقعد أغير لك على الجرح وإلا أدخل أنام"
قال مستسلمًا "لا وعلى إيه هاقعد"
غيرت له على الجرح وهي تتحكم في أعصابها ولكن ذلك لم يخفى على طارق
قالت "خلاص البس بقي"
اعترض ممازحًا "ليه ما كده حلو"
قالت متصنعة الغضب "طارق لو سمحت، ما يصحش كده"
قال وهو يضع قدمًا على قدم "أنا اقعد براحتي بقى، أنا دلوقتي جوزك يا هانم"
قالت بضجر "طيب أنا داخله أنام تصبح على خير"
قال بخباثه "هتنامي وإلا هتقعدي تكتبي في المذكره بتاعتك الحلوه دي، وتقري في بعينك وعد شويه وفي ثلاثيه الذئاب شويه"
قالت وهي تضع يديها في خصرها غاضبة "آه إنت عملت جوله في أوضتي"
قال بثقة "طبعًا أومال ايه؟"
فقالت "والمطلوب"
أجابها "كوباية نسكافيه وحته كيك وصاية كده وتكون غرقانة بالصوص يا قطتي"
أجابت مستسلمة "طيب"
جهزت له ما أراد فأمسك يدها حاولت أن تتملص منه ولم تستطع فقال ضاحكًا "ما تفكريش إنكِ ممكن تعرفي تخلصي نفسك بالكارتيه والجودو بتوعك دول" وأخذ يضحك
قالت بخوف "سيب ايدي يا طارق لو سمحت"
قال بمرح "وربنا اسمي طالع من بقك زي العسل"
وترك يدها "خلاص امشي روحي لسي أوس الجندي بتاعك ده والا مش عارف الواد التاني اسمه ايه، مالي أنا! ما أنا زيهم أهو، على الأقل أنا حقيقي يا بتاعة الذئاب"
أخذت تضحك وتركته ودخلت ونامت.
في الصباح دخل ليوقظها فوجدها نائمة كالملاك تحتضن دبًا كبيرًا، فصاح متخذًا وجهًا جديًا
"إيه ده يا هانم بتخونيني يوم الصباحيه"
استيقظت مفزوعة من النوم لتجده أمامها فتلمست ملابسها وهندمتها
"إيه ....إيه على الصبح فزعتني، أنت دخلت إزاي أنا قافله بالمفتاح"
قال بثقه "يا قطتي أنا ضابط عمليات خاصه، لا يقف قدامي مفتاح ولا ترباس، وإزاي تسمحي لنفسك تنامي جمب الكائن ده!"
(مشيرًا للدُب)
أخذت تضحك حتى دمعت عيناها
واحتضنت الدُب قائلة "ده حبيبي وروحي ما أعرفش أنام غير وهو جمبي"
قال وهو يتصنع الغضب ونفاذ الصبر "رهف، أنا عاوز افطر يا رهف جعان"
قالت وهي تشير له ليخرج "طيب بره لو سمحت عاوزه اغير"
فقال "يا رب صبرك" وتركها وخرج
بدلت ملابسها وخرجت له
نظر لها من رأسها حتى أخمص قدميها ليصرخ قائلًا
"كده كتير عاملالي زعرورتين والنهارده سبونج بوب كمان إيه الفيلم الكارتون اللي أنا وقعت فيه ده يا رب"
قالت واضعة يديها في خصرها "عاوز إيه يا طارق؟"
زفر قائلًا "عاوز أفطر وإلا أشرب سجاير على الريق"
قالت بسرعة "حاضر حاضر"
أعدت له الإفطار وجلست تأكل فقال
"هتاكلي إنتِ وأنا أتفرج عليكي يا زوجتي العزيزه"
قالت بضجر "آه فيلم أكليني ايدي بتوجعني، طيب اتفضل كل"
وأطعمته، عض أصابعها أكثر من مرة
فصاحت "اتلم يا طارق والا والله هاسيبك تاكل لوحدك"
رد بمسكنة "وأهون عليكي ده أنا غلبان"
ضحكت "طيب يا غلبان كل بأدب"
أسبل عيناه "حاضر هآكل بأدب"
أعدت له القهوة وجلس يتناول قهوته وهو صامت فتحت فمها لتتكلم
فقال "هشش وأنا بأشرب القهوة بتاعة الصبح يبقي هشش"
بعد أن أنهى القهوة
"ها يا ستي بقى كنتي عاوزه تقولي إيه؟"
فجأته بالسؤال "أنت ما لكش أهل؟"
فقال رافعًا حاجبيه "حلو السؤال، ليه يعني لقيط مثلًا، لا ليا أهل أكيد، بس ماتوا، كنت في الشغل جيت لقيت البيت اتهد على اللي فيه"
فقالت بحزن "يا نهاري إزاي؟"
قال بهدوء "ولا حاجه كانوا بيبنوا برج جمب البيت والحفر أثر على الأساسات والبيت ما استحملش"
قالت بتحسر "لا إله الا الله، يعني أنت وحداني زيي"
أجابها "آه ما ليش غير اللواء حامد"
فأشارت لنفسها "زي حالاتي يعني"
قال منتظرًا رد فعلها "بس انتي ليكي عمك"
غضبت وقالت "ما تقولش عمك ده حيوان"
قال مربتًا عليها "خلاص اهدي"
أبعدت يده من على كتفها "ما تجبليش سيرته تاني من فضلك"
قال موافقًا "اتفقنا، دلوقت في موضوع تاني لازم نتكلم فيه"
فقالت "قول سامعاك"
قال بهدوء "أدهم مندور الزيني"
قفزت من مكانها تريد خنقه "لا حول ولا قوة إلا بالله فيه إيه؟! انت صاحي النهارده حد مسلطك تنكد عليا ماله الزفت ده كمان؟!"
أمسك يديها يبعدها عن رقبته "ده رئيس العصابه اللي قلت لك عليه"
استسلمت من المفاجئة قائلة وعيناها مفتوحتان على اتساعهما "بتهرج"
قال وهو ما زال ممسكًا يديها "لا طبعًا باتكلم جد"
"ازاي ده الحج مندور نسمه؟!"
قال وهو يحرك يدها يمنة ويسرة "أنا ما جبتش سيرة مندور، مندور ما لوش دعوه بأدهم نهائي"
فحررت يديها من يديه "طب أنا مالي ومال أدهم أنا شغلي مع مندور"
فقال "ما هو أدهم حاطط ورق مهم جدًا في مكتب مندور"
قالت نافيه ومتعجبة "ازاي بقى؟ أنا حافظه مكتب مندور زي اسمي وما فيش فيه ورقه تخص أدهم"
قال مؤكدًا " لا فيه المعلومات اللي عندي بتأكد إن أدهم مخبي الورق في طرابيزه الاجتماعات في مخبأ سري وانتي اللي هتعرفي تجيبيه"
"حاضر هاجيبه بس المخبأ فين؟"
"الطرابيزه فيها في النص رسمه نمر صح"
"أيوه صح ومكتوب فيها شركه مندور أدهم الزيني"
"عليكي نور، هتدوسي أنت بقي على الحروف بالترتيب أ....د.....ه....م ،أدهم هيتفتح المخبأ"
قالت بفرح "أقوم أجيب الورق وآجي"
قال "لا هترجعي تدوسي تاني على الحروف بالعكس م.....ه.....د....ا عشان المخبأ يتقفل"
فردت "حاضر أول ما الأجازه تخلص"
رفض قائلًا " لا إحنا عاوزينه في أقرب وقت عشان فيه شحنه بنات مسافره بعد خمس أيام وعاوزين نقبض عليه"
ففكرت " يعني إنت عاوز الورق ده إمتى؟"
أجابها "النهارده لو تقدري"
"ماشي"
وقامت فقال "راحه فين؟"
ردت "هالبس وأنزل اجيب الورق"
فتساءل "مش إنتي مسلمه الشغل وخدتي الاجازه"
قالت بثقة "مكتب مندور ده مكتبي، والنهارده أنسب وقت، مندور النهارده بيكون في جوله على الشركه، ما بيدخلش المكتب غير بعد ست ساعات بالضبط، ورندا هتكون معاه، وكاميرات مراقبه المكتب كودها معايا وأقدر اتحكم فيها من هنا من اللاب"
قال بسرور وفخر "يا جامد"
أشارت لنفسها "طبعًا إنت فاهم إيه؟ إنت اقعد راقب من هنا وأنا هاجيب الورق"
ارتدت ملابسها وخرجت
فأطلق صفيرًا عاليًا
"إيه مالك؟!"
قال متهكمًا "إيه الحلاوة دي رجلين زي المرمر"
ثم أردف غاضبًا "ادخلي يا ظريفه غيري الجيبه دي والبسي بنطلون وداري رجليكي"
قالت باعتراض "أنا ما أسمحلكش تتدخل في لبسي"
تطاير الشرر من عينيه "لا بقي إنتِ يا تسمعي الكلام، يا تولع المهمة على أدهم في ساعه واحده وهازعلك ق
--وي"
ارتعبت منه وقالت "خلاص خلاص اهدي"
وبدلت ملابسها إلى زي رسمي ذو سروال وخرجت
"كده كويس؟"
قال راضيًا "أيوه"
"سلام، لا إله إلا الله"
ابتسم قائلًا "محمد رسول الله"
--
غرام بالصدفة
الفصل الثالث
وصلت للشركة ودخلت، نفذت ما أمرها به، وصورت الورق وأغلقت المخبأ وغادرت، وقام هو بتعديل تصوير الكاميرات لتكون وكان أحدًا لم يدخل المكتب
تنفست الصعداء وتوجهت لمندور في جولته، سلمت عليه وعلى رندا متعللة أنها كانت بالجوار ورأت أن تمر عليهما
ثم توجهت للجراج لتستقل سيارتها المتواضعة فقابلت أدهم
"الحلوه جايه منورانا ليه في أجازتها، ما تقوليش إني وحشتك"
ردت بسخرية "ما تشوفش وحش"
كان طارق يستمع لكلامها فلقد كانت مزوده بميكرفون تحسبًا لأي طارئ
أكملت "لا طبعًا ما وحشتنيش، أنا كنت جايه أسلم على مندور بيه"
اقترب منها "آه لو تحبيني ربع حبك لمندور بيه"
غضبت صائحة "احترم نفسك، مندور بيه في مقام بابا"
فاقترب منها أكثر" يبقي إحنا إخوات بقى"
قالت تحاول التحكم في نفسها "احترم نفسك يا أدهم بيه ما يصحش كده"
قال متوددًا "أدهم بيه إيه !،قوليلي يا دومي وأنا هانغنغك، والله لأكتب الشركة باسمك، بس طاوعيني، والله لأتجوزك في الحلال كمان، أنا هاتجنن عليكي"
واحتضنها صرخت "احترم نفسك، أنت قليل الادب" وضربته بين قدميه فصرخ متألمًا فعالجته بضربة أخرى وهرولت نحو سيارتها، وصوته يصل إليها
"والله ما هافوتهالك يا رهف هتبقي ليا بمزاجك وإلا غصب عنك"
وصلت للمنزل صعدت للشقة لتجد طارق ومعه حامد دخلت وهي متماسكة وكأن شيئًا لم يكن وسلمت لهم الكاميرا التي صورت بها الأوراق
"الورق ده بيدين أدهم برافو يا رورو برافوا"
غادرهما
قال طارق "هاتي المايك من البلوزه"
فأزالته قائلة "حاضر بس إحنا ما احتجناش نسجل حاجه"
قال "إحنا ما سجلناش بس أنا سمعت"
تساءلت "سمعت إيه؟"
قال ضاحكًا "صوت صريخ أدهم وأنتِ بتضربيه، ضربتيه إزاي؟"
"من مصلحتك ما أقولكش" وضحكت
"بقى كده، طب أنا جعان"
قالت بملل "اطلب أكل من بره، أنا هاقطع نفسي، دلعني شويه، ده أنا لسه خدماك خدمه العمر"
فاقترب قائلًا "هادلعك آخر دلع" فركضت من أمامه وأغلقت الباب
أخذ يضحك "ماشي يا قطه، طب هتآكلي إيه طيب؟"
ردت من وراء الباب "هاكل زي ما هتاكل يا طارق، انجز أنا جعانه، نمرة المطعم عندك جمب التليفون"
بدلت ملابسها وخرجت فأغمض عيناه وقال "سيبيني أخمن المره دي توم وجيري صح" وفتح عيناه قائلًا "يا خساره طلع تويتي" وأخذ يضحك ثم قال
"على فكره أنا عارف إن الدولاب فيه حاجات تانيه حلوه وجميله ومزهزه كده، عيب عليكي تستخسريها فيا وتعيشيني في عالم سمسم ده، ده إنت شويه كمان وهتفرجينا على كوكي وميكي"
قالت بمرح "أنت بتقول فيها فيلم الأميره والضفدع جاي دلوقت على ميكي"
وجلست لتشاهد
رن الجرس
فتح طارق الباب ليتساءل فتى التوصيل "أومال آنسه رهف فين؟"
أجابه طارق "أنسه رهف بقت مدام حضرتك أنا جوزها"
قال الفتى "ألف مبروك"
جاءت رهف قائلة "استني يا حسن"
فقال لها "ألف مبروك يا مدام"
فنظرت لطارق متوعده وأعطت حسن نقودًا قائلة
"سلم على ماما وإخواتك يا حسن"
أجاب الفتى "حاضر يوصل"
وأغلقت رهف الباب
قال طارق "هو إيه اللي يوصل؟"
قالت بدلال "فيه إيه يا روقه مالك؟ ده حسن بتاع الدليفري، ووالدته ست غلبانه تزعل إني أعمل خير؟"
قال بشوق "سيبك من الخير، خليك في روقه، ما إنتي كويسه أهو وبتعرفي تتدلعي، أومال محسساني إني قاعد مع الصول عطيه ليه؟"
قالت ضاحكة "امشي يا عم صول إيه"
خبط كفيه ببعضهما "أيوه قلبنا أهو"
"بطل هزار بقى، أنا جعانه، يالا ناكل"
قال "اسمها يالا أكليني"
فضحكت وأطعمته فقال "ألا إيه رأيك في النعي بتاعي"
"ودي سيره تيجي على الأكل، بس جميل الصراحه كلمتين وبس" وهي تضحك
"عاوزاهم إيه يعملولي صفحه كامله، كلي يا رهف وقومي أوس الجندي مستنيكي يا ماما يالا"
قالت ضاحكة "والله ده عسل"
قال غاضبًا "يا بنتي احترمي نفسك"
ضحكت وتركته ودخلت لتنام
استيقظت صباحًا بدون أن يوقظها طارق وخرجت لتجده يتحدث في الهاتف
"أيوه يا فندم"
........
"لا حضرتك كده تمام"
......
"لا ما ينفعش أنا صحتي كويسه"
.......
"حضرتك أدهم ده بتاعي، وأنت عارف كده"
.......
"لا مش انتقام شخصي، بس هو علم عليا ولازم أنا اللي أجيبه"
...........
"حضرتك بتقول كله مضمون وهيتقبض عليه أكيد ومش هيطلع منها يبقي دي مداهمه عاديه وما فيش خطر"
.......
"عاوز أشوف وشه لما يلاقيني لسه عايش"
......
"تمام يا فندم علم وينفذ"
......
"مع السلامه"
كان يحس بها فأنهى المكالمة وقال "إيه جايه تتسحبي ليه من ورايا؟! " قالها ولم ينظر لها
"مش باتسحب ما حبتش أقاطعك شكلها مكالمه مهمه صح"
"أيوه إن شاء الله هنمسك أدهم النهارده"
"فطرت؟"
"لا"
قالت بغضب "أومال بتشرب زفت ليه على الصبح؟"
فرد "ما هي الهانم اللي أنا متجوزها سهرانه طول الليل تحب في أبطال الروايات، ولما تنام تنام في حضن الدبدوب وسايباني أصحي أكلم نفسي"
قالت معترضه "ايه يا كابتشين؟"
"كابتشين الصبر من عندك يا رب، استني وريني يا قطه لابسه مين النهارده؟ مين دي؟"
"دي سنو وايت والأقزام السبعه"
علا صوته غضبًا "سبع عفاريت ينططوكي عاوز أفطر"
"طيب ما تزقش بس"
أجاب وهو يدفعها أمامه "براحتي، انجري على المطبخ يالا"
ظل طوال اليوم نكدًا على غير عادته
حل الموعد المتفق عليه مع اللواء حامد فارتدى ملابسه وودعها وملامحه تكسوها الجدية
"مع السلامه يا رهف"
قالت بخوف "إيه مالك جد كده ليه؟ إنت مش بتقول دي مداهمه عاديه وما فيش خطر"
"الخطر موجود دايمًا يا رهف، ما حدش عارف إيه اللي هيحصل"
كسى التوتر والقلق صوتها "قصدك ايه؟! ،يعني إنت ممكن بعد الشر تتصاب"
"أيوه طبعًا كل حاجه ممكنه" واقترب منها
"لو مت هتزعلى"
فوضعت يدها على فمه "ما تقولهاش، بعد الشر عليك"
فأمسك يدها وغمز "إيه حبيتيني يا قطتي؟"
صمتت ولكن عيناها أجابته بلمعانها وابتسامتها
"ده إحنا بتكسف أهو" واستعاد جديته "الواجب ينادي، لا إله إلا الله يا رهف"
"محمد رسول الله " وقبلها من رأسها وانصرف
ظلت تصلي وتقرأ القرآن داعية الله أن يحفظه ويحميه
"يا رب احميه واحفظه يا رب، اللهم إني استودعتك طارق ابن اللي ما اعرفش اسمها من كل سوء و شر، يا رب وفقه يقبض على أدهم، يا رب، يا رب احميه ورجعهولي يا رب، يا رب إنت عارف إني باحبه وبقى جوزي، رجعهولي بالسلامه وأنا هابطل ألبس له الكارتون".
أما طارق توجه مع القوة لفيلا أدهم
أدهم صعق عندما وجد طارق أمامه
"إنت لسه عايش؟!"
رد طارق بسخرية "عمر الشقي بقي"
فقال أدهم بثقة "خير، وجاي ليه؟"
أجاب طارق وهو يخرج إذن النيابة من جيبه "معايا أمر بالقبض عليك، وإن شاء الله المرة دي مش هتطلع"
ضحك أدهم ضحكة عالية "هنشوف يا طارق هنشوف".
بعد القبض على أدهم عاد طارق للمنزل فتح الباب بهدوء ودخل وجدها بغرفتها ترتدي إسدال الصلاة وتدعو له
فتح باب الغرفة وقال "تقبل الله يا عمنا رجعتلك أهو"
قامت فرحه وارتمت في حضنه قائلة "الحمد لله الحمد لله"
فاحتضنها بقوه مبتسمًا مسرورًا "ده أنا كده هاطلع مهمه كل يوم لو هتنتهي بالحضن ده"
فحاولت الابتعاد عنه "حضن إيه إنت هتتلكك؟" فضحك وتركها تفلت
فقالت بهدوء لا يتناسب مع ضربات قلبها التي وصل صوتها مداه بعد أن كانت في حضنه بجوار قلبه يوائم نبضها مع نبضه
"بره لو سمحت عشان أغير هدومي عشان أعملك لقمه تاكلها"
قال مستغرقًا في الضحك "آه هدومك، يا ترى هتلبسي مين النهارده، بصي ورحمة أبوكي خلينا بقى في سبايدر مان وبات مان وهركليز بقى أخشوشني شويه"
وخرج، بعد قليل خرجت من الغرفة متوجهة للمطبخ وكان يوليها ظهره
أحس بخروجها فقال "هتعشيني إيه؟ أنا عاوز حاجه ترم العضم"
قالت متسائلة "عامله محشي بتنجان وبط بتحبه؟"
فاستدار ليقول "باموت ف .... " وسكت من صدمته لمظهرها
كانت ترتدي فستانًا حريريًا ملتصقًا بجسدها من الأعلى ذو حمالات رفيعة وينسدل واسعًا قليلًا بعد خصرها من اللون الأبيض مزدانًا بورود حمراء تنتشر بكثافه في الأسفل لتقل رويدًا رويدًا وتركت شعرها منسدلًا وراء ظهرها بتموجه الطبيعي ووضعت القليل من أحمر الشفاه ومحدد العيون، وقف صامتًا يتأمل جمالها
لتخرجه من صمته "ها بتحب المحشي والبط؟"
قال وهو يقترب منها كالمسحور "بأموت فيهم" فاستدارت فأمسك يدها واقترب "استني بس راحه فين؟"
قالت وتوترها يزداد من نظرات عينيه اللتان تغزوانها "هاغرف الأكل"
فاحتضنها قائلًا "سيبك من الأكل، فيه كلام مهم لازم نقوله"
ونظر في عيناها "أنا حاسس إني ما أقدرش استغنى عنك أبدًا"
حاولت التهرب من كلامه طأطأت رأسها قائلة "طيب"
قال وهو يرفع رأسها ليضع عيناه في مواجهه عيناها "طيب إيه؟ افهمي يا قطتي معنى كلامي، أنا ب....ح....ب....ك"
احمرت وجنتاها خجلًا ولم تستطع النطق وهو يقترب رويدًا رويدًا من وجهها ليخرجهما صوت جرس الباب
قال متبرمًا "مين الفصيل ده؟"
فقالت "دي طلبات للبيت استني أحاسب محمود"
تساءل "محمود مين؟ بتاع السوبر ماركت، هاحاسبه أنا"
وذهب ليفتح فوجد رجلًا أمامه تبدو القسوة على ملامحه ما أن فتح حتى قال ذلك الرجل "إنت مين بقي إن شاء الله؟"
أجاب طارق "إنت اللي جاي بيتي، إنت اللي مين وعاوز مين؟"
فدخل الرجل" أنا جاي بيت بنت أخويا أنت اللي مين؟"
ما أن رأته رهف حتى تسمرت مكانها وقالت بصوت مرتعش "إنت إيه اللي جابك هنا؟!"
قال ببرود وهو يتفحصها ويلتهمها بعينيه "إيه جاي بيتي؟"
أجابته وهي ما زالت ترتعش "بيت إيه؟!"
فطن طارق لخوفها فاقترب منها وأحاطها بذراعه
قال الرجل بثقة "بيت أخويا المرحوم يعني ليا ورث وحق وجاي أقعد فيه"
قالت بصوت أقوي بعد أن اطمأنت بلمسة طارق "إنت بتحلم، امشي اطلع بره، الشقة دي باسمي، إنت ما لكش حاجه عندي"
فنظر لها نظرة تفيض رغبة "إزاي ده أنا ليا عندك حاجات، ده انتي كبرتي وادورتي واحلويتي وبقيتي طالبه الأكيل"
قال طارق "ما تحترم نفسك أنا مش مالي عينك"
فقال الرجل "وإنت مين بقى إن شاء الله؟ إيه يا بنت أخويا انتي ماشيه شمال والا إيه!"
قال طارق غاضبًا "كلمه زياده ومش هتطلع من هنا على رجلك، أنا جوزها، واتفضل من غير مطرود"
قال الرجل ساخرًا "جوزها، يا حلاوه، ويا ترى بقى يا جوزها عرفت إن الحلوه مستعمله، وإلا ضحكت عليك بالصيني"
صرخت قائلة "إنت سافل اطلع بره"
قال طارق بهدوء ليظهر له عدم تأثره بما قال "حاجه ما تخصكش يالا بره"
فقال الرجل "حاضر حاضر هاطلع، بس عيب عليك كده تبقي طول بعرض وأخبي عليك، الحلوه دي أنا أول واحد قطفها، وقضيت معاها أحلى أيام وكانت معايا على طول ولما أمها كشفتنا، قتلت أمها بس سجنوني وحرموني من الورده بتاعتي، يالا اشرب بقى وحاسب إنت على المشاريب"
لم يستطع طارق تمالك نفسه أكثر فصفعه قائلًا "ده أقل رد وإن شاء الله هارجعك السجن تاني، إنت مش عارف إنت واقع مع مين؟"
خرج العم وأغلق طارق الباب وأمسك التليفون وهاتف أحدهم
"أيوه لا سلام ولا كلام اسمعني، شكري ثابت محمود كان مسجون في قضيه قتل وخرج، عاوز مراقبه ليه زي ظله فاهم لو دخل الحمام عاوز أعرف"
وأنهى المكالمة
فتعلقت رهف بذراعه وهي منهارة من البكاء "أقسم بالله يا طارق ده كداب والله كداب "
"بس خلاص اهدي" واحتضنها
فقالت وهي تدفن رأسها في صدره " وربنا كداب هي مره واحده وأنا قاومته جامد والله بس هو كان أقوى مني وضربني على دماغي فأغمي عليا وكمل اللي كان عاوزه وماما جت، وهو قتلها، فقت وهو بيقتلها وجاتلي صدمه وانهرت ونقلوني المستشفى بين الحيا والموت وجالي نزيف جامد، وربنا كل الورق اللي يثبت كلامي جوه وإنت ضابط هتعرف تجيب أصل الحقيقه والله هي مره بس مره بس"
احتضنها بقوة "بس يا قطتي اهدي اهدي أنا عارف إنه حقير وواطي اهدي، صدقيني مش هيقدر يقرب لك أبدًا إهدي، يخربيتك يا شكري الزفت بوضت الليله،
هاتي البط يا ستي أنا جعان" وأخذ يضحك.
بعد تناول الطعام شاهدا فيلمًا سويًا كان فيلم رعب يعرض لأول مره واقتربت منه وهي خائفة وعندما كان يعرض مشهد مرعب كانت تدفن رأسها في ذراعه
أما هو فكان يضحك قائلًا "أنا هافرجك على رعب كل يوم"
بعد الفيلم شاهدت قناة ميكي متوسلة "معلش والله فيلم حلو يا روقه"
رد ضاحكًا "عشان روقه دي هاسيبك تتفرجي"
نامت وهي تشاهد الفيلم فحملها بين يديه ووضعها في غرفتها وألقي دُبها على الأرض قائلًا
"غور بقي ده مكاني أنا" وتمدد بجوارها وهي في حضنه تتوسد ذراعه
استيقظت صباحًا لتجده بجوارها فصرخت؛ فاستيقظ على صوتها "إيه في إيه؟ إيه اللي حصل؟"
قالت برعب "إنت إيه اللي جابك هنا وعملت إيه؟"
قال وهو يرفع يديه "وربنا ما عملت حاجه لسه، وبعدين انتي مراتي، قومي قومي فوقتيني من أحلى حلم يا شيخه"
تساءلت ببراءة "كنت بتحلم بايه؟"
فاقترب منها محتضنًا إياها "بيكي وخلاص بقى كده كتير أنا هانفذ عملي"
حاولت أن تفلت منه "ابعد بس"
قال" ابعد إيه اسكتي بقي، إنتي لكلك لكلك" وأسكتها بقبلة قوية، قاومته أولًا ولكن لم تلبث كل أسوارها أن سقطت أمام جيوش غرامه الغازية بقوة وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح.
بعد فترة تململ قائلًا "قطتي، أنا جعان"
ضحكت قائلة "إنت على طول جعان!"
"خلاص بلاها أكل، آكلك انتي" أخذت تضحك وهو يدغدغها وهي تتوسل
"خلاص خلاص توبه يا روقه، هاقوم أعمل الأكل خلاص"
--
غرام بالصدفة
الفصل الرابع والختام
ومرت بضعه أيام عليهما بسعادة.
استقالت رهف من عملها، لم ينغص عليهما سوى خبر هروب أدهم من السجن
طارق كثف مراقبته على شكري واكتشف عمله بتجارة المخدرات وتم القبض عليه متلبسًا.
بعد شهر اكتشفت رهف حملها، كانت في غاية السعادة فور عودة طارق من عمله تعلقت برقبته قائلة "ها عاوز ولد وإلا بنوته؟
احتضنها فرحًا "عاوزك إنتي"
"اتكلم جد بقي"
"والله باتكلم جد إنتي عندي بالدنيا كلها"
مرت بضعة شهور وعرفا أن الجنين توأم وتصنع طارق التبرم قائلًا
"يا وجع الدماغ اللي مستنيك يا طارق" استغرقت في الضحك
فقال "آه اضحكي"
فردت تضربه في كتفه " ما أنا اللي هابقي معاهم طول النهار يا روقه"
فقال "آه يا ستي بقي وتنسي روقه، وحضن روقه، ويطلع عين اللي جابوا روقه، بامبرز يا روقه، لبن يا روقه، سيريلاك يا روقه، وطلبات ما تنتهيش لرورو و عيالها"
دخلت في نوبة ضحك حتى بكت وتعلقت بذراعه
"ربنا يخليك لينا يا أبو عتريس"
قال معترضًا "عتريس يا مفتريه يبقي اسمي طارق وعاوزاني اسمي الواد عتريس"
فتساءلت "اومال هتسميه إيه؟"
أجاب بسرور "هنسميه سليم"
قالت بمرح "بجد وربنا؟
"آه والله هنسميه سليم إن شاء الله"
فردت متسائلة "طب والبنوته هتسميها ايه؟ سلمى عشان يبقوا سليم وسلمى"
"لا سلمي لا" قالها بضيق شديد
فضيقت عيناها وظهرت نزعة الصول عطية لديها قائلة "إيه يا طارق؟ مالك اتضايقت ليه من اسم سلمى؟ قر واعترف"
"مش مضايق، بس بلاش سلمى يا رهف بلاش"
قالت وهي تضع يديها على خصرها وتغمض عين وتفتح الأخرى "حاضر بلاش، بس لازم أعرف ليه بلاش سلمى، وإلا ورحمه أبويا لهتبات لوحدك النهارده وأنا هانام والدُب في حضني"
قال مسترحمًا إياها "لا كله إلا الدُب"
وقال بهدوء يشوبه الحزن "سلمى دي كانت خطيبتي يا رهف"
رفعت حاجبيها "بس أنت ما جبتليش سيره إنك كنت خاطب"
"عشان السيره دي بتضايقني"
قالت بغيرة وهي تقفز كاليويو "حالًا عاوزه تقرير عن الست سلمى دي وحكايتك معاها من طقطق لسلامو عليكم"
"اهدي كده يا عم القطر وأنا هاحكيلك" وأجلسها
"أنا كنت باحب سلمى، كانت زميلتي في كلية الشرطة وبعد الكليه خطبتها، أدهم كان زميلنا، مندور كان نفسه أدهم يكون ضابط"
قالت متسائلة "إيه ده؟ ده أنت عارف أدهم من زمان بقي"
فقال وهو يضربها على رأسها "هتفضلي تقاطعيني كتير كده يا أم لسانين يبقى مش هاحكي"
فركت رأسها مكان الضربة "لا لا هاسكت خالص ومش هافتح بقي إلا لما تقولي خلصت"
فابتسم "أيوه شطوره يا أم العيال" وأكمل كلامه
"أدهم كان حاطط عينه على سلمى، ونار الغيره قادت فيه لما خطبتها، ودبر لي بنت من إياهم اتبلت عليا وقالت إني ماشي معاها وسلمى للأسف صدقت وسابتني"
قالت بسعادة "خلاص مع السلامه"
"اتهدي بقي، كده مش هاكمل"
"هو لسه فيه تكمله خلاص أهو سكت"
"سلمى سابتني، واتخطبت لأدهم عشان تغيظني، حاولت كتير أفهمها اللي حصل بس غيرتها كانت عمياها، أدهم ما كانش بيحب سلمى، كان عاوز يآخدها مني بس،
ما كملش في الكليه وخرج عشان يدير شركات أبوه وبدأ طريق الانحراف والاجرام، سلمى بالصدفه اكتشفت اللعبه اللي لعبها عليها عشان تسيبني، وكمان عرفت تورطه واجرامه، أدهم كان واخد خطوبته وارتباطه بسلمي ستاره يداري وراها، جات لي وقالتلي اللي اكتشفته وللأسف أدهم عرف وخطفها، قعدت كام يوم مكثف التحريات وبأدور عليها، لغايه ما عرفت مكانها، رحت عشان أنقذها ما لحقتهاش، رحت لقيتها بتطلع في الروح وماتت بين إيديا"
أنهى كلامه ليجدها انفجرت في البكاء
"طب والله لنسمي البت سلمى وهتبقى أحلى سلمى يا حبيبتي يا سلمى ربنا يرحمك" وهي تبكي
أخذ يضحك "وربنا هبله، أنا متجوز هبله".
جاءته الأخبار أن أدهم هرب لخارج البلاد فارتاح قليلًا من خوفه على رهف.
مرت أيام ورهف تتدلل على طارق ويعيشان بسعادة ويزورهما حامد دائمًا وطلب منهما أن يأتيا للعيش معه فأخبراه أنهما سيعرضان شقتيهما للبيع لكنهما سيحتاجان وقت لتجهيز أغراضهما وفصل ما يحتاجانه مما لا يحتاجانه.
في يومٍ كانت شمسه كئيبة غادر طارق مودعًا رهف كعادته بقبله وتبادلا تقسيم الشهادة ودخلت رهف لترتب المنزل وتجهز المكرونة بالباشمل التي طلبها طارق على الغذاء.
بعد فترة رن جرس الباب بطريقه متتالية مستفزة
هرعت لتنظر من العين السحرية لتجد شخصًا لا تعرفه فقالت من وراء الباب
" إنت بترن كده ليه؟ وإنت مين؟"
"بسرعه يا مدام افتحي، الباشا طارق اتصاب وعاوزك في المستشفى، بسرعه ده حالته خطر"
قالت فزعة "استرها يا رب، يا رب أنا ماليش غيره"
وفتحت الباب لتجد الرجل ومعه اثنان آخرين يضعان كمامة على وجهها وفقدت الوعي.
طارق بعد فترة هاتفها قائلًا "ها يا قطتي المكرونه خلصت أنا مفضي بطني"
ليأتيه آخر صوت يتوقع أن يرد على هاتف رهف قائلًا "للأسف يا طارق مافيش مكرونه النهارده رهف مش فاضيه"
طارق بفزع " أدهم إنت عملت فيها إيه؟ أقسم بالله هأنهيك يا أدهم، نهايتك على يدي"
قال أدهم ببرود "رهف بخير أهي قدامي"
قال طارق " أقسم بالله لو لمست شعره منها ليكون آخر يوم في عمرك"
قال أدهم مستفزًا إياه "لا شعره إيه، أنا مش هالمس شعره، أنا هاخذها ليا كده كلها على بعضها، واللي في بطنها ده أنا هاربيه، وهيبقي ابني مع إخواته اللي هيجوا بعد كده، ما هو إنت لازم تسيبهالي، أنا عاوزها، إنت عارف إنها داخله دماغي، واللهِ في الحلال البت معششه في دماغي طلقها يا طارق بالذوق، هي بنفسها هتقولك أهي"
قالت رهف بصوت باكي "طارق"
فرد ملهوفًا "رهف إنتي كويسه؟"
ردت وهي تبكي "ده مجنون يا طارق مجنون"
ليأتي صوت أدهم "إيه قلنا إيه؟ نتكلم في المفيد"
أخذت تبكي وهي تقول "طلقني يا طارق"
ثم سمعها طارق تصرخ "ارتحت كده يا أدهم"
فأجابها أدهم "ايوه، استني لما تسمعيها بقى"
وأخذ الهاتف منها
"اسمع بوداني طلاقها يا طارق وإلا هتحصل سلمى بس سلمى ما كانش حد قربلها إنما رهف اللي هيقربولها كتير وأنا أولهم"
صرخ طارق "لا يا أدهم هاعملك اللي إنت عاوزه بس ما تلمسهاش بسوء"
"انطق"
"طالق، رهف طالق، طالق"
وأسمعها لرهف
قال أدهم مسرورًا "شاطر الطلاق ده يتوثق عند المأذون وهاعرف بطريقتي إنه اتوثق، ما أنا هاتجوزها بالحلال وأخذ يغني بالحلال يا معلم بالحلال نتكلم"
وطارق يصيح "هاجيبك ولو من تحت الأرض هاجيبك يا أدهم".
وأنهى أدهم المكالمة
في هذه الاثناء كانت رهف منهارة من البكاء
"ارتحت، كده مش هتأذيه؟"
"أنا عند كلمتي، مش هامسه بسوء طول ما أنتي معايا طيبه وحلوه كده، وأديه طلقك أهو، أنا عارف إن عدتك لغايه ما تولدي ومش مشكله هاستني أنا باحبك وعايزك ليا يا رهف"
صرخت "إنت مجنون"
قال وهو يهز كتفيه بلا مبالاة "مش مهم، المهم إنك لو ما طاوعتنيش هاخلي طارق وحامد يتمنوا الموت، إنتي ما تعرفيش جناني ممكن يوصل لإيه، اشربي العصير ده"
قالت معترضة "مش شاربه حاجه"
قال بهدوء "اسمعي الكلام يا رهف عشان صحة البيبي وإلا تحبي ننزله ونخلص من أي حاجه تربطك بطارق"
صرخت وهي تحتضن بطنها "لا، لو عملت كده هاموت نفسي"
فقال "خلاص، اسمعي الكلام بقى زي الشطوره"
شربت العصير وغابت عن الوعي
أفاقت لا تعرف بعد كم من الوقت لتجده بجوارها فانتفضت
"ما تخافيش والله ما لمستك، أنا مجنون آه، بس إلا الغصب الحكايه دي لازم تبقي بمزاج وبالرضى وانتِ ما لكيش غيري وهتجيني هتجيني، اسمعي بقي انتي من النهارده اسمك ساره، ساره جاكوب وأنا بنيامين ناصيف"
قالت بتقزز "إيه الاسامي الهباب دي؟"
أجاب ببرود "هباب إيه يا قطه؟ إحنا في اس*رائ*يل"
أجابت وعيناها متسعتان على آخرهما من صدمتها "يا نهارك إسود"
أجاب بثقة "أيوه ما حدش هيتوقع إننا هنا"
أخذت تهز رأسها يمنة ويسره "يخربيتك إنت إيه؟"
أجاب بمنتهي الهدوء " أنا بنيامين وانتي ساره واهدي بقي عشان صحتك"
عاشت رهف أيامها في كرب
أدهم كان مجنونًا بحبها ويعتني بها أيما عناية لكنها كانت مختنقة ومحاصرة ويكفي أنها في اس*رائ*يل كانت تظل دائمًا في غرفتها.
في يوم طرق أدهم باب الغرفة فلم يجد ردًا ففتح الباب ليجدها تصلي فاستشاط غضبًا
"تصلي وتقري قرآن ازاي وانتي يه*ودي*ه انتي عاوزاهم يمسكونا صح، اسمعي الكلام يا ساره وإلا هأخفي طارق من على وش الأرض"
رأتهما وسمعتهما صافية مدبرة المنزل
بعد نزول أدهم دخلت صافيه تحمل الطعام لرهف متسائلة
"اشلون انتي مسلمه يا بنتي وبتصلي ومتجوزه مستر بنيامين؟!"
ردت رهف "ده لا بنيامين ولا زفت"
تعجبت صافيه "كيف هدا أنا عم باخدمه من فتره بس على فترات كل ما ينزل غزه باجي أقعد معاه وأرتب البيت وهو مش موجود كمان"
فقالت رهف التي كانت تتوق لمن تخبره وتفضفض معه وكانت ترتاح لصافيه كثيرًا "اسمعي يا ستي"
وحكت لها حكايتها كامله ثم قالت
"ربنا يخليكي لو تقدري تعرفي أي حد في السفاره بتاعتنا إني هنا، أنا متأكده أن طارق وبابا حامد بيدوروا عليا ربنا يكرمك وتحجي يا رب"
فأجابتها صافيه "على رآسي يا بنيه بس هدا الطلب كتير صعب، بس ما تخافي، اللي الله بيريده يصير راح حاول شوف وسيله ساعدك فيها"
تساءلت رهف "بس إنتي ليه شغاله هنا؟ أنا مبسوطه إنك هنا معايا بس ليه تشتغلي عند الحيوان المجنون ده؟"
قالت صافيه "يا بنيتي اللي ما تعرفينه أنه أنا باشتغل مدبره منزل عند هادول الاسر*ائلي*ن تا أعرف أخبارهم وانقلها لجماعتنا، الخبريه من جوات الأحداث بتفرق كتير وآني متل ما أنتي شايفه ست كبيره وما حدا بيتوقع آني بانقل أخبارهن"
بعد فترة طمئنت صافية رهف أنها أوصلت ما قالته لمن سيوصله للسفارة.
في هذه الأثناء كان طارق في حاله يرثي لها بحث في كل مكان، رسميًا وخارج الرسمية، أهمل عمله فلم يكن يشغل باله سوى البحث عن زوجته، وهو لا يعرف أين هي؟ وماذا فعل بها ذلك المجنون أدهم؟
استطالت لحيته ونزل وزنه وغزت الهالات السوداء عينيه من قلة نومه
إلى أن رن الجرس ذات يوم وكان اللواء حامد بالباب، دخل حامد لينظر للمكان الذي يجلس به طارق ووجده نظيفًا ومرتبًا
"كويس إنك بتجيب حد ينظف، كنت متوقع إني هاجي ألاقيك عايش في مزبله"
"لا طبعًا عشان رهف بتحب النظافه والنظام، لازم لما تيجي تلاقي بيتها زي الفل"
قال حامد مطمئنًا "هتيجي قريب اطمن"
قفز طارق يتعلق به كطفل وجد أمه "بتقول إيه؟! عرفت حاجه"
قال حامد بفرح "عرفت حاجات لقيناها الحمد لله"
لملم طارق سجائره وهاتفه "طيب يالا بسرعه"
فأمسكه حامد ليوقفه "اهدي يا طارق الحكايه مش بالساهل كده رهف في اس*رائي*ل"
جلس طارق من هول الصدمة "إيه !؟وهنعمل إيه؟ مش مهم إن شاالله تكون في جهنم هاجيبها "
قال حامد "إنت لا هتروح ولا هتجيب، إنت ممكن تتهور وتبوض الدنيا"
اعترض طارق "لا استحاله لازم أكون معاكم أرجوك"
رق قلب حامد له "خلاص، بس هتوعدني وعد من ابن لأبوه إنك تكون في كامل سيطرتك على نفسك"
"وعد حاضر"
"خلاص تعال نراجع الخطه"
أخبرت صافية رهف أنها يجب أن تقنع أدهم بالسفر بأية طريقة وأن يكون السفر بالطائرة
أخذت رهف تفكر جيدًا واستجمعت أمرها وخرجت لأدهم حيث يجلس ممدًا عند حمام السباحة
وقالت "بينيامين"
فقام من تمدده ليجلس مرحبًا بها "يا مرحبا بسيدة النساء ساره، سارتي ونبض قلبي"
فجلست وقالت "اسمع بنيامين أنا فكرت كويس ولقيت فعلًا إن أنا ما ليش غيرك وإن خلاص طارق لازم ينتهي من حياتي وموافقه بعد ما أولد اتجوزك وهانسمي العيال باسمك وأكون حبيبتك"
فقام من مقعده ليعانقها فأوقفته "لا بالحلال يا معلم"
فجلس في مقعده مرة أخرى "آه منك إنت يا مجنناني أنا مش عارف قادر أصبر عليكي ازاي؟! بس أنا عاوزك بالرضا"
قالت بهدوء "وأنا راضيه بس كله بوقته، دلوقتي الفتره لغايه ما أولد دي هنعتبرها فترة خطوبه تفسحني بقى وتدلعني، إنت عارف إني ما اتعمليش فرح أنا عاوزه فرح كده زي اللي بيجي في الروايات وعاوزه أعيش في باريس أو لندن اللي يعجبك بس أنا مش مرتاحه في القعده هنا لو بتحبني زي ما بتقول سفرني أي حته تانيه نعيش فيها بس هنا لا"
قال والسرور يتملكه "حاضر ثواني يكون اليخت جاهز ونروح مكان ما إنتي عايزه"
صرخت "لا، بحر لا أنا باخاف من المياه، انا عاوزه أركب طياره كده وابقى في درجه الناس المهمه كده واتدلع بس يبقي معايا ناس أشوف عليهم نفسي كده ما تسفرنيش لوحدي وما حدش يشوفني"
أخذ يضحك "زي ما سارتي تؤمر إنتي شاوري بس، بس يعني أنا طيب أهو ومريحك (وأشار لخده) إيه ما فيش تصبيره؟ حاجه كده تحت الحساب"
فضحكت " نو نو نو نو نو خمسه نو بعد الجواز يا بيني"
صاح قائلًا" أيوه كده وباتدلع كمان، دي هتفرج عليك يا أدهم أخيرًا"
ونادى على مساعده "حالًا تحجز تذاكر السفر لباريس على أحسن خط طيران في درجه البيزنس طبعًا"
وقال لرهف "طب سارتي ونبض قلبي تطلع مع الهاوس كيبينج صافيه تجهز اللي هتحتاجه"
فردت "أوك هاطلع أهو"
في الغرفة جهزت لها صافيه ما تريد
ودعتها رهف وهي تبكي "وربنا نفسي آخدك معايا بس أنا عارفه إن اللي بتعميليه أهم"
قالت صافية وهي تحتضنها "إنتي غاليه عندي يا رهف وبمقام ولادي اللي قتلهم المحتل، الله يعينك وتنجح الخطه وتخلصي من هاد المجنون"
اصطحب أدهم رهف للمطار وهو طوال الطريق مسرور ويغني ويحاول الإمساك بيديها وهي تنهاه عن ذلك وتخبره أنها ستكون له بعد الزواج فيبتسم ويكمل غناءه
وصلا المطار وصعدت رهف على متن الطائرة، وأقلعت الطائرة بعد فترة دخل أدهم إلى دورة المياه، فجاءت مضيفة الطائرة لرهف مبتسمة "اتفضلي سيادتك العصير"
وناولته لها ومعه ورقة مكتوب بها "ادخلي الحمام اللي قصاد الحمام اللي فيه أدهم بعد ما يخرج"
خرج أدهم من الحمام فقامت هي
"على فين سارتي؟"
"التواليت يا بيني، أنت عارف الحمل بقى"
دخلت للحمام لتجد به رجل عجوز وضع يده على فمها واحتضنها
"قطتي أخيرًا"
"طارق مش معقول!"
"لا معقول ما تخافيش، الطياره هتنزل دلوقت في قبرص، هنقول إن فيها عطل وهنوزع مشروب عليكم اشربيه وما لكيش دعوه بحاجه، أنا ماقدرتش استنى وما اطمنكيش، يالا اطلعي عشان ما يشكش في حاجه"
خرجت رهف من الحمام
وتوجهت لمقعدها وبعد فترة قال قائد الطائرة
"سيداتي سادتي معكم كابتن الطائرة نعتذر لوجود عطل بالمحرك الأيمن وستهبط الطائرة في مطار قبرص لإصلاح العطل وشكرًا لتفهمكم"
قال أدهم متضايقًا "شوفتي مش كنا سافرنا باليخت"
قالت "لا الطياره أحلى"
لتأتي المضيفات لتوزعن على الركاب عصائر مرطبه
كان بعض رجال أدهم لا يريدون أن يشربوا فقامت وقالت "النخب بيكون بالخمر بس أنا ما باشربش عشان حملي، يبقي كله يشرب معايا نخب خطوبتي من بنيامين"
فشرب الكل من العصير مسرورين وجلست بجوار أدهم
"أهو عشان تعرف إني بدأت اتغير"
قال فرحًا وهو يشرب العصير "أيوه كده فرحيني"
وقال لرجاله "الكل ينهي عصيره إنه نخب احتفالي"
بعد قليل كان الكل يغط في سبات عميق
حطت الطائرة في قبرص
وتم نقل أدهم ورجاله على يخت متوجه للإسكندرية، أفاقت رهف لتجد طارق بجوارها يتأمل ملامحها فجلست واحتضنته وأخذت تبكي
فاحتضنها بقوة مربتًا على ظهرها "اهدي خلاص كل حاجه خلصت، إنتي في حضني خلاص، اوعي يكون الحيوان ده عملك حاجه"
قالت تطمئنه "لا ما تخافش كان مستني أولد وأوافق على اللي هو عاوزه ما كانش عاوز ياخدني غصب"
فقال مبتسمًا "أهي ده أكتر حاجه باحبها في أدهم السيكو ده"
أفاق أدهم ليجد نفسه مكبلًا فحرر نفسه وصعد لسطح اليخت واستطاع الحصول على مسدس أحد الرجال واتخذه كساتر لكي يحمي نفسه، صعد طارق لسطح اليخت فقال له أدهم ساخرًا
"إيه يا طارق إنت نسيت إني أحسن واحد يفتح أقفال وكلابشات"
قال طارق "صح نسيت من فرحتي بمراتي"
قال أدهم معترضًا "مرات مين؟ ساره دي بتاعتي"
قال طارق " يا مجنون دي رهف"
رد أدهم "رهف بتاعتك إنت، إنما ساره بتاعتي، تجهز لي لانش حالًا، وساره هتجي معايا، وإلا هاقتل الراجل ده حالًا"
نظر طارق للرجل نظرة يعرف معناها جيدًا فانحني بسرعه بينما أطلق طارق الرصاص على جبهة أدهم فأصابته الرصاصة في مقتل، ارتمت رهف في حضن طارق وتنهد طارق
"هو ده اللي كان لازم يحصل من زمان"
عادا للقاهرة على شقة طارق
رهف كانت تأكل الأخضر واليابس وكانت مدمنة شكولاتة أثناء حملها
في يوم ما
دخل طارق من الباب لتمد يدها له فيضع فيها ضريبة مروره الشكولاتة كان يشاكسها ويدعي نسيانها فتقف وتسد الباب ببطنها المنتفخة
"روح مكان ما كنت، يا تشخلل عشان تعدي، يا إما تبات على السلم"
فيضحك قائلًا "على السلم يا عم البلطجي خلاص خلاص خدي أنا حاسس إنك تبيعيني عشان حته شيكولاته"
فتجيبه وهي تضع قطعه الشكولاتة في فمها وتمتصها رويدًا رويدًا وتنتشي بها
"هسسسسسس بسسسسسس لما أخلص كلمني"
وفجأة صرخت "آآآآآآآه"
قال ضاحكًا
"إيه مالك؟ عضيتي لسانك تستاهلي"
قالت بفزع "لا الحقني باولد " ونظرت للماء الذي تدفق على قدميها
"وربنا بأولد بأولـــــــــــد "
فقال محاولًا تهدئتها "إهدي إهدي يا منار"
قالت وهي تضربه "منار إيه؟ ده وقت هزار إلحق هات الشنطة من جوه"
"منين؟"
"يا ربي جمب السرير يا طارق إخلص"
دخل مسرعًا وأحضر الحقيبة المجهزة وانطلق مسرعًا للمشفى
رهف لم تتوقف عن الصياح طوال الطريق للمشفى
"الحقوني يا ناس"
"باتقطع يا ناس"
"يخربيتك يا طارق، إنت السبب في اللي أنا فيه ده"
فضحك طارق
فصاحت فيه "بتضحك كمان، ما أسمعش نفسك خالص"
فصمت
فقالت "يا ربي ساكت وسايبني أهري في نفسي"
فانفجر ضاحكًا واتصل باللواء حامد ليخبره
وصلا المشفى وهي تصيح "الحقوني، يخربيتكم والبيوت اللي جمب بيوتكم، ولدوني بقي، كده كتير، أنا تعبت، خرجوا العيال دي من بطني"
والكل يبتسم ويضحك فهم يعرفونها جيدًا من متابعتها أثناء الحمل
دخلت غرفة الولادة وطارق معها يجلس بجوار رأسها ممسكًا يدها وكلما زاد الطلق قامت بعض يده صارخة
"إنت السبب، يتصرف فيك ربنا"
"لا خلاص ولدوني، كفايه كده، تعبت، خليهم جوا، مش قادره"
إلى أن سمعت صياح المولود فهدأت للحظات ثم بدأت تصيح لإخراج الثاني
"يا رب، اتنين يا رب، هو أنا قادره على أبوهم لما يجيني اتنين عليه"
ضحك طارق والطبيب، ليصل المولود الثاني
وضعت رهف مولوديها الجميلان سلمى التي أتت أولًا وبعدها سليم، خرجت رهف لغرفتها العادية لتجد حامد في انتظارها يحمل سلمى على يد وسليم على اليد الأخرى
قائلًا "فعلًا أعز الولد ولد الولد، أنتو مش عارفين سعادتي وأنا شايل أحفادي قد إيه؟! أنا ربنا ما كرمنيش بولاد وأنتو ولادي وكمان عوضني بالأحفاد العسل دي، الموضوع منتهي هتطلعوا من هنا على بيتي ما فيش فيها كلام دي، أنا خلاص طلعت معاش وفاضي لأحبابي الحلوين دول"
باع طارق ورهف شقتيهما وكذلك اللواء حامد
واشتروا فيلا صغيره ليقيموا بها سويًا في سعادة لا تخلو بالطبع من مشاكسات رهف لطارق.
تمت بحمد الله