غادرت مي الشركة متوجهة لفيلتها، وجدت والدتها في الحديقة.
فجلست معها تلك السيدة الرائعة الحسن مع أنها بالطبع تقدمت في السن قليلًا، لكنها ما زالت محتفظة بجمالها إنها حور.
تجاذبتا أطراف الحديث وروت لها مي تفاصيل لقاءها العملي بيحيى ونيازي، وفور أن أتت على ذكر نيازي حتى انتفضت حور من مكانها، وغادرت إلى غرفتها وسط تعجب مي التي لحقتها
"ما بك يا غاليتي؟"
تصنعت الابتسامة "لا شيء يا مي، اتركيني قليلًا فأنا أحس بصداع في رأسي."
غادرت مي بعد أن أعطت حور مسكنًا
وقفت حور تنظر للشرفة وتتساءل لماذا الآن يا نيازي؟ لماذا تظهر الآن؟ وأطلقت زفرة طويلة يا الله أبعد كل هذا العمر تعود بهذا القرب؟
جاء المساء وتأنقت مي مرتدية فستانًا أزرق، مطلقة العنان لشعرها الأصهب الذي يصل لمنتصف ظهرها، وذهبت لتقابل يحيى، دخلت المطعم لتجده ينتظرها، قام مرحبًا بها مبديًا إعجابه بروعتها.
جلست وتساءلت عن نيازي ألن يحضر العشاء؟
فنظر لها ضاحكًا مقتربًا قليلًا من وجهها "هل تخافين الجلوس معي بمفردك؟"
فنظرت له بتحدي" لقد توقفت عن الخوف منذ زمن يا يحيى."
ابتسم وأخذ نفسًا طويلًا يساعده على البوح بالقادم "مي بدون مقدمات طويلة أو لف ودوران... أحبك."
أطرقت برأسها خجلًا فاحتوى كفها بين راحتيه واسترسل
"مي أحببتك منذ النظرة الأولي، منذ ضممتك بين ذراعي لأخرجك من الماء، منذ أن قمت بعمل التنفس الاصطناعي لكِ مع أن نيتي كانت خالصة لله لأنقذك (قالها غامزًا بعينه) منذ أن فتحتِ هاتين العينين الزرقاوين وألقيتِ عليَّ تعويذه سحرك، مي كأني مقيد بك بقيدٍ لا أود أبدًا أن تنفصم عراه"
لم تعرف مي ماذا تفعل؟ كانت تحس أنه سينبت لها جناحان وتطير من الفرحة لكنها ما لبثت أن تمالكت نفسها قائلة
"لقد عانيت كثيرًا حتى أصبحت ما أنا عليه الآن، أخاف أن تستولي عليَّ مشاعري فأغدو ضعيفة مرة أخرى، أنت لا فكره لديك عما مررت به، ما يعرفه الكثيرون عني من الإعلام نقطة في بحر ما عانيته."
وضع يدها على قلبه "أنا نهاية معانتك يا مي ما سبق انتهى."
نظرت له بحب "لا يحيى لم ينتهي، ما سبق حفر بداخلي أخاديد من المعاناة، أنا لا أنكر أبدًا إحساسي بالانجذاب إليك، لكني خائفة، لا أريد أن أضيف لجراحي جرحًا آخر، وأعتقد أنك ستتعب معي كثيرًا، فمن الأفضل أن يكون ما بيننا عملًا فقط."
نظر لذلك البحر الأزرق اللا متناهي "أرجوكِ أعطي فرصة لنفسك ربما أكون أنا دواءك الذي يشفي الجراح."
نظرت للفراغ كأنما تحاول استطلاع المستقبل "أخشى أن تكون سكينًا تمزقني!"
هز رأسه نافيًا "أبدا لن يحدث امنحينا الفرصة."
قالها ناظرًا في عينيها فلم تملك إلا الخضوع مبتسمة له
"لا تعتقدي أني سأدعك دون أن تبوحي لي بكل ما ضايقك يومًا لكن ليس الآن."
"مولاتي."
ضحكت مي
فقال "نعم مولاتي وأنا تابعك المتيم في بحور غرامك."
"أنت رهيب." قالت مي ضاحكة
فوقف يحيى مادًا يده إليها "هل أنال شرف هذه الرقصة مع مولاتي؟"
فمدت يدها قائلة "أعتقد ذلك."
صعدا للمسرح ليرقصا رقصة هادئة مع الراقصين، لم ينبت أحدهما ببنت شفه كان حديثهما حديث عيون وما أدراكم ما حديث عيون العاشقين، كانا في عالم آخر، حتى أن الكل لاحظ ذلك فتركوا المسرح لهما وحيدين يرقصان وسط نظرات الإعجاب بهما وبحبهما هذا، ولم يفيقا إلا على صوت تصفيق الحاضرين بعد انتهاء الموسيقى.
تصادف وجود أحد محرري الصحف الصفراء بالمكان وصور بكاميرا خفية يحملها معه بطلينا العاشقان.
في جانب آخر في زاوية خاصة بالمطعم تكشف المكان بدون أن يكشفها أحد كان هناك شخص جالس يراقب عصفوري الحب العاشقان وبداخله تعتمل مشاعر متضاربة من الفرح، الخوف والحنين.
غادر يحيى المطعم برفقه مي وظل يقود سيارته متتبعًا إياها إلى أن وصلت فيلتها، دخلت مي الفيلا لتجد والدتها بانتظارها
احتضنت أمها بسرور "حبيبتي كيف تشعرين الآن هل زال الصداع؟"
"نعم الحمد لله هل استمتعت بتناول العشاء؟"
دارت حول نفسها بمرح "كان عشاءً رائعًا، حوري هل نجلس سويًا أريد أن أخبرك بأمر مهم."
ابتسمت حور لمرآها ابنتها بهذه السعادة "ما دمتِ ناديتني بحوري فبالتأكيد إنه أمر كبير، تعالي صغيرتي بدلي ملابسك ووافيني لغرفتي."
بدلت مي ملابسها وذهبت لغرفة والدتها جلست في حضنها وسردت عليها كل شيء من أول لحظه قابلت فيها يحيى...
زفرت حور "آه يا صغيرتي، أخيرًا دق قلبك، فليسعدك الله لكن تروي يا مي، لن أقول إلا تروي، فالقلب يا بنيتي يندفع في مشاعره، حكمي عقلك قبل قلبك."
نامت مي في حضن حور
لكن حور ظلت مستيقظة تفكر في ابنتها وتتعجب من الزمن وأفعاله محدثة نفسها
"يا الله من بين كل الرجال لا يدق قلب مي سوى ليحيى، يا ربي احمها وساعدني في إخفاء الماضي الذي يحاربني للظهور."
في الصباح توجهت مي للشركة لتجد أن الكل يقابلها بنظرات غريبة مختلفة، تارة نظرة فرح، نظرة شفقة، نظرة حقد، لم تعرف لماذا هذا التغيير؟! منذ زمن لم ترى كم التغير في النظرات الموجهة لها هكذا!
دخلت مكتبها لتجد شجن مكفهرة الوجه وقالت لها
"هل نمتِ البارحة جيدًا يا صديقتي؟"
نظرت لها مي نظرة استغراب من الطريقة التي تحدثها بها
"ماذا هناك يا شجن؟ لماذا تتحدثين إليَّ بهذه الطريقة؟"
"لا تعلمين بالطبع! وكيف ستعلمين؟ لماذا تكذبين عليَّ يا مي؟ انظري."
وأعطتها جوالها لتطالع شجن صفحة من صفحات مواقع التواصل المتخصصة بأخبار المشاهير وتجد صورها وصور يحيى وهو مقترب منها، صورة أخرى وهو يمد يده إليها للرقص، وصورة وهما يرقصان، وصورة أخرى والمسرح خال من حولهما.
ومكتوب في العنوان
"شاهد قبل الحذف الحسناء تلقي شباكها على رجل السياحة."
وفي صفحة أخرى
"خبر الموسم مي الجيار تخطط للاستحواذ على فنادق نيازي."
في صفحه ثالثة
"ابنه الجيار وقعت أخيرًا في الحب."
الصدمة أخرست مي وسقطت على كرسيها منهارة باكية
"لماذا لا يتركونني في حالي؟ ألا يوجد بالبلد كلها سواي؟"
في هذه اللحظة رن جوالها وكان يحيى
"لا تتضايقي ولا تشغلي بالك سأتصرف وسيختفي كل هذا."
"كيف يا يحيى؟! هل ستمنع الناس من الحديث، من المشاركة، إذا منعت موقع كيف ستمنع كل المواقع؟ أنا فريستهم يحيى لن يتركوني أبدًا!"
"لن يتوقفوا لأننا سنمنحهم خبرًا جديدًا للحديث عنه."
"ماذا تقصد؟"
"سأزورك اليوم في الثامنة مساءً مع عمي لنخطبك من والدتك وهذا سيخرس الجميع."
"لا، لا أريد أن نرتبط بسبب الضغوط."
"أنا أريدك وأنتِ تعلمين هذا جيدًا انتظريني مساءً، إلى اللقاء مولاتي."
"إلى اللقاء."
نظرت شجن لمي وقالت "ماذا تنتظرين، هل ستوافقين على ما قاله؟ هل ستخطبين له لإسكات الألسن؟"
لم ترد مي وغادرت إلى فيلتها مرتمية في أحضان والدتها وانفجرت في البكاء وروت لها ما حدث كل ما قالته حور
" نيازي قادم ليخطبك ليحيى"
وصمتت قليلًا
"فليكن إذن، هذا أفضل من أن يجلدوك بسياطهم بنيتي، لا تحزني استعدي."
حل المساء...
تأنقت الاثنتان واستعدتا لاستقبال الضيوف، دخل نيازي ويحيى وجلسا بالصالون، وجاءت حور ومي لتسلما عليهما، كان سلام حور ونيازي يشوبه الغموض والترقب وكذلك التوق!
تكلم نيازي قائلًا
" لقد جئنا لنخطب مي ليحيى سيدة حور هل لديك أي مانع؟"
"لا أنهما كبيران كفاية ليقررا صالحهما."
"على بركة الله فلنتم الخطبة الأسبوع القادم."
وانصرفا
بعد مغادرتهما انفردت مي بحور "هل تعرفين السيد نيازي من قبل يا حوري؟"
صمتت حور قليلًا ثم قالت "نعم أعرفه من زمن طويل، قبل أن يصبح السيد نيازي صاحب الأموال، منذ أن كان مهندسًا زراعيًا يعمل عند جدك."
"حقاً يا حوري! لكن أحس أن بينكما شيء ما."
"وماذا سيكون بيني وبينه؟! إنه رجل عصامي بني نفسه بنفسه" قالتها بإعجاب
وتركتها وسط تأكد مي من شكوكها من أن هناك قصة بين نيازي وحور
هاتفها يحيى...
"مولاتي تابعك المتيم لا يستطيع النوم بدون أن يسمع صوتك ويطمئن أنكِ بخير."
ابتسمت وهي تلعب بخصلاتها الصهباء "أنا بخير أيها المتيم، أفكر فقط في تجهيزات حفل الخطبة، سنقيمه في المنزل وسيكون مقتصرًا على الأقارب."
"لا، مولاتي يجب أن يكون حفل خطبتها أسطوريًا."
"ولكن!"
"ليس هناك من لكن، دعي الأمر لي سأجعلك تنبهرين سأعد كل شيء حتى فستانك."
ضحكت مي " حتى الفستان يا يحيى!"
"نعم، حتى الفستان."
"حسنًا سنرى ما ستفعل!"
****
فوجئت مي في الصباح بخبر خطوبتها المنتظرة يتصدر عنوانين الجرائد والمجلات وكل وسائل الأعلام، استقبلت التهاني من الجميع
دخلت عليها شجن في المكتب وقالت "هل تحبينه حقًا يا مي؟"
"نعم شجن أعشقه، قلبي يرفرف من حبي له، والدنيا تكاد على رحابتها لا تسعني من فرحتي."
لامت شجن نفسها على تفكيرها فيه، بعد أن راجعت نفسها احتضنتها قائلة
"فليتم الله لكما بالخير يا صديقتي".
***
حان يوم الخطبة، كانت شجن معها منذ الصباح الباكر، فالفيلا صارت خلية نحل لتجهيزات الخطبة، شدد عليها يحيى ألا تخرج أو تلقي أي نظرات مختلسة على الحديقة، بعد قليل جاء الفستان ولوازمه مع فريق التجميل
"انتظروا قليلا لأقيس الفستان."
فتحت مي الغلاف لتجد فستان خطبتها بلون أزرق كفساتين أميرات القصص الخيالية، وبالطبع كان على قياسها، بعد انتهاء خبيرة التجميل من عملها،
وصل فارسنا المغاور سارق القلوب في حلته الرسمية التي زادته وسامة فوق وسامته ليأخذ مولاته لعرشها، مقلدًا إياها طقمًا ماسيًا خلابًا.
توجهها للحديقة سائرين في ممر من قماش الشيفون من اللون المماثل للون الفستان،
تُلقى عليهما بتلات الورود، وتطلق الألعاب النارية.
حتى وقفا في منتصف المنصة وتعالت أنغام موسيقي هادئة ارتفعت بهم تلك المنصة تزامنًا مع رقصهم رقصتهما الهادئة وسط هتاف الجميع وتصفيقهم
"أعد لك مفاجأة أتمنى أن تعجبك."
بهيام قالت "كل ما تفعله يعجبني."
"أتوافقين أن نعقد قرآننا الآن؟"
قالها ناظرًا في عيناها ممسكًا بذقنها جاعلًا إياها تنظر في عينيه
لا تدري كيف قالت "نعم أوافق."
فرفع يده وفجأة تطايرت البالونات في كل مكان بالحديقة
أمسك يحيى بالميكرفون قائلًا "وافقت يا عمي وافقت." قالها صارخًا
فدخل عمه ممسكًا بيد المأذون وجلسا على طاولة أعدت في لحظات، وبدأ في كتابة عقد الزواج وسط ابتسامات مي ويحيى ودهشة والدتها، لكن لم يسبق لها أن رأت ابنتها بتلك السعادة أبدا ولم تقو على الاعتراض.
عُقد القران وشهد عليه خالد محامي شركه نيازي، وأحمد محامي شركه مي، بعد العقد انطلقت الحمائم البيضاء ترفرف في سماء الحديقة، أخذ الكل يهنئهما وتوجه نيازي لحور مهنئًا إياها
"مبروك يا حور، لم يرض الله عن فرقتنا، وربطنا بارتباط فلذات أكبادنا."
حور سيطرت على نفسها كيلا تبكي وتركته وذهبت لابنتها تهنئها.
خالد رأى شجن واقفه تبكي من سعادتها لصديقتها فاقترب منها
"جميلة جميلات الحفل تبكي، لا يجوز هذا، هاتان العينان لم تخلقا للبكاء."
"أستاذ خالد لا يصح هذا الكلام."
قال متعجبًا "كيف لا يصح؟! هل يمنع الزوج من التغزل بزوجته المستقبلية التي سكنت بداخل روحه ويعد الأيام ليتقدم لها."
تضرجت وجنتاها من الخجل وهرولت من أمامه تستبق الخطى لتبارك لصديقتها، ثم عادت للطاولة حيث والديها؛ لتجد خالد جالسًا مع والدها الذي أخبرها أن خالد يريد خطبتها وسيزورهم في المنزل غدًا، أخرستها المفاجأة، فهي التي كانت تستكثر على مي يحيى، بعد أن رضيت بقضاء الله يرسل لها الله خالد، وما أدراكم بسمعة خالد وسيرته العطرة بين المحامين وعائلته وثروته، لا يوجد به عيب واحد.
تساءل خالد "هل لديك أي اعتراض على شخصي آنسة شجن؟"
"لا بالطبع أستاذ خالد." قالتها خجلة محمرة الوجنتين
"هل أبشر نفسي بالخير؟"
فابتسمت فقال "إذن إلى لقاء قريب " وتركهم وذهب لصديقه يحيى
كان حفل الخطبة وعقد القرآن في غاية الروعة
واستمرت الأوساط كلها في الحديث عنه لعدة أيام
كان يحيى دائم الزيارة لها وكان يصحب نيازي في بعض تلك الزيارات ودائمًا ما كان يلحظ التوتر بين عمه وحور
وفي إحدى زيارات يحيى لمي أثناء جلوسهما بالحديقة مع والدتها ونيازي
قالت مي " أنا حقًا سعيدة يا يحيى، لقد قاسيت الأمرين من الجيار (لم تكن أبدًا تقول عنه والدي دائما كانت تقول اسمه مجردًا)
لقد كان يعاملني معامله في غاية السوء، لم يشعرني أبدًا أني ابنته، لم يكن يحنو عليَّ أو يتحدث معي، لم يُقربني له في يوم من الأيام أو يُجلسني في حضنه، ويلعب معي كان قاسيا معي جدًا، الوحيد الذي كان لي بمثابة الأب هو جمال، كان سندي وملجأي كان يحبني جدًا، وكان دائم المعاتبة للجيار على معاملته لي.
وفي يوم ما كان الجيار قد رتب زواجي من شاكر النادي بالتأكيد تعرفه، إنه زير النساء المعروف، ذهبت لجمال لينقذني من هذا المصير، كان الجيار متشبثًا برأيه، فشاكر كان سيدفع مبلغًا كبيرًا من المال له، وهو لم يكن يشغل باله سوى المال، فعرض عليه جمال مبلغًا خياليًا، بشرط أن يزوجني له لأجد نفسي زوجه لجمال وأنا في عمر أقل من عمر ابنه، أخبرني جمال أن هذا هو ضمانته الوحيدة لكي يبتعد عني الجيار ويثق أنه لن يحاول بيعي مرة أخرى، أمي كانت في غايه المرض والتعب من أفعال الجيار لكن بعد لقاء لها بجمال وجدتها تشجعني على الزواج منه وأن هذا هو السبيل الوحيد للفكاك من الجيار، أقام جمال لي عُرسًا أُسطوريًا وفي ليلة الزفاف التي لن أنساها أبدًا فقد كنت خائفة مرعوبة! كيف لي أن أكون زوجة لرجل لم أنظر إليه أبدًا إلا على أنه والدي الذي فقدته رغم حياته، أغلق علينا باب واحد، أمسك يدي واقترب مني
وقال "أبدًا مي لا تخافي، أنت ابنتي التي لم أنجبها، ربتك حور أحسن تربية بعيدًا عن كل عيوب الجيار، تزوجتك لأحميكِ فقط وفي اليوم الذي يدق قلبك فيه لرجل يستحقك سأسلمك له معززه مكرمه."
وعشت معه أمام الناس زوجته وفي المنزل ابنته!
لم يكن يتوانى عن فعل كل شيء لإسعادي وراحتي، لم يحرمني من أي شيء، عوضني عن والدي الميت الحي، الذي ما لبث أن نقضني عن كاهله ولم يسأل عني أبدًا.
لم ينغص عليَّ حياتي سوى أشرف ابن جمال، كان صفيقًا، سافلًا، وضيعًا ينظر إليَّ دائمًا بعيون تملأها الرغبة والشهوة، أبعده جمال عنا ومنعه من دخول الفيلا.
وفي يوم لن يمحى أبدًا من ذاكرتي...
كان جمال مسافرًا وكان قد قام بتغير طقم حراسة الفيلا، كنت نائمة في سريري لأفيق على ذلك السافل وهو يُقبلني، صرخت لم ينجدني أحد! لأنه قد قام برشوة الحرس الجديد، حاولت الهرب منه في أنحاء الفيلا وأنا أصرخ، لم ينجدني أحد، إلى أن دخلت غرفة المكتب، كان جمال يحتفظ بسلاحه هناك في الدرج الأول، استطعت الوصول له، هددته ليخرج أخذ يضحك وهو يخلع ملابسه ويقول
"لن تستطيعي فعلها."
وانقض عليَّ وطار المسدس من يدي... قاومته بكل ما أوتيت من قوة... إلى أن وصلت للمسدس وأطلقت الرصاص!
أخذت أطلق الرصاص إلى أن فرغ المسدس مني، تجمع الحرس والجيران واستدعوا الشرطة، كُنت في حالة صدمة لم أنطق أو أتحدث مع أحد، استمروا في التحقيقات وأنا صامته، إلى أن وصل جمال ارتميت في أحضانه وانفجرت في البكاء والصراخ.
جند كل رجاله لإخراجي بأسرع وقت، علمت من جمال أن طقم الحراسة الجديد كان الجيار هو من أرسله فقد كان مشتركًا بالتخطيط لما سيتم مع أشرف بعد أن قبض منه مبلغًا كبيرًا، عاقبه جمال على فعلته ولم ينتظر القانون، يوم أن خرجت صدمت الجيار سيارة مسرعة، لم أحزن أبدًا، حتى أنني لم أذرف دمعة عليه، ولم أرتدي الأسود.
بعدها بشهر فوجئت بوفاة جمال، لم أكن أعرف بإصابته بالسرطان وعلاجه بالخارج، عشت مع والدتي أحاول الخروج من اكتئابي وعزلتي... عانيت كثيرًا، جمال كان غاليًا جدًا على قلبي، كان والدي الذي لم ينجبني، تعبت كثيرًا حتى استطعت الوقوف على قدمي.
ثم قابلتك وأنت تعرف الباقي"
ثم ابتسمت
ضمها يحيى في حنو
"انسي كل الماضي يا مولاتي ولا تتذكري سوى متيمك فقط "
فضحكت وضحك نيازي
لكن حور ظلت صامته
ثم قالت "هذا يكفي، لم أعد أحتمل آن الأوان لظهور الحقيقة."
نظر لها الجميع فقالت "أنتِ سألتني قبل الآن عن سابق معرفتي بنيازي يا مي وسأقص القصة عليكم كاملة فهناك ما لا يعرفه نيازي نفسه...
نيازي كان يعمل لدي جدك مهندسًا زراعيًا يباشر الأرض ومتطلباتها، أحببنا بعضنا من أول نظرة كما حدث معك ومع يحيى، لكن الفرق أنه أنقذني من فرس جامحة كنت أركبها، عشقت نيازي، تقدم ليخطبني، جدك رفض، وأقام الدنيا علينا وطرده
هربت مع نيازي وتزوجنا، كان يومًا واحدًا قضيناه سويًا، لم أعش في حياتي يومًا أسعد منه، لكن جدك جند كل رجاله وأمسكوا بنا، جن جنونه عندما علم بزواجنا، أجبر نيازي على تطليقي بالثلاثة فقد هدده إن لم يطلقني سيقتلني أمام عينيه،
كان الموت أهون عليَّ، لكنه طلقني خوفًا وضربه الرجال ضربًا شديدًا أمامي توسلت إلى جدك أن يتركه ولن أعصي له أمرًا أبدًا بشرط أن يترك نيازي على قيد الحياة.
بعد شهر اكتشفت أني حامل، كان نيازي قد سافر للخليج فقد كنت أتابع أخباره، صُعق جدك عندما علم بحملي، أراد إجهاضي، رفضت قلت له اقتلني، هنا ظهر الجيار وأبدى استعداده للزواج مني وإنقاذ الموقف وأنه سيكون والدًا لمن أحمله في بطني...
رفضت...
هددني جدك بأنه يعلم جيدًا مكان نيازي وأني إذا لم أقبل سيقتل نيازي بدم بارد،
وافقت وزوجوني الجيار وعندما ولدتك كتبك باسمه، كان الجيار يعاملني جيدًا، ولكني كنت أمنع نفسي عنه، حتى مات جدك فظهر على وجهه الآخر، لم أنعم معه بيومٍ جيد أبدًا والباقي أنتِ تعلمينه.
وقف نيازي محتضنًا مي "يا إلهي! لقد كنت أشعر بهذا دائمًا، عندما كنت أرى صورك، كنت أقسم أنكِ ابنتي، لكن لم أرد أن أحطم حياة حور أبدًا فقد ظننتها سعيدة"
طلب نيازي يد حور للزواج فوافقت.
قام بعمل تحليل لإثبات أبوته لمي رسميًا وغير اسمها وأصبحت
مي نيازي، شهد من كان موجودًا من الخدم وقتها بإجبار حور على ما فعلت.
يحيى ونيازي تزوجا في يوم واحد في عرس استمرت الاحتفالات به لمده أسبوع
عرس وحكاية تحدثت عنها كل البلاد لمده طويلة.
إنه حقا العشق
تمت بحمد الله





































