ودخل للرجال مرة أخرى ولم ینتبه لتلكما العینان اللتان كانتا تلمعان بنظرات الرغبة عیون صقر الجبالي، أنھى أموره معھم فصقر جاء ليعرض عليه أن يكون خليفة لوالده في التجارة معه، لكن فهد رفض ذلك رفضًا قاطعًا، فهو لن يتاجر أبدًا في المخدرات، وكم كانت صدمته كبيره بمعرفته أن والده كان يعاون صقر، لكن صقر طلب الحدیث معه على انفراد: خیر یا صجر.
- خیر یا فھد باشا، كنت راید البنته اللي دخلت علینا وھربت دي.
انتفض فھد واقفًا: راید مین یا مخبل؟
لیكمل صقر بسرعة: في الحلال وﷲ.
أخذ فھد نفسًا عمیقًا: اللي بتجول علیھا دي تبجي مرتي یا صجر، ھاسامحك لأنك ما تعرفھاش، مع السلامه.
خرج صقر ونار الرغبة تسري بدمائه وخاطب يده اليمنى الجديد وصديقه غازي قائلًا: رايد أعرف كل حاجه عن مرت فھد.
نظر له غازي بقوة: من میتي الحریم بیدخلوا في شغلنا يا ريس؟
ابتسم صقر: مش شغلنا(وربت على قلبه) دي شغلي آني، لازمن تكون لیا، دي فرسه بریه وعاوزه الخیال، لو جلت لك أن هي دي الجنيه اللي كنت باشوفها في أحلامي، وفجأه لجيتها جدامي، تصدجني.
- وعاكدبك ليه يا ريس، بس غريبه الحكايه دي، اللي أعرفه إنھا بنت عمه الناصري.
قال صقر: بنت عمه مش بنت عمه، رايد أعرف كل حاجه عنیھا وبتروح فین وتیجي منین.
***
وعند طایع...
ألبس ملیكة ملابسھا وبعد قليل أفاقت ملیكة قلیلًا وتلفتت حولھا لتجد طایع، فأمسكت رأسھا بألم: إیه ده؟ إیه اللي حصل؟ أنا جیت ھنا امتى؟ أنا فاكره إن...
(ثم صرخت) االنار، ضربوا علینا نار.
احتضنھا طایع: اھدي یا ملیكه.
أخذت تبكي وتصرخ: شدوني من العربیه، وعم عبدالرزاق بیحاول یحوشھم، وراسي وجعتني بعد كده مش فاكره حاجه.
نظر لھا بقوة: ولا أي حاجه.
قالت ببراءة: لا ده اللي فاكراه(تنبھت للرائحة) إیه الریحه دي؟
- بعدین یا ملیكه.
- بعدین إیه؟ الریحه دي علیا أنا، ده برفان رجالي، ومش بتاعك.
ابتسم بوجع: الحیوان سالم كان بیوصل لیا إنه یجدر یاخدك مني، وغرجك بالریحه بتاعته.
صرخت: یع ریحة سالم.
وھرعت للحمام وتنبھت للملابس
- أنا ما كنتش لابسه الهدوم دي.
- أنا غیرت لك خلجاتك.
دخلت الحمام مسرعة لتزیل عن جسدھا تلك الرائحة وخرجت تلف نفسھا برداء الاستحمام: - ایه اللي حصل بقى؟
قص علیھا ما حدث وأخبرھا أنھم وجدوھا في منطقة نائیة (لكنه أخفى علیھا كیف وجدھا عاریة ملفوفة بملاءة) وضرب رأسه: یوه البولیس.
وھاتف الضابط المسؤول لیعلمه أنه وجدھا، أتى الضابط بعد قلیل
لیعاتبه وأنه كان من المفترض أن یخبره بمكانھا لیكون معه حین یجدھا
- معلش یا باشا، دي مرتي برضك وما صدجت إني عرفت مكانھا، ورجالتي كانوا معایا.
- طیب عاوزین المدام عشان كام سؤال كده.
- ما ھیاش فاكره حاجه، كانت متخدره.
- معلش اسالھا أنا من فضلك.
حضرت ملیكة وسألھا الضابط ولم تفده بشيء، وفزعت بمعرفتھا أن الحراس كلھم قتلوا وكذلك السائق وھرعت لغرفتھا باكیة.
تبرم طایع قائلًا: یعني كان لازم تجولھا.
قال الضابط: أومال إنت كنت ھتبررغیاب السواق ازاي؟
- یا سیدي كنت ھاجولھا سافر، أي حاجه.
نظر له الضابط نظرة متفحصة: أنا عارف إنك مخبي علیا حاجه، بس ھي الحكایه كلھا ملعبكه ولا فیه شھود ولا أي حاجه تساعدني، بس أنا في الخدمه یا طایع باشا، ولو أقدر اساعد بأي حاجه قولي.
وأنھى اللقاء معه وتوجه لغرفتة ناظرًا بحسرة إلى ملیكة التي كانت لا تزال تبكي على عبد الرزاق ومن ماتوا من رجال الحراسة
- حرام، استفاد إیه لما قتلھم، عبدالرزاق عنده ولاد اتیتموا كده.
احتضنھا: ما تخافیش أنا مش هاهملهم واصل، لا یمكن ده یحصل، دول في رجبتي لآخر نفس في صدري، أنا رأیي تریحي شویه عشان رابحه وفھد في الطریج أكید.
تمددت على السریر وتمدد بجوارھا یمسد شعرھا إلى أن أحس أنھا نامت، فتوجه للغرفة الملحقة بغرفة النوم وقام بإخراج العلبة التي أعطاھا له البواب وفتحھا لیجد بداخلھا فلاشه، فقام بإیصالھا بالكومبیوتر وجلس لیشاھد ما بھا...
في تلك اللحظة كانت محاولات ملیكة في استجداء قدوم النوم فشلت وانتصر الأرق فقامت لتبحث عن طایع، وجدته یجلس بالغرفة أمام اللاب، تعجبت ما الذي يجعله يتركها وحيدة في السرير بمثل هذه الظروف التي ألمت بهما، فغلبها الفضول وصمتت ووقفت خلفه لتشاھد ما الذي یشاھده بتركيز هكذا، لم یشعر طایع بھا فلقد كان متوترًا متحفزًا لا یدري ما الذي في التسجیل المرفق، وجده تسجیل فیدیو یطالعه فیه أولًا وجه سالم بابتسامته القمیئة، ثم ملیكه ممدة على السریر، وذلك الوغد یجردھا من ملابسھا ونیران الدنیا وبراكینھا تشتعل في جسد طایع غضبًا وغیرة.
كانت تقف خلف طایع مذھولة مما ترى تضع یدیھا على فمھا خوفًا من إصدار صوت، إلى أن ظھر سالم وھو یجثو فوقھا عاریًا فصرخت، تنبه لھا طایع واستمرت بالصراخ الى أن سقطت فاقدة للوعي، حملھا ووضعھا في غرفتھا، بعد قليل فتحت عیناھا، فجرت الدموع أنھارًا وطایع یحتضنھا
- ما تخافیش، ھاجیبلك حجك منه وﷲ أجسم لھیتمنى الموت وما یلاجیھوش.
نظرت له وعیناھا تشعان كرھًا وحقدًا وهي تصرخ: وأنا ھاستفید إیه؟ موته مش ھیشفي غلیلي، موته مش هيرجع اللي راح مني.
وخفضت عیناھا بكسرة: ولا ھيشيله من ما بينا، ولا ھیشیل لمسته لجسمي اللي ھافضل فاكراھا طول العمر.
وأخذت تبكي: سبني لوحدي یا طایع.
احتضنھا: ازاي بس أسیب روحي وحته مني.
أبعدته بعنف: أنا خلاص اتدنست بسالم، فاھم یعني إیه؟! یعني سالم بیني وبینك لآخر العمر.
ثم صمتت قلیلًا: طلقني.
نظر لھا مصدومًا: بتجولي ایه!؟
قالت بإصرار: طلقني، ما ھو بعد اللي حصل ما ینفعش نبقى سوا.
احتضنھا بقوة: ما جلتش ان اللي حصل سھل ولا ھیتنسي، بس ھیعدي وإحنا سوا یا ملیكه، وجبل ما أكون جوزك وحبیبك آني ولد خالتك، ومربوطین سوا لآخر العمر یا ملیكه، انتي مخطيتيش ولا كنتي معاه بمزاجك.
ابتعدت عن حضنه والدموع تتلألأ في مقلتیھا: اللي حصل كسر كل حاجه إنت خدت بالك إنك بتقولي یا ملیكه، ما قولتش ملیكتي.
تلعثم: أنا ....
وضعت یدھا على فمه: اسكت یا طایع، قلبك حاسسھا ولسانك ترجم من غیر قصد ، أنت حاسس إني ما عتش ملیكتك.
- بس ....
- من غیر بس یا طایع، ما لوش لازمه الكلام.
جلست تنظر للبعید والدموع تنهمر من عینیھا بدون إرادة وطایع یجلس بجوارھا لا یقو حتى على احتضانھا.
ھو أیضا مكسور، مكسور أكثر منھا، لقد حال بینھما سالم حقًا ونال مراده في وضع حاجز خرساني بینھما.
قامت من جلستها فسألها: على فين يا غاليه؟
- راحه الحمام.
توجهت لدورة المیاه، أغلقت الباب وجلست على حافة البانیو والأفكار تدور برأسھا وصورة سالم وھو یجردھا من ملابسھا ترفض مغادرة عقلھا، لعب الشیطان برأسھا واسودت الدنیا بعینیھا وتناولت أحد أمواس الحلاقة وابتسمت بمرارة فطایع لا یحب الحلاقة إلا بالطریقة التقلیدیة القدیمة فتناولت الموسي وإصبع أحمر الشفاه لتكتب على المرآه
(حبیتك لآخر نفس، بس خلاص ما ینفعش)
وقطعت شریانھا وجلست على الأرض تنظر للدماء المنسابة من یدھا بلا أدنى شعور وكأنھا تشاھد أخرى تنزف، تأخرت في الخروج من دورة المیاه وبدأ طایع ینادیھا ولا تجیب، فكسر الباب وھاله ما رأى، قام بلف یدھا جیدًا وحملھا على السریر، واتصل بالطبیب الخاص بھم، الذي حضر سریعًا فھو یسكن بالجوار.
ليقول الطبيب: محتاجه تتنقل مستشفى یا طایع بيه.
وضع طایع یده بقوة على كتف الطبیب: اللازم ھیتعمل إهنيه، مش ھتسیب البیت ولا مخلوج غیرنا ھیعرف حاجه.
رضخ الطبیب لطلب طایع وقام بعدة اتصالات لطلب كيس من الدم، وقام باللازم فمنع النزيف وأخاط الجرح، ونقل لها الدماء.
ثم قال لطايع: لازم المدام تبعد عن أي ضغط عصبي تاني، وتتغذى كويس عشان تعوض الدم اللي فقدته.
ثم غادر وھي نائمة.
جلس طایع بجوارھا یقبل رأسھا: عاوزه تحرمیني منك یا حبة الجلب، مش كفایه اللي حوصل.
وقام للحمام لینظف آثار الدماء ووجد تلك العبارة على المرآه فقال وھو
یمسحھا (ولآخر نفس في عمري یا عمري ھافضل احبك)
بعد فترة وصل فھد و بصحبته رابحة فتح طایع الباب واستقبلھم لیخبر رابحة بوجود ملیكة في الغرفة نائمة، ھرعت لھا رابحة لتجلس بجوارھا وتحتضنھا:
- حمدلله على سلامتك یا موكا، الحمد كنت ھاموت من القلق علیكي.
فتحت ملیكة عینیھا لتجد رابحة بجوارھا، تمسكت بھا وأخذت تبكي:
- خلاص كل حاجه راحت.
احتضنتھا رابحة بقوة: كل حاجه ایه بس اللي راحت؟ انتي زي الفل أھو والحمد لله لقیناكي.
مسحت دموعھا: یا ریتني مت یا ریتكم ما لقتوني.
انتبھت رابحة لرباط یدھا: إیه ده؟ انتي اتعورتي.
ابتسمت ملیكة بمرارة: لا، یا ریت، ده حتى الموت غضبان ومش عاوزني، حاولت أخلص على نفسي وأخلص من عاري بنفسي، بس ربنا ما كتبلیش اموت.
- أنا مش فاھمه حاجه منك یا بنتي، عار إيه؟ فھمیني.
قصت ملیكة على مسامع رابحة ما كان، وما فعله سالم بھا.
- لا إله إلا ﷲ، ربنا ینتقم منه، حسبي ﷲ ونعم الوكیل، الھي تموت محروق یا سالم ما یلحقوا یطفوك، وانتي تموتي نفسك لیه یا ملیكه؟ انتي لا غلطتي ولا عملتي حاجه غلط، ینفع كده عاوزه تموتي كافره یا ملیكه، ھتھربي من الدنیا، اللي حصل اختبار یا ملیكه ھنعدیه وإلا ھنفشل.
وفي الخارج
بینما لاحظ فھد كسره طایع: إیه یا طایع، مالك مش فرحان إن ملیكه رجعت وإلا ایه!
زفر طایع بقوة فاقترب منه فھد قائلًا: یا بوي یا طایع، كأنك ھتحرج الدنیا.
- احرجھا بس یا فھد، ده أنا لو طولت رجبة سالم لاشویه حي.
- سالم! ھو اللي كان ورا الحكایه إیاك.
أومأ طایع برأسه
- ولد المحروج، یبجي مد یده على ملیكه.
- یا ریتھا كانت یده بس یا فھد.
ووضع كلتا یدیه على رأسه یمسكھا، تملك الغضب من فھد، فلقد فھم ما حدث مع ملیكة: جسمًا بالله یا خوي لھنلاجیه، وھناخد بتارنا منیه، ملیكه عندي كنھا أخت رابحه حجھا لازم نجیبوه.
ووضع یده على كتف طایع: اطمن یا طایع رجالتي كلھم وكل المطارید اللي أبوي كان یعرفھم ھیكونوا معانا وھنجیب الكلب ده وھتغسل عارك.
قام فھد بإجراء اتصالاته داخل وخارج البلاد وتوجیه كل من یعرفھم لإیجاد سالم ونجوى.
عاد فھد ورابحه للصعید لمباشره أعمال فھد ھناك، واصطحبا طایع وملیكه لیقیم الجمیع في دوار فھد لیكونوا سویة وتكون مليكة بجوار رابحة تواسيها ولا تترك لها فرصه في أن تكون وحيدة خشية أن يسيطر الشيطان عليها مرة ثانية وتكرر محاولتها للانتحار.
**
استدعى الكبير دياب فهد وصبيحة
بعد أن جلس فهد سأل الشيخ دياب: خير يا كبيرنا، مشيع لينا ليه؟
- خير إيه يا ولدي، ما رايدش تجعد معاي.
- استغفر الله يا كبير، بس انت طالب أمي معاي، والحاجه الكبيره مش معاك أهي، يعني فيه حاجه رايد فيها أمايتي.
- صوح يا ولدي فيه.
وقال لصبيحة: يا صبيحه ولدك موجود.
ابتسمت صبيحة: اسم الله على نظرك يا كبيرنا ولدي هيروح فين ما هو جارك أهو.
- لا مش ولدك ده، ولدك الصغير اللي ضرغام جال إنه مات بعد ما اتولد.
اتسعت عيناها اندهاشًا: كلام إيه ده؟.
وقال فهد: ازاي ده؟
فقال دياب: فاكر يا فهد وإنت عندي لما عطيتك تسرح شعرك، خدت الشعر وعملت التحليل واتوكدت من اللي باجوله ده.
ليخرج بحر فيقول دياب: هو ده ولدك يا صبيحه، بحر واللي وز على خطفه الجبالي الكبير، واللي خطفه هو غفيركم درديري.
قال فهد: وصجر عارف إن بحر خوي.
أجاب دياب: عارف يا ولدي عارف، بحر هرب منيهم هو وليل بنت رشوان أخو صجر، طالبين التوبه والحلال، ومن يوميها وبحر عندي لحد ما اتوكدت إنه خوك واتوكدت انه تاب هو وليل، ها جولك إيه؟.
ابتسم فهد: ودي فيها جول بعد حكمك يا كبير.
وفتح ذراعيه لبحر ليحتضنه قائلا: يا مرحب بابن العبابسه.
واحتضنت صبيحة ليل مرحبة بها، إلى أن أنهى بحر احتضان فهد وتوجه لوالدته التي وقفت أمامه قليلًا ثم قالت: انت في كتفك وحمه سوده صوح.
ابتسم: في كتفي الشمال.
احتضنته وهي تبكي وتقول: ألف حمد وشكر ليك يا رب، ما لحجتش أدسك في حضني وإنت صغار، أخدوك مني يا حبة جلب أمك وأبوك جالي إنك موت.
ابتسم دياب قائلًا: الليله هاعجد لبحر على ليل، وصجر ما يجدرش يجرب ليهم آني طلبت ليل منيه لبحر، وكفايه أننا هنعدوا حكايه خطف بحر ومش هنحاسبوهم عليها، جصاد ما هيحط لسانه جوه خشمه وما يتكلمش على هروب ليل ولا يأذيها.
وقال فهد: ومن بكره يا بحر هنطلعو كل الأوراج الرسميه اللي تثبت إنك خوي، وحجك في أملاك بوي هتاخده بداير المليم.
وتم تنفيذ ما اتفق عليه.
**
بعد یومان بینما یجلسون بالحدیقة وصلت سیارة فخمة للدوار ونزلت منھا سیدة بملابس فاضحة تلتصق بجسدھا، قام فھد وطایع مرحبان بھا، قامت بالسلام على طایع وقبلت فھد واحتضنته: وحشتني یا فھدي.
ھبت رابحة مذھولة من مجلسھا وطارت ناحیة السیدة وأمسكتھا من شعرھا الناري وأوقعتھا أرضًا وھي تصرخ: فھدك مین یا ملزقه، ده فھدي أنا وبس.
والسیدة تصرخ وفھد وطایع یبتسمان، ثم أبعد فھد رابحة مخلصًا السیدة منھا والتي وقفت وھي تصرخ: عاجبك كده، احميني من المتوحشه دي؟
وفھد یبتسم: یا ماریا دي مرتي، وآني جلت لك جبل سابج إنھا بتغیر من الھوى، تجومي تحضنیني وتبوسي كمان، أنتي عارفاھا وشفتیھا جاعده، كتي رایده تغیظیھا أھي عملت فیك اللي ما یعمل، ولو سبتھا علیك كانت أكلتك.
ورابحه بین یدیه تحاول الخلاص من قبضته
ھمس في أذنھا: لو لیا خاطر عندیك اھدي، الحمرا دي مجیتھا ھنا اكید وراھا حاجه كبیره، عمرها ما تيجي الصعيد من غير غرض، وغرض مهم كمان، عشان خاطري، وﷲ جلبي ما فیه غیرك.
وقبلھا من رأسھا أمام الجمیع وقال بصوت مرتفع: فھد ولد ضرغام العبابسي ما فیش في جلبه غیر رابحه بنت الناصري.
أخرجت رابحه لسانھا لماریا.
نظرت لھا ماریا بغیض: ممكن بقى نتكلم في الشغل یا فھد رابحه.
اقترب منھا فھد قائلًا بصرامه: آني فھد العبابسي، ولولا إني عارف انك محروجه منیھا، ما كنتش عدیت الكلمه اللي جلتیھا دي غیر بموتك یا ماریا.
ارتعدت فرائص ماریا: أنا آسفه مش ھتحصل تاني.
طلب فھد وطایع من ملیكة ورابحة المغادرة، وجلسا مع ماریا ولكن رابحة وملیكة كانتا تختلسان النظر علیھم من شرفة الدور العلوي.
قالت ماريا لفهد: مراتك وحش مفترس یا فھدي.
- یا بوووي تاني فھدي وﷲ لو سمعتك ما ھاجدر أخلصك منیھا.
ابتسم طایع
ردت ماریا: یعني انت ما تقدرلھاش.
غمز لھا فھد: ما جایز رایدك تاخدي درس.
أشارت بیدیھا: شكرًا جزیلًا لیك ولدروسك أنت والمدام.
قال فهد: سيبك من مراتي والدرس، مش نعرف سبب تكریمك لینا بالزیاره دي لحد الدوار، وانتي كان ممكن تتصلي بالتلفون، وإحنا نجیكي.
- الصراحه كنت عاوزه اشوفك، وحشتني، والأخبار اللي عندي محتاجه ھدیه حلوه لیا، لازم آخد الموافقه علیھا بنفسي.
فقال طايع: مش لما نعرف الاخبار إیه؟
ابتسمت: مش لما توافق على الھدیه الأول.
فتدخل فهد: لا إله إلا ﷲ یا ماریا، ھاوافج على حاجه ھدیه لحاجه لسه ما أعرفش تھمني وإلا لا.
- سالم.
انتفض طایع وفھد سویًا حین ذكرت الاسم، لتكمل وهي تعلم أنها ستنال
مرادها: عرفت مكانه.
قال طايع: اللي انتي عاوزاه ھتاخدیه ھو فین؟
قالت بخبث: مش لما تعرف أنا عاوزه ایه الاول.
قال طايع: اؤمري.
- الأرض اللي في الصحراوي، اللي بتقولوا علیھا المملكة السوداء.
نظر لھا فهد مضیقًا عیناه: أنت عارفه جیمة الأرض دي جد إیه؟
أشعلت سیجارتھا: عارفه، واللي عندي یستاھل، أنا مش بس عرفت مكان سالم، لا وصورته بیعترف بكل اللي عمله مع مراتك یا طایع، صدقني لما تشوف التسجیل ھتنبسط قوي، ومش بعید تزود الھدیه، بس شوف التسجیل الاول، وأنت هتقدرني صح.
قال بغضب: اللي عمله مع مراتي أنا عارفه وبعتلي تسجیل فیدیو بیه.
ابتسمت: لا انت تعرف اللي ھو كان عاوز یفھمه لیك، اتفرج بس على التسجیل ده وانت ھتفھم.
تناول منھا ھاتفھا لیرى سالم یجلس في أحضان فتاة یبدو أنھا فتاة لیل وتبدو آثار الثمالة علیه، وھو یقبل الفتاه قائلًا بمرارة وھو یضحك: آخرك البوس بس، أنا ما انفعش نھائي، حتى حلم عمري یوم ما لمستھا وكانت تحت ایدي كل اللي طولته بوسه.
سألته الفتاة: لیه قاومتك وما قدرتش عليها؟
- أبدًا دي كانت متخدره ونایمه تحت سیطرتي الكامله بس للأسف.
وأخذ یضحك بمرارة وسخریة: ما عرفتش، شفتھا قدامي وما عرفتش.
وربت على قلبه قائلًا: بس خدت حقي، وبوظت حياتها، وقعت بینھا وبین جوزھا.
وأخذ یضحك وقال: عارفه أبو الرجال جوزها، زمانه فاھم أني نولت مراته وبقت لیا وھافضل كده ما بینھم لآخر العمر، منكد علیھم، واحتمال كبیر یطلقھا أو یقتلھا، دول صعایده، ما یعرفش اني ما طولتش غیر لمسات وبس.
فور أن رأى الفیدیو وسمع تلك الكلمات حتى أطلق زفرة قویه معلنًا عن راحة جزئیة، واقترب من ماریا وقبل رأسھا وملیكه تغلي، فنظر للأعلى ووجدھا تنظر له وأشار لھا لتنزل، ونظر لماریا: اللي انتي طلبتيه ھتاخدیه یا ماریا.
كانت رابحة وملیكة قد وصلتا فاحتضن طایع ملیكة: اطمني الكلب سالم ما قدرش یعمل معاكي حاجه، بس برضه ھیتربى جزاء ما لمسك وكشف سترك.
نظرت له غیر مصدقة: بجد وإلا بتقول كده خایف أعمل في نفسي حاجه تاني.
قبل یدیھا: أبدًا یا ملیكتي، شوفي ده.
وآراھا الفیدیو، بعد أن شاھدتا الفیدیو أطلقت رابحة زغرودة واحتضنت ملیكة.
ابتسمت ماریا: حیث بقى انكم وافقتم وفرحتم، وأنا عارفه إن كلمتكم عقد، عندي لیكم ھدیه.
ونادت على أحد رجالھا: ھات الھدیه.
لیخرج رجلھا سالم من حقيبة السياره، مقیدًا ومكممًا ویلقیه أمامھم،
ھجمت ملیكة علیه تضربه فحملھا طایع: لا ده تار رجال.
وأمر الرجال بفك قید سالم وانھال علیه ضربًا، ثم نظر له وھو ملقى على الأرض غارقًا في الدماء: فاكر إني كده خلصت انتجامي تبجي عبیط.
وأخذه الرجال لیصعدوا إلى الجبل، وھناك حفروا حفرة دفنوا أقدام سالم بها بمنطقة تعتبر مرتعًا للذئاب الجبلیة.
وقال طایع: دیابة الجبل ھیتكفلوا بیك، وھیقطعوك نسایر نسایر.