آخر الموثقات

  • في حضرة الميلاد.. ورفيقة الدرب
  • قلبٌ لا يُشبه القلوب
  • ق.ق.ج/ فراغٌ بلونِ الحب
  • ق.ق.ج/ نقشُ الغضبِ
  • من قاع الكنيف
  • عمة على رمة
  • كاليجولا والمستحيل
  • مؤذن على المعاش | قصة قصيرة. 
  • بكل حرف نزف من قلبي
  • عن ديوان "واحدة جديدة" لهبة موسى
  • أعتذر عن السهو 
  • الرب يحبني
  • الإبداع البليغى
  • نَجْمَةٌ لَا تُدْرَكُ 
  • شكر واجب
  • قصة قصيرة/ جسر الأيام
  • ق.ق.ج/ شعور
  • البعد والجوى
  • احلامي المعاقبة
  • بين اليأس والسكينة.. حديث العابرين على أطراف وطن
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة نشوة أبوالوفا
  5. اجرام وارتواء

الفصل الأول

استيقظت نادية من نومها كعادتها كل يوم وتوجهت لعملها حيث تعمل مدبرة منزل لدى رجل الأعمال نجيب عامر، صاحب مصانع العامر لتجارة الحديد والصلب، أحد أهم أقطاب الصناعة في البلد، وزوجته السيدة نادرة الحسيني ابنة المرحوم الحسيني صابر، وابنتهما الجميلة تولين التي تشارك والدها في إدارة مصانعه ومجموعة شركاته، فهي تباشر عملها لديهم دائمًا في السادسة لتوقظ تولين لتمارس رياضتها قبل الذهاب مع والدها للشركة، فتولين محبة لعملها دؤوبة فيه ولا تلتفت للسهر أو الحفلات كما يفعل أقرانها، بل تهتم بالعمل والعمل فقط، حتى أن أقرانها وخاصة ابن عمها الوحيد ناجي يطلقون عليها المرأة الحديدية.

ألقت نادية التحية على شاكر البواب ودلفت للفيلا ودخلت متوجة مباشرة لغرفة تولين، لتجد باب الغرفة مفتوح على غير العادة وما أن وقفت أمام الباب حتى هالها ما رأت وجادت حنجرتها بالصراخ وهرعت لغرفة السيد نجيب لتجد ما هالها أكثر وزاد صراخها، بينما شاكر يروي الزهور بالحديقة سمع الصراخ فهرع لمصدر الصوت من الباب الزجاجي الذي يفصل الحديقة عن الفيلا ووجده مفتوحًا 

ليجد نادية تبكي وتصرخ وتلطم خديها 

"يا لهوي يا لهوي، لا حول ولا قوة إلا بالله، كلهم، راحوا في شربة مياه كلهم"

فتح شاكر عيناه على اتساعهما "إنتي بتخرفي بإيه على الصبح؟!"

وتقدم ناحية الغرف، فارتعب مما شاهد وارتد للخلف، وبسرعة قام بإبلاغ الشرطة، بعد فترة قصيرة رن جرس الفيلا

 ونزل شاكر ليفتح 

"أنا النقيب رماح يا ابني وسع"

دخل النقيب رماح يتبعه النقيب محسن 

"مين اللي بلغ؟"

"أنا يا بيه"

"إيه اللي حصل بقى؟"

"يا بيه أنا لقيت ناديه بتصوت، جيت جري، لقيت البيه والهانم سايحين في دمهم، كلمتكم على طول"

"ما لمستش حاجه ولا غيرت مكان حاجه"

"لا يا بيه أبدًا"

صعد رماح للأعلى حيث تجلس نادية على السلم في حال يرثى لها 

"إنتي اللي اكتشفتي الحادثه؟"

"أيوه"

"إزاي؟"

كفكفت دموعها وسحبت نفسًا عميقًا لتستطيع الحديث 

"جيت زي كل يوم اصحي تولين لقيت الباب مفتوح ولقيت المنظر قدامي، جريت على أوضه البيه لقيتهم هم كمان كده"

"حركتيهم أو لعبتي في أي حاجه؟"

هزت رأسها نافية 

هاتف رماح القسم 

"اخلص يا ابني ابعت الطب الشرعي، الحكايه كبيره"

دخل رماح لغرفة تولين ليجدها ممددة على السرير، لكنها عارية تمامًا والملابس ملقاة على الأرض ممزقة، والدماء ترسم لوحة حزينة على السرير على شرف 

قد اغتصب اغتصابًا وجزءٌ كبير من جسدها تغزوه عدة كدمات، أمسك بملاءة من الدولاب ليغطي جسدها حتى وصول الطب الشرعي، وبينما هو يغطيها، سمع أنة مكتومة ليقترب منها ويجد أنها تتنفس ببطء فصرخ 

"بسرعه يا محسن الاسعاف، البت فيها النفس"

هرعت نادية على كلمته لتولين 

"تولي حبيبتي، يا ما أنت كريم يا رب" وكانت تريد احتضانها، منعها رماح

"لا مش عاوزين نبوظ الأدله"

صرخت نادية "أدله أيه وزفت إيه؟ دي زي بنتي، شايف منظرها، اسيبها كده ازاي؟!"

"خلاص خليكي جمبها، هي أصلًا مش داريه بحاجه، على الله الاسعاف تلحقها"

جلست نادية بجوارها تبكي

"عيني يا بنتي عليكي، يا شمعتنا ونوارتنا، يا رب، يا رب جازي اللي عمل كده، إلهي يتحرق في نار جهنم البعيد، ما يوعي يكسب ولا يربح، عملولهم إيه؟ ده البيه والست هانم ما فيش أطيب منهم بشهادة الكل، حسبي الله ونعم الوكيل، هات لهم حقهم يا رب، يا رب انتقم من اللي عمل كده يا رب، هتعيشي لوحدك يا بنتي"

"ده لوعاشت أصلًا!"

"تف من بقك"

"أتف من بقي!"

"معلش يا ابني معلش يا بيه أنا آسفه"

"طب اسكتي خالص بقي صدعتيني"

ألقى نظرة على تولين بملامحها الجميلة برغم تلك العلامات على شفتيها وخدها، ذلك المتوحش كان قاسيًا جدًا معها.

دخل محسن

"ها يا محسن؟"

"الاتنين ميتين، من الواضح أنهم مقتولين وهم نايمين، ما فيش آثار مقاومه نهائي، وضعيه نوم طبيعيه جدًا، كانوا نايمين في حضن بعض من الواضح أنهم أكثر من قاتل لأنهم الاتنين مضروبين في الظهر وأكيد في نفس التوقيت"

حضرت الاسعاف وقاموا بحمل تولين، في اللحظة التي سمع فيها رماح ضوضاء من الأسفل فهبط معهم ليجد شابًا أمامه 

"إنت مين؟"

"إنت اللي مين وبتعملوا إيه في بيت عمي؟"

فلمح تولين على النقالة 

"إيه ده تولي! فيه إيه؟!"

رد رماح ببرود "عمك ومرات عمك اتقتلوا، وبنت عمك زي ما إنت شايف"

"بسرعه بسرعه عشان نلحقها، على المستشفي بتاعتنا"

نظر له رماح شذرًا، فلقد شعر بهالة من عدم الارتياح منذ أن رآه 

نُقلت تولين للمشفى تحت الحراسة وتابع رماح التحقيقات، كاميرات الفيلا كانت معطلة من فترة، القتلة متعددون، بالنسبة لتولين لم يستطع الكشف استخلاص سائل للمغتصب فيبدوا أنه استخدم واقيًا، تحليل الدماء أثبت أنه تم حقنها بمادة مخدرة قوية المفعول وبكمية كبيرة.

استيقظت تولين تحس بآلام شنيعة في جسدها كله، دخل لها الطبيب محمود أحد أطباء المستشفى وأحد أصدقائها 

تساءلت في تيه "فيه إيه يا محمود؟ إيه اللي حصل؟ بابا وماما كويسين، مسكو الكلاب دول"

صمت محمود قليلًا 

"مش عارف أقولك إيه، إيه اللي أنتِ فاكراه؟"

 تدفقت الذكريات تدفقًا "أنا ما كانش جايلي نوم قلت اقرأ كتاب، لقيت واحد متلتم دخل الأوضه جيت أصرخ حط إيده على بُقي و .....

بدأت تبكي "ودخل وراه اتنين، كتموا بقي وهو لزق عليه بلاستر (وانفجرت في البكاء) وقطع هدومي وحاول الكلب يغتصبني، أنا قاومته جامد، بص للاتنين اللي كانوا واقفين مسكوني جامد واداني حقنه، بس ده كل اللي فاكراه"

"للأسف تولين، هو اعتدي عليكي و..."

وضعت يديها على فمها من صدمتها تريد حبس صرخاتها التي تتزاحم في صدرها كبركان يغلي 

"وبابا وماما تعيشي انتي"

 بسماعها تلك الكلمات انفجر البركان، حِممٌ من صراخ قد انطلقت تصم الآذان وانهارت تولين ودخلت في حالة صراخ وبكاء هستيري 

في الوقت الذي وصل فيه رماح فوجدها على هذه الحالة، لا يدري لم رق قلبه لها هكذا! ود لو يحتويها بين ذراعيه ويواسيها، مع أنه قد شاهد الكثير من هذه الحالات المصدومة، لكن لا يدري يحس بشيء خفي يربطه بهذه التولين، سارع لمساعدة محمود لإمساكها حتى حقنها محمود بمهدئ، لبثت قليلًا ثم استكانت بين يديه، ملاك نائم، براءة ملامح وهدوء على وجهها، لا يماثل أبدًا النيران المستعرة بداخلها والتي خمدت حتى حين بفعل المهدئ، غادر رماح لأن حالتها لم تكن تسمح باستجوابها بالطبع ولديه الكثير من العمل والأفكار تتزاحم في عقله، من هم الجناة؟ 

ولم فعلوا فعلتهم؟ ولم تركوها حية ترزق؟ أسئلة كثيرة لا تجد إجابات، جال بخاطره ليتها ماتت بدلًا مما ستقاسيه، وحدة مريعة بعد موت والديها، ولطخة ستلطخ بها رغم عدم كونها قد ارتكبت جريرة ما، لكنه عقم العقول، لكِ الله يا تولين، وغادر مرغمًا وقلبه لديها، روحه تحميها، وأقسم بينه وبين نفسه، لن يتركها وحدها أبدًا، كل تحرياته تثبت أنها نقية السريرة، وفي غاية الاحترام. 

 منع رماح أية زيارات لتولين في المشفى، ومنع أية تسريبات عن تفاصيل الحادثة. 

كان يذهب يوميًا للاطمئنان على حالتها، لكنه في كل يوم كان يجدها نائمة بفعل المهدئات، ما تلبث عند استيقاظها أن تدخل في دوامة من الصراخ الهستيري، والبكاء بصوت يصم الآذان، تصرخ "بابا، ماما، سبتوني ليه؟ الكلاب ليه ما موتونيش؟ ليه عملوا فيا كده؟ ليه قتلوني بالحيا؟ دمروني ليه؟"

بعد ما يقارب من أسبوع على هذه الحال استيقظت تولين

 صامتة بدون أن تصرخ، انتهزت فرصة انشغال إحدى الممرضات واستلت مشرطًا من عربة المستلزمات الطبية، وتصنعت النوم وقررت إنهاء حياتها، فلمن تحيا؟ وقطعت ذلك الوريد، لتنساب دمائها تلطخ بياض السرير، وتهرب من جسدها الذي دنسه الأوغاد، ويشاء الله أن تدخل ممرضة أخرى للاطمئنان عليها كما طلب منها رماح، وتنقذها، ظلت أسبوعًا آخر في نوم متقطع بالعقاقير المهدئة.

  رأت في منامها والدها ووالدتها، في هالة مضيئة، يقتربان منها، تضمها والدتها في حضنها، ويمسك والدها يديها، مقبلًا تلك اليد التي جرحتها، ثم وقفا أمامها وقال والدها "بنت عامر ما تعملش كده أبدًا، بنت عامر ما تعترضش على قضاء ربنا ولا تنكسر قدام ابتلائه، بنت عامر كما الحديد الصلب، في وش أي ابتلاء أو امتحان، لو انكسرتي يا بنتي يبقى تعب عمري ضاع، تربيتي ما نفعتش، إحنا مش معاكى آه بس ربنا اللي أقوى من الكل معاكي، ربنا أقوى من كل الخلايق وهو أحن عليكي من أي حد، قومي يا بنتي، اصلبي طولك واقفي في وش الكل"

 وقبلها من جبينها واحتضناها حضنًا جماعيًا أدخلها معهم في هالة النور.

 استيقظت وهي تشعر بسكينة، وهدوء، كانت تبكي فقط، دموعها تنساب على خديها تحفر فيهما آهات الوجع وأنات الفقد، صمتَ الصراخ واختفى وحل الفكر والشرود، تنظر لزجاج نافذتها، تمنت لو أن ما حدث كان كابوسًا بغيضًا، مريعًا، لكنه كان واقعًا داميًا، ملطخًا بدماء والديها، ودماء شرفها الذي أراقوه، هل كانوا رحماء بها حين حقنوها بالمخدر؟ لكي لا تقاسي الآلام، لكن أية رحمة، ليتهم قتلوها، إنها الآن ستقاسي كل الوجع والآهات، وحيدة في الدنيا، بلا سند أو ظهر تلجأ إليه، والدها جبلها الحامي لها، تركوها بلا حضن دافئ ترتمي فيه بعد يوم شاق تكد فيه وتتعب، بلا ملجأ تحتمي منه من الدنيا ونوائبها، يا الله لقد احتواهم التراب، وكان أحن عليهم من بشر نزعت الرحمة من قلوبهم، آه أيها التراب، لماذا لم تقبل بي بين جنباتك وطبقاتك أرفضت أن تضمني؟ رفضت أن تأويني بجوار أحبابي

وحدثت نفسها " تولين عامر زي الحديد الصلب، الضربه تشكله والنار ما تهدوش، وهاقوم وأقف قدام الكل"

الفصل الثاني

اجرام وارتواء

   ورفعت كفيها تطلب العون من رب السماء، أخبر محمود رماح ببدء تحسن حالها وسمح له بالمجيء لاستجوابها.

دخل رماح الغرفة وهي مستلقية تنظر للنافذة  

"السلام عليكم"

اعتدلت في جلستها 

"وعليكم السلام"

"أنا النقيب رماح اللي باحقق في قضيتك"

شدت الكلمة انتباهها "ها وصلتوا للحيوانات دي؟"

خفض رأسه "لا لسه، بس إن شاء الله هنوصل لهم"

هزت رأسها نافية "لا مش هتوصلوا، من الواضح إنهم مخططين كويس قوي، الهدف كان قتل بابا وأنا وماما اتاخدنا هديه فوق البيعه، حتى الحيوان اللي ضيع شرفي، كان عامل حسابه زي ما يكون جاي وناويها"

ثم انخرطت في بكاء حاد 

"بس ليه ما قتلنيش؟ ليه سابني عايشه؟ ليه؟"

"ده اللي عاوزين نفكر فيه سوا يا تولي"

نظرت له بعينين دامعتين فقال بهدوء وحنو 

"إيه مش داده ناديه بتقولك كده؟ تولي"

"أيوه"

"طب ممكن نبقى أصدقاء وأنا كمان أقولك تولي"

هزت رأسها موافقه، لا تدري لم وافقت، مع أنها لا تسمح لأحد بالتباسط معها هكذا فلا أحد يناديها بتولي سوى والدها ونادية، لكنها تحس بارتياح غريب لرماح، تحسه ملاذها مع أنها لا تعرفه، استأذنها رماح في دخول الكاتب وباشر أخذ أقولها 

ثم استأذن منصرفًا على وعد بالمجيء، في الغد كان أول ما فكر فيه رماح هو زيارة تولين، وبينما يهم بالدخول سمع أحدهم يحدثها

"حمد لله على السلامه تولي"

"قلت لك ميت مره ما تقوليش تولي"

"ده أنا ابن عمك يا قطه"

"لا ابن عمي ولا ابن خالي، بالنسبه ليك اسمي تولين"

"طول عمرك جامده وما فيش حاجه تهزك"

"انت عاوز إيه يا ناجي؟ من الآخر جاي ليه؟"

"جاي نشوف هنعمل ايه؟ وهنشتغل ازاي؟"

احتد صوتها

"نعمل إيه في إيه؟! لا المصنع ولا الشركه أنت ليك فيهم حاجه، وأنت عارف كده كويس ومن بعد بابا كل حاجه تحت إدارتي"

" لا ده كان زمان، انا ليا ورث وإنتِ أول ورثي"

"أنت حيوان، ووالله أنت لو آخر راجل في الدنيا لا يمكن أكون ليك"

"صدقيني مش هتكوني غير ليا"

دخل رماح الغرفة ليجد وجه تولين محتقنًا من غضبها وذلك الناجي يجلس بكل برود واضعًا قدم على قدم أمامها 

فنظر له شذرا "أقدر أعرف مش هتكون غير ليك ازاي وهي مخطوبه لغيرك؟!"

انتفض ناجي من مجلسه "انت بتقول ايه أنت؟ وأصلًا أنت مين؟"

رد رماح ببرود ينافس بروده الثلوج القطبية "أنا رماح اللي ماسك القضيه، وخطيب تولي" قالها مقتربًا من تولين ممسكًا بيدها وقبلها

ثار ناجي "خطيب مين؟ يا سلام وده من امتى؟!"

"وإنت مالك، أنت حي الله ابن عمها، وأبوها راضي وأنا راضي مالك ومالنا يا قاضي"

"لا وبتستظرف كمان وليك نفس تهزر"

" حاجه ما تخصكش، دي حاجه تخصنا أنا وهي بس"

"لا يا بيه، دي فلوس عمي، ومش هاسيبك تتهني بيها، وربنا لأضيعك واندمك"

"تندم مين يا بتاع أنت؟ انت مش عارف بتكلم مين؟"

"لا ده انت اللي مش عارف بتكلم مين وهنشوف، يا أنا يا أنت، وبرضه هي ليا ومش لحد تاني"

وانصرف صافقًا الباب خلفه

تساءلت تولين ببراءة "ليه قلت له كده؟"

رد بحنو "سمعت كلامه وتجريحه ليكي مقدرتش استحمل الصراحه، كان لازم أوقفه عند حده، وبعدين يا ستي اعتبريها تمثيليه"

"وأنت ايه اللي يجبرك على كده؟"

ابتسم "مساعده لوجه الله يا ستي، وبعدين أنا أطول أبقى خاطب قمر كده"

تضايقت "أنت مش فاهم حاجه، ناجي مش هيسكت ده شراني"

اقترب منها ورفع ذقنها لينظر في عينيها "ولا يقدر يعمل حاجه، من دلوقتي تولي في حمايه رماح "

"ليه؟"

"من غير ليه، هتصدقيني لو قلت لك أنا نفسي مش عارف ليه"

احمرت وجنتاها وخفضت عيناها خجلًا وهربًا من عيناه 

" إيه خطيبتي ناويه تفضل هنا في المستشفى كتير، الدكتور قال إنك بقيتي كويسه، يعني ممكن تخرجي بقى"

"لا مش عاوزه أخرج ولا أروح الفيلا"

" ما تخافيش الفيلا بقت زي الفل، الطب الشرعي خلص شغله وكل حاجه رجعت زي الأول"

"ما فيش حاجه هترجع زي الأول"

رن هاتفها 

"الحمد لله أحسن"

.........

"هو فيه وصيه؟"

..........

"طب معلش ممكن تجيلي المستشفى"

........

"تمام مستنيه حضرتك"

 

الفصل الثاني 

والختام

نظرت لرماح "ده المحامي بتاع بابا عمو المستشار فكرى الهواري، بيقول إن فيه وصيه، ممكن لو وقتك يسمح تبقى معايا"

نظر لها بحب " أكيد"

جلسا يتجاذبا أطراف الحديث قليلًا إلى أن وصل المستشار فكري 

"ازيك يا بنتي؟ ألف سلامه عليك والبقاء لله"

"الله يسلمك، حياتك الباقيه يا عمو"

" إن شاء الله يلاقوا اللي عمل كده، مش عارف أنا البطء ده! بتوع التحقيقات الظاهر نايمين في العسل"

تنحنحت تولين فنظر فكري لرماح ثم لتولين متسائلًا "مين ده؟"

فبادر رماح للرد "أنا من بتوع التحقيقات اللي نايمين في العسل، وخطيب تولي"

نظر لها فكري متعجبًا "خطيبك، من غير ما أعرف يا تولين، ازاي؟"

" كنا لسه هنقولك يا عمو بس اللي حصل بقي"

" ماشي على العموم يا ابني ألف مبروك، تولين بنت بميت راجل، وأتمنى تقدر توصل للي عمل كده"

"إن شاء الله"

"ايه يا عمو بقى حكاية الوصيه دي؟"

"ثواني بس لما البيه يشرف"

"بيه مين؟"

"سي ناجي، ما هو لازم يكون موجود وإحنا بنفتح الوصيه، كلمته وزمانه جاي"

وصل ناجي مباشرة 

ونظر لرماح "طب إحنا ورثه وهنفتح الوصيه، ده هنا ليه؟"

احتدت تولين "ده هنا عشان ..."

أمسكها رماح من يدها ليهدئها "ما اسميش ده اسمي رماح، وانا هنا عشان جمب تولي خطيبتي وده طلبها يا .. إلا أنت قولتلي اسمك إيه؟"

" اسمي ناجي يا عم الحبيب"

تدخل فكري "أنا مش فاضي للي بتعملوه ده، نقعد لو سمحتم"

أخرج أوراقه واخرج مظروفًا مختومًا بالشمع الأحمر وفض الختم وشرع في قراءه الوصية وكان محتواها أن إدارة الشركة تؤول كامله لتولين في حال وفاته،

 وكل أرصدته في البنوك المودعة بحسابه المشترك مع تولين تصبح لها ملكية خالصه، وفي حالة حدوث شيء لتولين تؤول كل الأملاك للجمعيات الخيرية وملاجئ الأيتام التي حددها في الوصية، وترك لناجي شاليه الساحل والشقة التي يقيم بها ومبلغ ربع مليون جنيه باسمه في البنك" 

قام ناجي وغادر بلا أي تعليق سوى نظرة توعد وجهها لتولين ورماح 

غادر فكري، ظل رماح شاردًا ينظر للنافذة 

قاطعت تولين صمته "بتفكر في إيه؟"

"رد فعل رماح"

"ماله؟"

"ده مش رد فعل واحد كان مستني ثروه أبدًا وضاعت"

"يعني عادي، هو عارف إن معظم أملاك بابا أصلًا باسمي"

"ولو، ده حتى ما اترسمش على وشه خيبة أمل"

" شاكك في إيه؟ قولي"

" لا بعدين بقى، مش يالله بقي نخرج، أنا ما بحبش جو المستشفيات ده" 

رافقها رماح للفيلا لكنها لم تقو على الدخول 

"لا لا يا رماح مش قادره أدخل"

"طيب خلاص اهدي، تحبي تروحي فين؟"

"هاروح شقه الزمالك"

"هتقعدي لوحدك"

"لا داده ناديه هتقعد معايا"

نادى رماح على نادية لتجهز ما تحتاجانه ورافقهما للشقة 

" تليفوني معاكي، أي حاجه تقلقك رنه بس تلاقيني قدامك"

"هاتعبك معايا"

"تعبك راحه"

"اقفلي الباب كويس، وما تفتحيش لحد"

"يا داده ناديه ناقصكم أي حاجه"

"لا يا ابني تسلم "

"استني يا داده، انتي هتمشي وتسيبيها لوحدها"

" لا يا ابني، كلمت الجيران هيطمنوني على أمي الحاجه وهافضل بايته هنا معاها"

صمت قليلًا 

"معلش يا تولي لازم الحاجه تبقي معاكم هنا، عشان ناديه ما تضطرش تسيب البيت لأي سبب من الاسباب"

"يا ريت أنا ما عنديش مشكله"

"يبقي تعالوا نروح نجيبها الأول"

وأحضروها وغادرهم رماح متجهًا لعمله

طلب رماح من تولين عدم الذهاب للعمل لمدة حتى تنهي علاجها وكان يهاتفها باستمرار للاطمئنان عليها وتطور الأمر بينهما حتى أصبحت تولين جزءًا لا يتجزأ من حياة رماح، كانا يمضيان الليل يتسامران حتى تأمره تولين بالنوم وفي أحد المكالمات

"مش نافع كده يا تولي!"

"ايه اللي مش نافع يا رماح؟"

"هنقضيها مكالمات كده، أنا عاوز أشوفك واقعد معاكي براحتي"

"طب ما تيجي الشقه"

"باقولك أقعد براحتي معاكي تقوليلي آجي الشقه، ده لو خلصت من داده ناديه مش هاخلص من ستو الحاجه، أنا عاوز نبقى لوحدنا"

اكتسى صوتها بالغضب "إيه يا أستاذ تطلع إيه وحدنا دي؟! إنت كنت بترسم سكه معايا وإلا إيه، فاهم اني هافرط في نفسي بقي وهاقضيها، لا عندك، بلا حب بلا نيله تغور في داهيه انت وحبك"

"حيلك حيلك إيه قطر اكسبريس دايس، ماسوره وانفجرت، اهدي يا ماما واسمعيني للآخر"

"هو لسه في كلام هتقوله بعد الهباب اللي هببته ده"

" هباب أنا باقول هباب، طب تتجوزيني يا هبابي؟"

"نعم، قلت إيه؟"

"زي ما سمعتي، تتجوزيني عشان نبقى نقعد براحتنا بقي من غير عزول"

"إنت مدرك لكلامك يا رماح؟!"

" آه والله عاوز اتجوزك"

"طب وأهلك هيوافقوا بيا ازاي؟!"

"أهل إيه أنا مقطوع من شجره، وزهقت من القعده لوحدي يا بنت الناس، وعمري ما ارتحت مع حد زيك، أنا بحبك يا تولي"

"إيه؟"

"يخربيت كده باقولك باحبك وعاوز اتجوزك"

اتفقا على أن يزورهم بالغد ويقابل المستشار للحديث معه فهي ليس لها سواه بعد الله، وهو بالطبع لن يتفق أبدًا مع ناجي، انتظرته لم يظهر، هاتفته، لم يرد هاتفه مغلق، انتظرت طويلًا، ثم انخرطت في بكاء مرير يقطع نياط القلب، أحست أنها طعنت في قلبها، ذلك القلب الذي لم يخفق أبدًا سوى لرماح، قتلها بسكين بارده، كانت تتساءل إذا كان ينوى التخلي عنها فلم جعلها تحبه؟ لم وعدها بالزواج؟ 

وهي لم تطلبه منه، قررت النزول لعملها، قامت بطلب رجال لحمايتها من شركة الأمن وفور وصول الجبلين اللذان سيرافقانها ذهبت للشركة. 

بعد يومين آخرين وبينما هي منهمكة في عملها تحاول للعودة لكونها المرأة الحديدية كما يطلقون عليها، دخل المكتب ناجي ومن وراءه السكرتيرة 

"والله يا افندم حاولت أمنعه، أو إنه يستني بس رفض"

أشارت لها "امشي انتي"

"خير إيه سبب الزياره؟"

"جاي اطمن على بنت عمي"

"بنت عمك متبريه منك ومش عاوزه تعرفك أصلًا"

"اسمعي ما انت ما لكيش إلا أنا، رماح بتاعك بح، ما اعتقدش هيجيلك تاني يا حلوه"

"قصدك إيه؟"

"قصدي كتر خيري إني راضي بيكي، بعد اللي حصل لك"

"انت انسان متخلف اللي حصل لي حصلي في بيتي وفي اوضتي يا متخلف انت، لا ليا سبب فيه ولا سعيت له، وقاومت على قد ما قدرت لغايه"

"عارف لغاية ما خدروكي"

"اطلع بره يا ناجي، وما تورينيش وشك تاني لوسمحت، انت ما لكش وصايه عليا"

"يا بنت الناس نتجوز وأدير أنا الدنيا واللي فيها وانتي تقعدي في البيت ولا ده يتكلم ليك ولا يتكلم عليك"

صرخت في وجهه "قطع لسان اللي يجيب سيرتي"

"واحده غيرك كانت ما تخرجش من بيتها أصلًا، انتي إيه جبل؟"

" انا ما غلطتش، اطلع بره"

ليأتي صوت حاد من ورائهما تنظر تولين لتجده رماح في هيئه رثة غير معتناه وذقنه طويلة بعض الشيء 

"هي مش قالت اطلع بره"

نظر له ناجي بدهشة فهو آخر شخص يتوقع رؤيته "انت لسه فيك حيل تجيلها، صح ما هي الفلوس تعمل أكثر من كده"

اقترب منه رماح "أنت فاكرني زيك و إلا إيه، الفلوس دي تحت جزمتي أقف عليها، مش فوق راسي توطيني"

وأمسكه من عنقه ورفعه عن الأرض "لو شفتك هنا تاني هامحيك من علي وش البسيطه"

قالها متحشرجًا "حاضر حاضر"

أنزله رماح قائلًا "أوعي تفتكر إني خالت عليا النمره اللي اتسببت فيها ليا، ما هي البت اعترفت بعد ما هددتها أني هاشوهها، أصل راس مالها جمالها، وصدقني إنت هتروح في داهيه قريب"

غادرهما مسرعًا

تساءلت تولين مندفعة "بت إيه؟ وانت عامل كده ليه؟ وكنت فين؟ راميني وما بتعبرنيش، لسه جاي تفتكرني؟"

ضحك "لسه جاي افتكرك! مش عارف ليه باحس إنك متربيه في حواري شبرا مش بنت ذوات"

ضربته ضربة قوية في كتفه "انطق"

أمسك يدها بعد أن ضربته وقبلها "استاهل والله الضربه دي بس لما تعرفي اللي حصل هتعذريني"

أبعدت يده عن يدها في غضب "لما أعرف ابقي احكم، وخلي بالك أنا مش هابله هتضحك عليا بكلمتين"

"حاضر يا اللي مش هابله ومش هاضحك عليكِ، اسمعي 

حصل حركه تعينات جديده عندنا في القسم، وجه وجوه لسه طازه، لقيت واحد داخل عليا بيقولي الحق يا رماح باشا البت الممسكوه آداب ومحطوطه في الانفرادي بتقول عاوزه سعادتك ضروري فيه حاجه لازم حضرتك تشوفها في الزنزانه، رحت دخلت الزنزانه ودي ما صدقت قربت مني، صدتها قامت شاقه الفستان نصين ونكشت شعرها وهاتك يا صويت ومسكت فيا، أنا كنت مذهول مش متوقع اللي عملته دخل العساكر علينا وحاشوها عني، في نفس الوقت اللي المأمور فيه كان معدي في الجوله بتاعته، وجه، طبعا اتهمتني إني تحرشت بيها، وكان الإجراء الطبيعي إن المأمور يوقفني عن العمل، ولولا إنه عارفني كويس وعارف أخلاقي كنت هاشربها، بس زمايلي لما قرروها عرفوا إن ناجي هو اللي ورا الموضوع واتحلت الحكايه، بس أنا ما رضتش أبلغ فيه سايبه لحاجه تقيله، أنا بادور وراه دلوقت وهاجيبه على بوزه"

اقترب منها ناظرًا في عينيها بحب ورومانسيه حالمة "سماح يا قمري"

لم يستطع عبوسها الصمود أمام تيارات الحب الجارفة

 فغاب العبوس وحل محله الحب والابتسام "سماح رماح"

فضحك "تصدقي حلوه، سماح رماح، لما نجيب بنت نسميها سماح"

"انت لسه ناوي تتجوزني؟"

"ودي فيها هزار يا تولي، لولا اللي حصل كان زماني عندك ودبلتي في إيدك"

" الحيوان ده فور دمي بوشه و كلامه، و ...."

صمتت شارده قليلًا "رماح هو اتنشر اني اتخدرت قبل اغتصابي"

هز رأسه بلا "ولا اتنشر أساسًا إنه تم اغتصابك"

" متأكد؟"

"أيوه"

"ولا أنت غلطت قصاد ناجي وقلت له حاجه زي دي"

"لا، طبعًا ما حصلش"

"أومال عرف ازاي؟"

وضعت يدها على فمها وهرعت لدورة المياه وأفرغت ما في جوفها 

خرجت "مش ممكن توصل بيه الدناءه للدرجه دي معقول؟"

"انتي قصدك إن هو اللي؟"

"أيوه هو، عشان كده ما كانش بيتكلم كان ساكت، خايف أعرف صوته"

تحولت ملامح رماح لغضب عارم "أقسم بالله ما هارحمه"

"هتثبتها ازاي؟"

"اسمعي هو الدكتور محمود ليه علاقه بناجي؟"

"أيوه وساعات بيسهر معاه بس ما بيشربش تفاريح كده يعني لو فاضي"

"محمود ده كويس هيساعدنا أنا نظرتي في البني آدميين ما بتخيبش"

توجهها سويًا لمأمور القسم وصرحا له بشكوك تولين، وأصدر لهم إذن بالتسجيل لناجي. 

هاتفت تولين محمود وطلبت منه المجيء لزيارتها في شقتها، وأخبرته بشكها 

"تصدقي قلبي حاسس بكده برضه، ردة فعله كانت بارده كنت حاسه مرتاح، أنا معاكم في اللي هتعملوه يومين وهاضبط مقابله معاه وهاخليه يعترف بكل حاجه، عشان ما يشكش"

في يوم عطلة محمود اتفق مع ناجي على الذهاب للسهر معه وبعد أن أمضيا فترة في الديسكو طالبه محمود بأن يكملا السهرة في منزله لإصابته بالصداع جراء الموسيقى العالية. 

في الشقة انهمك ناجي في تناول المسكرات والخمر وقام محمود باستدراجه للحديث عن تولين

"ياه يا محمود دي بت جبل، حديديه صحيح، واحده تانيه كانت اتكسرت، اتهزت، يا أخي لو مش لنفسها لموت أبوها وأمها سوا، دي ولا كأنهم ماتوا، فارده قلوعها وعايشه وبتشتغل عادي جدًا، ما كنتش فاكر انها هتبقي كده"

"فعلًا دي رهيبه يا ناجي، بس إلا قولي أنا صاحبك برضه وسرك، أنا حسيت انك عادي ما اضايقتش من اللي حصلها"

ضحك ناجي ممسكًا بقنينة الخمر مالئا كأسه "واتضايق ليه يا جدع إذا كنت أنا اللي قطفتها"

"معقول يخربيتك إزاي ده يا عالمي؟"

"أُومال ايه يا دكتور أنا مخي ده ذري"

"عشان خاطري فطمني، أخوك غلبان، عاوز اتعلم من البيج بوص"

"اسمع لازم قلبك ده يبقي قلب أسد ميت ما يهموش إلا مصلحته وبس، أنا طول عمري مستني عمي يموت عشان أورثه، بس في يوم لقيته مستدعي المحامي بتاعه والبت السكرتيره وقعت بلسانها إنه كان جاي عشان الوصيه، دخلت المكتب بالليل، أخوك خبره برضه وعطلت الكاميرات طبعًا، وما تعبتش، عمي مدي الامان، لقيت الوصيه في أول درج فكيت الختم وقراتها وعرفت إنه لو حصل حاجه للحلوه الفلوس هتروح عليا، ورجعت عملت الختم زي ما كان ما هو الشمع كان في الدرج، وفكرت وخططت لما هو يموت وأنا اغتصبها هتتكسر ومش هتخرج ولا تروح ولا تيجي، أبقى أنا الفارس المغوار واتجوزها وأضحك عليها وأمضيها على كل حاجه بيع وشرا، بس بنت الأرندلي بوظت كل خططي"

"ياه ده إنت جبار، وما عندكش قلب وقمة الاجرام"

لتدخل قوة الشرطة وتلقي القبض عليه وتم التحقيق معه وبتفتيش الهاتف والإيميل عثر على رسائل وأرقام قادت الشرطة للمشتركين معه في جريمته وأثناء

 المحاكمة تشاء الظروف أن تنقلب عربة الترحيلات ويهرب منها.

 في هذه الأثناء كان رماح وتولين يتفقان على تفاصيل حياتهما ويجهزان لزفافهما. 

في يوم الزفاف تمت دعوة كبار الشخصيات العامة، ورجال الشرطة والمحافظ ومدير الأمن. 

نزلت تولين ترفل في ثوبها الأبيض المتلألئ المزين بأحجار كريستالية فضية ممسكة بيد محامي والدها المستشار فكري الهواري ليسلمها لرماح  

تخطو بهدوء في الممر الأبيض المزدان بالورود

سلمها له 

فقبل رماح يدها "أخيرًا تولي"

ابتسمت بخجل وبدأ عزف الموسيقي الهادئة ليرقصا أول رقصه لهما، احتواها بين ذراعيه، يبث لها شوقه، بحديث عينان وشفتان صامتتان تتوقان للقاء، لكنهما تخجلان من الحضور، استمرت مراسم الحفل وحان وقت دخول كعكة الزفاف يدفعها أحد العاملين بالفندق وبعد أن اقترب منهم أخرج يده المخبأة تحت الطاولة ليصيب رماح بطلق ناري، قبض الحضور على الجاني الذي لم يكن سوى ناجي، بينما علت صرخات تولين فوق الموسيقي وهي تصرخ باسم حبيبها رماح

هرعت للمشفى بثوب زفاف تلطخ بدماء حبيبها تدعو الله ألا يجرعها مرارة الفقد والخسران مرة أخرى  

"محمود أبوس ايدك اتصرف اعمل أي حاجه انقذه يا محمود"

"حاضر والله هاعمل اللي اقدر عليه سيبيني بس ادخله"

غاب محمود عدة ساعات بغرفة العمليات، فالإصابة خطيرة، الرصاصة اقتربت كثيرًا من القلب، وإخراجها تطلب الكثير من الجهد والمعاناة، 

خرج محمود يتنفس الصعداء لم تمهله تولين 

"ها إيه هيبقي كويس؟ طمني"

"إن شاء الله خير لو الثمانيه وأربعين ساعه الجايين عدوا يبقي خلاص عدينا، وكله بأمر الله، ادعيله، ما فيش بادينا غير الدعا"

كانت المشفى عباره عن خليه من الدعاء 

تولين وداده نادية والحاجه ستو لم يكففن عن الدعاء وقراءة القرآن غادرتهم تولين مسرعة وقامت بالتبرع لمستشفى 57357ومركز الدكتور مجدي يعقوب والعديد من المستشفيات بنيه شفاء رماح وعادت للمشفى مستمرة في الدعاء وقراءة القرآن، لم يخيب الله ظنها فلقد أيقنت بحسن الظن بالله ودعت

 باطمئنان للإجابة 

قال الله تعالى: ((وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين)).

كما جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ 

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ))

قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-: (إنَّ اللهَ يقولُ: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني)

سمح لها الأطباء بالدخول لرماح هرعت تسبقها 

دموعها قبل دقات قلبها "حبيبي قوم ربنا ما يحرمنى منك، سامعني يا رماح، ما أقدرش أعيش من غيرك، بحبك يا رماح وهافضل احبك لآخر يوم في عمري"

فتح عيناه فارتمت في حضنه فصرخ متألمًا 

"حرام يا مفتريه، مستعجله على إيه لينا بيت يلمنا"

ضحكت حتي اغروقت عيناها بالدموع لكنها هذه المرة دموع الفرح والشكر لله على استجابته لدعاء قلبها قبل لسانها. 

خرج رماح وذهب للشقة وعلى باب الغرفة وقفت تولين تمنعه من الدخول

"إيه يا حبي وقفالي كده ليه؟"

"عندي شرط قبل ما تدخل تنام هنا"

"شرط إيه بقى إن شاء الله؟ نراعي إني واحد واخد رصاصه جمب قلبه اللي انتي تعباه أصلًا"

"آسفه ممنوع يا توعدني تنفذ الشرط يا دخولك هنا هيكون لوحدك "

"يعني إيه لوحدي؟!"

"يعني لو شرطي ما اتنفذش هاكون زوجه على الورق وبس، مش هيجمعنا سرير واحد"

 زفر زفرة طويلة مغتاظة أحست وكأنه سيحرقها بها

 "اللهم طولك يا روح اخلصي شرط إيه؟"

"شغلك"

"اشمعن!"

"تسيبه"

"نعم واشتغل إيه جوز الست؟!"

اقتربت منه ممسكه بيده "عشان خاطري، مش هاستحمل أبدًا اشوفك متعرض للخطر تاني، أنا كنت باموت يا رماح وأنت في المستشفى، خوفي أني أخسرك أنت كمان كان هيوقف قلبي، أنا مش حديد أنا باحبك ومش هاستحمل أخسرك"

ابتسم ومسح تلك الدموع التي سالت على خدها 

"طب بس ما تزعليش، هو انتي مش مؤمنه بربنا، وعارفه أن المكتوب ما ممنوش مهرب، لو مكتوبلي أموت برصاصه هاموت بيها حتى لو أنا على سريري في حضن مراتي، فاهماني يا تولي"

"ما عنديش كلام أقوله، أفحمتني"

احتضنها "أنا اللي أفحمتك يا شيخه، وانتي منشفه ريقي كده وموقفاني على الباب"

 وغمز لها "عاوز أشوف السرير"

فهمت مقصده فابتعدت عنه "لا، ممنوع، مش قبل شهر، دي أوامر الدكتور"

استغفر ناظرًا للسماء "اللهم صبرًا"

أما ناجي ففي أثناء محبسه انفرد به بعض المساجين وأذاقوه مرارة ما أذاقه لتولين 

كسروا روحه كما كسرت رجولته التي تباهي وتجبر بها على تولين ولم يتحمل ذلك فانتحر، عاش آثما يرتع في الخطيئة ومات كافرًا.

مر الشهر وتزينت تولين كأحلى عروس وارتدت فستان أبيض بسيط وزينت المنزل وكأنه يوم زفافهما وتم الزواج.

وأخيرًا ارتوى رماح وتولين من حبهما بعدما ذاقا مرارة الإجرام. 

تمت بحمد الله

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↑1الكاتبمدونة اشرف الكرم
3↑1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
4↓-2الكاتبمدونة محمد شحاتة
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↑1الكاتبمدونة ياسر سلمي
7↓-1الكاتبمدونة حاتم سلامة
8↑1الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
9↓-1الكاتبمدونة هند حمدي
10↓الكاتبمدونة آيه الغمري
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑55الكاتبمدونة هبة شعبان156
2↑24الكاتبمدونة عطا الله عبد136
3↑14الكاتبمدونة سحر أبو العلا48
4↑14الكاتبمدونة محمد التجاني123
5↑13الكاتبمدونة عزة الأمير157
6↑6الكاتبمدونة حسين درمشاكي35
7↑6الكاتبمدونة اسماعيل ابو زيد83
8↑6الكاتبمدونة عماد مصباح144
9↑6الكاتبمدونة رهام معلا167
10↑5الكاتبمدونة دعاء الشاهد53
11↑5الكاتبمدونة مريم خالد191
12↑5الكاتبمدونة هبة محمد245
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1090
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب697
4الكاتبمدونة ياسر سلمي662
5الكاتبمدونة اشرف الكرم582
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري507
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني430
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين418
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب339000
2الكاتبمدونة نهلة حمودة196256
3الكاتبمدونة ياسر سلمي185003
4الكاتبمدونة زينب حمدي170729
5الكاتبمدونة اشرف الكرم133752
6الكاتبمدونة مني امين117540
7الكاتبمدونة سمير حماد 109786
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي99703
9الكاتبمدونة مني العقدة96402
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين95744

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة منى كمال2025-07-30
2الكاتبمدونة نهاد كرارة2025-07-27
3الكاتبمدونة محمد بن زيد2025-07-25
4الكاتبمدونة ناهد بدوي2025-07-19
5الكاتبمدونة ثائر دالي2025-07-18
6الكاتبمدونة عطا الله عبد2025-07-02
7الكاتبمدونة نجلاء البحيري2025-07-01
8الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
9الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
10الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27

المتواجدون حالياً

1502 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع