في القفص جلس يكسو وجهه الذل بعد أن كان مهاب
نادني يا بني كيف صفعت وجهي أهكذا أخلاق الشباب
أنا رمز لكم وفخر السنين جلبته إليكم وحررت التراب
أطعمتكم ثلاثون عاماً ما كلت راحتي أو أعجزتني الصعاب
جلبت السلام إليكم حتى شارون المعتوه في حبي ذاب
أبعد المجد وإحساني إليكم هكذا أطعن وأسب من الأحباب
فإن جحدت كل فضائلي وأصررت على تقرير الحساب
اذكر أنني في عمر جدك وارحم شيبي يا زين الشباب
أي جد تقصد يا فرعون أخبرني وفصل في الخطاب
جدي الذي مات كمداً حين رأى أبي يسجن بلا حساب
ما زلت أذكر ذاك اليوم حين هجم جندك وحطموا الأبواب
خطفوا أبي بليلٍ ولم يشفع له أن وجدوه ساجداً في المحراب
قضيت الليل أبكي وأنظر إلى وجه أمي يعلوه فرط اكتئاب
حفظت أسماء السجون كاسمي وكرهت فيها كل باب
عرفت معنى الحرية صغيراً من قسوة الحياة بلا كتاب
حلمت أن أطهر وطني منكم وإن كان دون ذلك ضرب الرقاب
ذات صباح بلا شمس صرخت أمي وقد شقت عنها الثياب
لم أسألها لكنني أيقنت أن أبي إلى الأبد قد فارق الأحباب
هكذا يا فرعون قتل أبي في سجنك تحت وطأة العذاب
إن كلّ جلادوك منه ألقوه فتنهش من جسده الكلاب
لم أودعه ولم أسمع صوته لكنني جاءني منه خطاب
إن الشهادة فخر فأقبل على مقارعة الطغاة ولا تهاب
دمعت عيني لأمي تتحمل على ضعفها شدة الصعاب
ما بين أبناء يسألون عن أبيهم كيف طال به الغياب
تدفن وجهها في كفيها حائرة رغم أنها توقن بالجواب
خذهم عني بني إن استطعت أخبرهم عن أبيك كيف غاب
ثم دارت بنا عجلة الحياة في صراع مع وحوش بلا أنياب
فانظر يا فرعون إلى جرائمك التي أذهلت أولي الألباب
هذه صفحة سطرت فإن جمعنا مظالمك بلغت ألف كتاب
أما عن إنجازاتك التي يتغنى بها منافقوك على الرباب
تزعم أنك قاتلت من أجل رفعة الوطن وتحرير التراب
أي وطن حررته وبني صهيون قد غرسوا فيه ألف ناب
أي وطن حررته وأنت وحكومتك وبنوك كنتم لهم أذناب
إن الحرية التي ادعيتها لم نجن منها إلا انحناء الرقاب
اقتصاد يتهاوى ويسرق وغاز يعطى لهم هدية بلا حساب
عجب عجاب منعنا من زراعة قمحنا من أجل إرضاء الكلاب
دمرت الزراعة ونشرت الأمراض وكم في عهدك من مصاب
أما عن شعبك الذي تمن عليه بتوفير الطعام والشراب
فهذا من مبكيات الزمان وربي إن عقلك في اضطراب
تعيش في برج من العاج حرام على شعبك منه الاقتراب
يتقاتلون لكسرة خبز وأن تحشر في بطنك ما لذ وطاب
كم من طفل تشرد التحف السماء وأسلم خده للتراب
حتى رأيت الأطفال من إنجازاتك دب في رأسهم المشاب
أما فتياتنا ملايين طالت بهم السنين ولا أمل من الخطاب
إن الخطيب لا يملك ثمن مأوى ولا حتى مفتاح باب
حكمت فينا قرينتك حية رقطاء تنفث السم حادة الأنياب
عاث ابنك فساد في الأرض سطوا على المال خطفاً وإرهاب
ظننتم أن مصر فتاة كسيرة الجناح يعقد عليها الكتاب
ستبقى مصر حرة وتذهب أنت إلى مزبلة التاريخ بلا ارتياب
سنبقى على مر العصور في رباط أسود في وجه الكلاب
ألم تعلم يا مغفل أن وعد الله نافذ وأن كيدك في تباب
وأن الله يبعث موسى رغم طول حربك لمحكم الكتاب
قضيت عمرك الطويل تبني مجداً زائفا لكن سعيك خاب
كل ما عملته من التزوير أصبح سراب في سراب في سراب
أطالب عدالة المحكمة أن تحكم على المتهم بالإعدام رمياً بالقبقاب
1
-2
