آخر الموثقات

  •  العدل ليس مزاجًا ولا انتقائية
  • فؤادة… وعتريس... شيء من العقل
  • أمل مصحوب بالخبل
  • هل يمكن أن نجد أنفسنا في إنسان آخر؟
  • لو يرجع بينا الزمان
  • في عينيك حييت 
  • لِماذا رحلتَ؟
  • المنيو.. لو سمحت 
  • حين تكون العلاقات جرحًا.. وبلسمًا في الوقت نفسه
  • صورنا الرائعة
  • أنثى الغيم
  • مقعد فارغ
  •  حرية الإنسان بين سطوة الخوارزميات ووهم المتعة
  • فلسفة المودة والرحمة - انزع فتيل أعصابك - 
  • لم يكن عنك فقط
  • الرياضيات… عشقٌ لا ينطفئ
  • حرب السودان ...معركة بلا طاولة تفاوض
  • ناس مرهقة
  • المجانون
  • تغييرات المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شاهين
  5. ظلال المدينة القديمة: الفصل الرابع والأخير

الشاهد 

---

 

كان الظل لا يزال واقفًا هناك، في العتمة، يتأرجح بين الواقع والخيال، لكنني لم أعد واثقًا أيّنا كان الحقيقة وأيّنا كان الوهم.

 

"أنا لم أقتل أحدًا."

 

سمعتُ صوتي، لكنه بدا هشًّا، خائفًا، كاذبًا.

 

ضحك الظل، تلك الضحكة التي عرفتها منذ زمن، لكنني لم أدرك حتى الآن أنها كانت تخصني.

 

"حقًا؟" قال بصوت هادئ، لكنه كان يحمل شيئًا آخر… شيئًا يشبه الحقيقة القاسية التي كنت أهرب منها. "ألم تجد الجثث؟ ألم تلمس برودة الموت على جلودهم؟"

 

بدأتُ أرتجف، ليس من البرد، بل من الذكرى التي بدأت تنبثق من ظلام ذهني.

 

كنتُ هناك. كنتُ في تلك الغرفة حين ماتوا.

 

لكن كيف؟ كيف لم أتذكر؟

 

كارم كان لا يزال واقفًا عند الباب، صامتًا، منتظرًا أن أواجه نفسي.

 

التفتُّ إليه، عيني تحاول البحث عن إجابة في وجهه المتعب.

 

"قل لي الحقيقة."

 

لم يتكلم. فقط مشى ببطء نحو جدار الغرفة، ومد يده إلى إحدى اللوحات القديمة المعلقة هناك، ودفعها جانبًا.

 

وخلفها… كان هناك مرآة.

 

لكن سطحها لم يكن واضحًا، بل متشققًا كأنه يحمل ندوبًا من ماضٍ منسي.

 

نظرتُ إليها، ورأيت نفسي.

 

لكنني لم أرَ الطبيب الشرعي الذي اعتقدتُ أنني كنتُه.

 

رأيتُ رجلاً آخر، بملابس مريضة بالية، عينين مرهقتين، ويدين لا تزالان تحمل آثار القيود.

 

كنتُ أنا.

 

المريض.

 

"هذا كان… مستحيلًا…" همست، لكن صوتي لم يكن يحمل أي يقين.

 

ثم، بدأ كل شيء يتداعى من حولي.

 

جثث النزلاء… الرجل ذو النظارة السميكة… المرأة التي حذرتني… حتى كارم نفسه…

 

لم يكونوا مجرد غرباء وجدتُهم في هذا المكان.

 

كانوا أطباء… ممرضين… مرضى آخرين…

 

وكنتُ بينهم، منذ البداية، جزءًا من هذه القصة التي خدعتُ نفسي بتصديقها بشكل مختلف.

 

"لقد حاولنا مساعدتك، ياسين." قال كارم أخيرًا، بصوت مغموس بالحزن. "لكن عقلك كان أقوى من أي علاج."

 

"لا… لا، هذا خطأ…" تراجعتُ إلى الخلف، لكن ظلي الآخر بقي ثابتًا، يبتسم لي كأنه كان ينتظر هذه اللحظة.

 

ثم همس لي:

 

"لقد قتلتهم جميعًا، يا ياسين… وأنت من جعل البنسيون يبدو وكأنه مسكون…"

 

شهقتُ.

 

لا.

 

"لا، لا، لا. وكيف خرجت من هنا "

هز رأسه نفيا:

- لم تخرج من هنا أبدا، أنت هنا منذ سنوات. عقلك هو الذي يغادر المكان ، تقنع نفسك بأنك الطبيب الشرعي المعروف. كل من حولك مرضى وأطباء وليس نزلاء.

 

لم أصدق.. 

 

لكن الحقيقة كانت أمامي، محفورة في المرآة المشروخة، في الدماء التي التصقت بيديّ، في صرخاتهم الأخيرة التي كنتُ أسمعها الآن بوضوح.

 

كنتُ المريض.

 

وكنتُ القاتل.

 

 

كان لا يزال هناك، يراقبني بنفس الابتسامة الهادئة، كأنه يعرف أنني لن أهرب هذه المرة.

 

"ماذا الآن؟" سألتُه، لكن صوتي خرج ضعيفًا، شبه هامس.

 

اقترب، حتى أصبح وجهه أمام وجهي تمامًا، ثم قال:

 

"الآن… عليك أن تتذكَّر كل شيء."

 

في لحظة، كأن العالم سقط إلى داخلي، وانهالت عليّ الذكريات دفعة واحدة، قاسية، واضحة، بلا رحمة.

 

رأيتُ نفسي… لكن هذه المرة لم أكن طبيبًا شرعيًا، لم أكن محققًا، لم أكن حتى نزيلًا في بنسيون.

 

كنتُ رجلاً مقيدًا إلى سرير معدني في غرفة باردة، بلا نوافذ، تحمل رقمًا على بابها:

 

17

 

رأيتُ الأطباء يتحدثون عني.

 

"حالته تدهورت، لم يعد قادرًا على التمييز بين الواقع والخيال."

 

"يعتقد أنه طبيب شرعي الآن. إنه يبني قصصًا ليهرب من ماضيه."

 

"ولكن… هل يعرف ما فعله؟"

 

"لا. عقله أنشأ هذه القصة لحمايته. إنه يؤمن بها بالكامل."

 

ثم رأيتُ الدماء…

 

رأيتُ نفسي واقفًا في ممر المستشفى، يدي تقبض على مشرط طبي، أنفاسي متسارعة، وجهي مشوه بالخوف…

 

وأمامي، على الأرض، كان هناك جثمانان…

 

أحدهما كان ممرضًا كنتُ أراه كل يوم. الآخر… كان طبيبي.

 

كانوا يحاولون إعادتي إلى الغرفة رقم 17.

 

لكنني لم أرد العودة.

 

عقلي لم يستطع تحمُّل الحقيقة. لم يستطع احتمال الذنب.

 

فأعاد بناء العالم من جديد.

 

لم يعد المستشفى مستشفى، بل أصبح بنسيونًا قديمًا.

 

لم أعد قاتلًا، بل أصبحتُ طبيبًا شرعيًا يحقق في جريمة قتل.

 

المرضى الآخرون؟ لقد جعلتهم نزلاء غرباء، جعلتهم مجرد شخصيات في قصتي، لكي لا أتذكر من كانوا حقًا.

 

لكن شيئًا ما ظل يحاول إيقاظي… الباب المغلق، الهمسات، الكتابات على الجدران…

 

وها أنا الآن، أقف أخيرًا أمام الحقيقة التي لطالما هربتُ منها.

 

رفعتُ رأسي ببطء، نظرتُ إلى ظلي، لكنه لم يعد يبتسم.

 

بل كان ينظر إليّ بأسف.

 

"ماذا الآن؟" سألتُه مجددًا.

 

لكن هذه المرة، لم يأتِني الرد منه.

 

بل من الصوت القادم من خلفي، صوت خطوات ثقيلة تقترب.

 

استدرتُ ببطء…

 

ورأيتهم.

 

رجالًا يرتدون المعاطف البيضاء، يحملون حقنًا، وأعينهم تفيض بالقرار الأخير.

 

لم يكونوا هنا لإنقاذي.

 

كانوا هنا ليعيدوني… إلى الغرفة رقم 17.

 

وحينها، فهمتُ.

 

هذه لم تكن قصتي.

 

كنتُ أنا… مجرد فصلٍ أخير في قصة انتهت منذ زمن بعيد.

تمت

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة ياسمين رحمي
5↑1الكاتبمدونة ياسر سلمي
6↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
7↑2الكاتبمدونة خالد العامري
8↓-1الكاتبمدونة حاتم سلامة
9↑2الكاتبمدونة هند حمدي
10↓-2الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑70الكاتبمدونة يوستينا الفي133
2↑41الكاتبمدونة هبة محمد204
3↑17الكاتبمدونة رهام معلا168
4↑14الكاتبمدونة آيات القاضي121
5↑13الكاتبمدونة هبة شعبان153
6↑12الكاتبمدونة محمود سليمان (الشيمي)149
7↑9الكاتبمدونة مي القاضي30
8↑9الكاتبمدونة اسماعيل ابو زيد66
9↑9الكاتبمدونة رشا شمس الدين109
10↑9الكاتبمدونة شيماء عبد المقصود171
11↑9الكاتبمدونة طه عبد الوهاب174
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1094
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب700
4الكاتبمدونة ياسر سلمي665
5الكاتبمدونة اشرف الكرم585
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري509
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني430
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين419
10الكاتبمدونة شادي الربابعة406

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب343005
2الكاتبمدونة نهلة حمودة200298
3الكاتبمدونة ياسر سلمي187536
4الكاتبمدونة زينب حمدي171411
5الكاتبمدونة اشرف الكرم136129
6الكاتبمدونة مني امين118141
7الكاتبمدونة سمير حماد 111075
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي101446
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين98476
10الكاتبمدونة مني العقدة97291

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة يوستينا الفي2025-08-08
2الكاتبمدونة منى كمال2025-07-30
3الكاتبمدونة نهاد كرارة2025-07-27
4الكاتبمدونة محمد بن زيد2025-07-25
5الكاتبمدونة ناهد بدوي2025-07-19
6الكاتبمدونة ثائر دالي2025-07-18
7الكاتبمدونة عطا الله عبد2025-07-02
8الكاتبمدونة نجلاء البحيري2025-07-01
9الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
10الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28

المتواجدون حالياً

2842 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع