(يفتح الطبيب حامد عبد الوهاب باب المنزل ويدخل حاملاً حقيبة طبية. تبدو عليه علامات التعب والإرهاق.)
هالة: (بصوت غاضب) حمدًا لله على السلامة.
حامد: (بصوت متعب) مساء الخير.
(يتجه حامد نحو الأريكة ويجلس عليها)
هالة: هل تناولت العشاء؟
حامد: (بلا مبالاة) لا، لم أجد الوقت الكافي.
هالة: (بلهجة بدت لينة) حامد، أنت تعود متأخرًا كل يوم. لا نأكل معًا أبدًا.
حامد: (بصوت عالٍ) أعلم، أعلم. لكن عملي مهم، ولا أستطيع التخلي عنه.
هالة: أعلم أن عملك مهم، لكنني أحتاجك أيضًا. أحتاج إلى زوجي، إلى شريك حياتي.
حامد: (بصوت بارد) ماذا تريدين مني أن أفعل؟ لا أستطيع أن أكون هنا معك طوال الوقت.
هالة: أريد أن أشعر أنني مهمة بالنسبة لك، أنني لست مجرد زوجة تنتظر عودتك من العمل.
(يصمت حامد لفترة.)
حامد: (بصوت هادئ) هالة، أنا أحبك. لكن عملي هو شغفي، وهو ما يوفر لنا حياة رغدة
هالة: (بصوت متهدج) لكن ماذا عن مشاعري؟
صمتت قليلا
ثم أردفت بلهجة ذات مغزى : ماذا عن احتياجاتي؟
حامد: (لانت لهجته)أنا آسف، حبيبتي. سأحاول أن أكون أفضل.
(يقف حامد ويقبل هالة على جبينها.)
حامد: الآن، هل تودين أن أتناول العشاء معك؟
هالة: (بابتسامة خفيفة) نعم، سأكون سعيدة بذلك.
حامد : ( فى تساؤل) أين ندى ؟
هالة : فى حجرتها ، سأنادى عليها لتناول الطعام سويا
(تتجه هالة نحو حجرة ابنتها ندى )
تفتح باب الحجرة فجأة ..
تنظر لها ندى بحدة وهى تغلق جهاز ( اللاب توب) الخاص بها.
ندى فى غضب : لماذا لم تطرقى باب الحجرة؟
هالة ( ساخرة): أطرق الباب ! أنا والدتك وليس هناك ما يمنع دخولى فجأة .ماذا تخفين عنى ؟
ندى بلهجة بدت متوترة: لا شىء، ماذا هناك ؟
هالة : هيا لتناول العشاء .
ندى : لا أريد. لست جائعة .
نظرت هالة لها قليلا ثم هزت رأسها وغادرت الحجرة ..
صمتت ندى قليلا وهى تنظر لباب الغرفة ..
عادت تفتح جهاز( اللاب توب) وهى تبتسم وتقول فى صوت ناعم:
- آسفة ..أمى اقتحمت حجرتى فجأة ..!
---------------------
شقة متواضعة في عمارة قديمة. يجلس صاحب العمارة، رجل في الخمسينيات من عمره، على كرسي في غرفة المعيشة يجلس أمامه رجل فى نفس عمره تقريبا، يبدو عليه التوتر.
صاحب العمارة: (بصوت قاطع) كيف حالك يا أستاذ عوض؟
عوض : (بصوت خافت) الحمد لله يا حاج عيسى.
عيسى: (بصوت مباشر) أستاذ عوض، أنا آسف لكنني مضطر لإطلاعك على أمر مهم.
عوض : (بتوتر) أمر مهم؟ ما هو؟
عيسى : للأسف، لن أتمكن من تجديد عقد إيجارك هذا العام.
عوض : (بصدمة) ماذا؟! لكن... لماذا؟
عيسى: (بصوت هادئ) أسباب شخصية، أستاذ عوض. لا أريد أن أطيل الشرح، لكنني أحتاج إلى استرداد الشقة في أقرب وقت ممكن.
عوض: (باستياء) أقرب وقت ممكن؟! هذا غير معقول! أنا أدفع الإيجار بانتظام، ولا أسبب أي مشاكل.
عيسى: (بصوت قاطع) أعلم ذلك، لكن لدي ظروف خاصة تدفعني إلى هذا القرار.
عوض : (بصوت حزين) لكن أين أذهب؟ ليس لدي مكان آخر أسكن فيه أنا وابنتى.
عيسى: (بصوت هادئ) أعلم أن هذا صعب، لكنني سأعطيك مهلة شهر واحد للبحث عن مكان آخر.
عوض: (بصوت غاضب) شهر؟! هذا غير كافٍ!
عيسى: (بصوت قاطع) أستاذ عوض، هذا كل ما يمكنني تقديمه.
عيسى: (باستياء) هذا ظلم! لا يمكنكم طردي من منزلي بهذه الطريقة! أنت تعلم أننى وأمينة ابنتي ليس لنا أى أقارب يمكنهم استضافتنا. وليس لنا سوى معاشي من الوظيفة و مرتب أمينة من المطعم و بالكاد نحيا بهما الشهر .
عيسى: (بصوت هادئ) أرجو منك أن تتفهم موقفي، أنا آسف حقًا لما يحدث.
عوض: (بصوت حزين) لا أستطيع أن أفهم. ماذا سأفعل الآن؟
عيسى: (بصوت غير مبال) سأكون متعاونًا معك في البحث عن مكان آخر. سأعطيك قائمة ببعض الوكلاء العقاريين في المنطقة.
عوض: (بصوت مكتوم) شكرًا. المشكلة ليست فى وجود المكان ، المشكلة فى دفع التكاليف .
عيسى: (يقف من الكرسي) : سأتركك الآن لترتيب أفكارك.
(ويمشي ببطء نحو الباب)
عيسى: (بلهجة ذات مغزى ) أرجو منك أن تستشير ابنتك أمينة ، قد يمكنها حل المشكلة.
(يخرج عيسى من الشقة)
(ينظر عوض من النافذة، ثم يهز رأسه بأسف)
كان يعلم أن الأيام القادمة ستأتي له بما كان يخشاه..
--------------------
مقبرة هادئة تحيط بها أشجار النخيل،
وبعد صلاة الظهر، تحت أشعة الشمس الحارقة.
أحمد : (بصوت متهدج) رحمك الله يا أبي، رحمة واسعة، أسألك الله أن يتقبلك في عُلاه، وأن يغفر لك زلاتك، وأن يُلحقنا بك في جنة الخلد.
الأم: (بصوت يملؤه الحزن) يا حبيبي، يا عزيزي، من بعدك ضاع علينا كل شيء، لا أدري ماذا سنفعل بدونك.
مها: (تحاول تهدئة والدتها) لا تقلقي يا أمي، سنكون بخير، سنعيش ونكافح ونُكمل مسيرة أبي.
(يصل الجثمان إلى حافة القبر، ويتم إنزاله ببطء)
(يبدأ الجميع بقراءة الفاتحة والدعاء للراحل)
(يتقدم رجل ببطء نحو الإبن أحمد) يا ابني، أعلم أن هذا وقت صعب عليك، لكن لا بد أن نسدد الدين الذي كان لوالدك عليّ.
أحمد : (بصوت منخفض) أعلم يا حاج، لا تقلق، سأُسدد لك الدين إن شاء الله.
الدائن: (بنبرة حادة) متى ذلك؟ لا أستطيع الانتظار طويلاً، لديّ عائلة أيضاً، وأحتاج إلى هذه الأموال.
أحمد : (بصوت هادئ) سأُحاول يا حاج فتحى سأجمع المال في أقرب وقت ممكن.
فتحى: (بلا مبالاة) حسناً، لديك أسبوع واحد فقط، وإلا سأضطر لاتخاذ إجراءات أخرى.
(يبتعد الحاج فتحى عن القبر، تاركاً الابن في حالة من الحزن والهم)
مها: (تضع يدها على كتف أخيها) لا تقلق يا أخي، سنُساعدك في سداد الدين، سنبيع بعض ممتلكاتنا إن لزم الأمر.
أحمد : (ينظر إلى أخته بامتنان) شكراً لك يا أختي، لا تقلقي..
(يُدفن الجثمان، ويبدأ الجميع في مغادرة المقبرة)
(يبقى أحمد وحيداً، ينظر إلى قبر أبيه، ويدعو له بالرحمة والمغفرة)
يسمع صوت أمينة : البقاء لله يا أحمد ، بمجرد معرفة الخبر تركت المطعم وأتيت إليك .
نظر أحمد لها :(بامتنان) شكرا لك يا أمينة .
أمينة : الحاج هشام سيأتي إليك بعد غلق المطعم ، فهو أيضا يريد التحدث معك فى موضوع ما .
أحمد : (بتساؤل) ماذا يريد ؟
أمينة : سيخبرك حين يراك .
تمد يدها له ببعض المال ولكنه ينظر لها بحدة وغضب ..
تتراجع وتعيد مالها فى حقيبتها.
ثم يتجهان إلى القبر لقراءة الفاتحة ، وبداخل كلا منهما ألم خاص ، وحلم مشترك ...
( نهاية الفصل الأول )