أحيانا يعصف بي الحنين إلى خيال بلا حدود، خيال جنوني يجعلني أضحك ساخرا من نفسي، أراني وقد استيقظت من نومي على صوت والدتى لألحق بموعد المدرسة، فأنظر لها فى ذهول والنوم والضباب يحتل عقلي فى قوة غاشمة، ثم أهب واقفا أتأمل الموقف ،أرى حجرتي القديمة في منزل والدي، أرى أمى والشيخوخة قد تخلت عنها وعادت تنظر لى فى حيوية وتقف بأقدام راسخة قوية، أرى أختى وأخى وهما يضحكان فى طفولة بريئة ويرتديان ملابس المدرسة..
أتأمل المنزل وقد زالت منه آثار الزمن واختفت شروخه التى باتت كتجاعيد قد حُفِرت على ملامحه كما حُفِرت على ملامحنا، أغادر فراشي مسرعا وأتبين أن كل ما سبق كان حلما ثقيلا ..
أنا مازلت طفلا..أصرخ فينظر لى الجميع في دهشة..
أنتم لا تعلمون ماذا رأيت ؟ ولا تعلمون سر فرحتي بالاستيقاظ؟!
احتضن أختي وأخي والدموع تنهمر مني دون قصد ، أرى في ملامحهم براءة وسعادة حقيقية ضاعت منهما منذ زمن ، أرتدي ملابس المدرسة في لهفة وأُقبل الجميع وأهرول خارج المنزل..
سلالم المنزل عادت تضحك، وأصوات الجيران تدوي فى المكان بعد أن كان صامتا في كابوسي..
الشارع عاد لي، مرحبا ، واسعا رحبا بعد أن كان ضاق بي ، وجوه فقدتها أثناء الكابوس قد عادت ، بيوت أراها بعد أن هدمت فى حلمي العميق.
أسرع حيث أبي..
أقف على باب المقهى وأنا أتطلع فى وجهه وهو يعمل ..
ماهذا الحلم السخيف الذي حرمني منه؟..
ماهذا الكابوس العميق الذي اختطفه مني؟
لا يهم ، لقد استيقظت أخيرا وعدنا سويا..
أجري مسرعا احتضنه وأكاد أخفي نفسي داخله وهو يضحك مندهشا ولا ألومه فهو لا يعلم ماذا رأيت فى كابوسي_
يمد يده على كتفى ويحتضني في قوة، يمسح دموعي ويسألني من أحزنك؟!
أبتسم في هدوء وأقول:
_ حلمت بكابوس طويل ..ولكني استيقظت!!!!!!