ما بالك أيها الشارع؟
كنت يومًا نابضًا بالحياة، تفيض بهجة وتتلألأ زينتك في كل زاوية.
أصوات ضحكاتنا كانت تملأ الأرجاء، تتراقص في هوائك الصافي، بينما الأنوار تحيل ليلك إلى نهار، والمارة لا يعرفون للهدوء سبيلًا.
أما الآن...
فقد خيم عليك الصمت، وسكنك الظلام كرفيق أبدي.
اختفت الزينة، وانطفأت الأضواء، وتلاشت ضحكات الأطفال، بعدما استبدلوا مرحهم بقوقعة إلكترونية تسجن أرواحهم.
أصبحت وحيدًا أيها الشارع... ولكنني لن أنساك.
أراك الآن، فأرى نفسي فيك...
نحيا على الذكرى، نرتجف تحت وطأة الحنين، ونتجرع غصة الاشتياق.
كم يؤلمك أن تبحث عن الوجوه التي ألفتها، فلا تجدها، أن ترى ملامحك تتبدل وتضيع، كما امتد الشيب في شعري.
عبثت بك الأيام كما عبثت بي، شوهتك يد الإهمال كما أرهقني الفقد.
كبرت أيها الشارع، كما كبرت أنا...
وتقاسمنا الحزن، حتى صار رفيقنا الوحيد.