في أعماق أحد السجون البلجيكية القديمة، حيث الجدران المتآكلة والظلام الذي يبتلع كل شعاع من الضوء، كانت زنزانة ١٥٤ تحمل سرًّا غامضًا عجز الجميع عن كشفه. هذه الزنزانة كانت مغلقة دائمًا، لم يدخلها أي سجين منذ سنوات طويلة، ولا يعرف أحد السبب. كل ما كان يُقال عنها إنها ملعونة.
في عام ١٩٣٢، كان هناك سجين يُدعى "جول لافوا"، وهو رجل هادئ ومتزن. حُكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة قتل زميله في العمل، رغم أنه أنكر التهمة بشدة. تم وضعه في زنزانة ١٥٤. كان جول مختلفًا عن باقي السجناء؛ هادئاً لدرجة مخيفة. بعد مرور شهر على وجوده في الزنزانة، بدأ الحراس يلاحظون أمورًا غريبة: أصوات همسات تأتي من الداخل، وأحيانًا صرخات مكتومة، رغم أن جول كان الوحيد في الزنزانة.
في إحدى الليالي العاصفة، دخل الحراس لتفقد زنزانة ١٥٤ بعد سماع صرخات غير طبيعية. عندما فتحوا الباب، لم يجدوا جول. كانت الزنزانة فارغة تمامًا، وكأن الرجل تبخر في الهواء. الشيء الوحيد الذي تركه خلفه كان نقشًا على الحائط يقول: "العدالة الحقيقية تُنتزع، لا تُمنح".
منذ ذلك الحين، تحولت زنزانة ١٥٤إلى لغز حي. كل من حاول الإقامة فيها كان يعاني من كوابيس مرعبة ويرى أشباحًا لرجال يصرخون في الظلام. حتى الحراس كانوا يتجنبون المرور بجانبها. تزايدت الأساطير حول الزنزانة، وكان هناك اعتقاد بأنها بوابة لعالم آخر، أو أن جول نفسه استدعى قوى خفية قبل اختفائه.
في عام ١٩٧٥ قررت الحكومة البلجيكية التحقيق في الأمر. تم إرسال فريق من العلماء لاستكشاف الزنزانة. أثناء عملية الفحص، اكتشفوا ممرًا سريًا خلف أحد الجدران. قادهم الممر إلى غرفة صغيرة تحتوي على أوراق قديمة وصور لرجل يُشبه جول. في الأوراق، كان هناك نص مكتوب بلغة غير مفهومة، إلى جانب خريطة تُظهر شبكة من الممرات تحت السجن.
رغم اكتشاف الغرفة، لم تُحل لغز الزنزانة بالكامل. كل من دخلها لاحقًا كان يعاني من نفس المصير: كوابيس، أصوات غريبة، واختفاءات غير مبررة. بحلول عام ١٩٨٠ تم إغلاق السجن بأكمله وأُعلنت زنزانة ١٥٢ منطقة محظورة. بقيت القصة واحدة من أكثر الألغاز رعبًا في بلجيكا، تُروى للأجيال كمثال على ما يمكن أن يحدث عندما يختفي العدل وتبتلع الظلمات من يُطالبون به.