_واقفة بتعملي إيه ورا الشباك يا زعفرانة؟
=الجو كاتم ومش قادرة آخد نفسي، قُلت أشم شوية هوا.
_جو إيه اللي كاتم يا زعفرانة، ده إحنا في عِز السقعة.
=الكلام ده عند البشر اللي زيّكم، إنما إحنا عفاريت، يعني مخلوقين من نار، محتاجين درجة برودة أعلى من كده عشان منحسّش بالحر.
_أبعتك الاسكيمو يعني ولا إيه؟
=لأ مش عايزة أروح هناك، الأرض هناك جليد وأنا مخلوقة من نار، الجليد يسيح تحت رجلي ويطلع الجليد تحته بحيرة وأسقط في المَيَّه؛ وأنا مش ناقصة مشاكل مع الجِن المائي.
_صحيح؛ إزاي تفوتني حاجة زي دي؟
=يلا معلش بقى؛ جَل من لا يسهو.
_ما شاء الله على العقل اللي أنتي فيه، طيب ما طالما أنتي عاقلة كده، ليه متفتحيش المكيّف.
=ما أنت مش هتستحمل المكيّف في الشتا؛ يعني الحق عليا إني خايفة عليك.
_لأ قلبك طيب يا زعفرانة يا لئيمة، عادي أنا ممكن أتقّل هدومي وأتحمل المكيّف، عشان مش بحب أنا وقفة الشباك دي.
=ما أنا نسيت أقول لك، جيت أشغَّل المكيّف لقيت واحدة من عُمّار المكان اللي في الشقة نايمه فيه، وأنت عارف بقى النوم سلطان، محبّتش أقلِقها.
_يعني عُمّار المكان نايمين في المكيّف ومش نايمين في الشباك؟
=إحنا في الشتا؛ والمكيّف مقفول زي ما أنت عارف، يعني في حُكم المهجور دلوقت، وأنت عارف إن العُمّار بيلبدوا في أي مكان مهجور، لكن الشباك إحنا رايحين جايين عليه.
_طيّب اقفلي الشباك عشان الدوشة اللي في الشارع، عندي شُغل وعايز أركز.
=طيّب اصبر عليا يوم آخد نفسين هوا وبعدين أقفله؟
_نفسين! تحبّي ألِفِلك الهوا في ورقة بفرة؟ إيه العبط ده.
=وأنت فاكرني يعني هقول لك لأ؟ على الأقل أسحب منها وأنا على الكنبة زي ما بسحب دخان البخور كده.
_ده بعينك يا زعفرانة يا لئيمة، وبعدين نفسين إيه اللي عايزة يوم عشان تاخديهم دول؟
=أنا أقصد يوم بتوقيتنا مش توقيتكم.
_ده اللي هو إزاي يعني؟
=أصل اليوم عندكم بيعمل أيام كتير جدًا عندنا، يعني حسبة ألف يوم تقريبًا.
_إيه العبط ده يا زعفرانة؟
=مش عبط ولا حاجة دي الحقيقة.
_يعني أنتي على كده عندك كام سنة؟
=عندي ٣٥٠٠ سنة.
_لا والله؛ أنتي على كده حضرتي جنازة نفرتيتي.
=لأ طبعًا محضرتهاش، بس رجعت بالزمن ورا مرَّة كده وشُفت جنازتها، حتى بالأمارة ماتت في تل العمارنة.
_أنتي كمان عرفتي تل العمارنة، شكلك عفريتة من أيام الفراعنة وبتستهبلي عليا يا زعفرانة.
=لأ، أنا سنّي كبير حسب التوقيت بتاعنا، لكن بتوقيتكم صغيّرة.
_ده اللي هو إزاي بقى؟
=اليوم عندكم حوالي ألف عندنا، يعني الـ ٣٥٠٠ دول يعملوا حوالي ٣٥ عندكم.
_وعلى كده بقى اليوم عندنا ممكن يغلى ويعمل ألفين يوم من عندكم في المستقبل؟
=اتريَق براحتك، ما أنت مش حاسس بحاجة.
_عاوزاني أحِس بإيه يعني؟
=أنت فاكر لما بتطلب منّي حاجة وبعملها في دقيقة بيكون بالساهل؟
_ما أنتي عفريتة وقدراتك عالية، إيه المشكلة؟
=قدراتي عالية؛ وإمكانياتي برضه.
_إمكانيات إيه اللي بتتكلمي عنها يا زعفرانة، دا أنتي عندك ديل.
=الديل ده في القبيلة عندنا رمز الأنوثة على فكرة.
_عندكم بقى، إنما هنا أنتي بديل، وبعدين هتاكلي دماغي عشان لما بطلب منك حاجة بتعمليها في دقيقة!
=أنت شايف إنها دقيقة عشان بتوقيتكم، لكن في الحقيقة أنا بفضل شغالة ألف دقيقة بتوقيتنا لحد ما يطلع عيني، وأنتوا البشر بتكونوا فاكرين العفاريت بتعمل الحاجة في ثواني، لكن إحنا بتوقيت العالم بتاعنا بنتفحت، حسبي الله.
_أنتي بتحسبني عليا يا زعفرانة يا لئيمة؟
=لأ مقصدكش أنت، أنا أقصد الناس اللي مش بتقدّر تعبنا، إنما أنت مفيش زيّك.
_بحسب يا زعفرانة؛ كنت نفختك وقطعت لسانك و...
=وديلي، عارفة حركاتك وإيدك التقيلة.
_كويّس إنك عارفة، يعني أنتي مش أيام الفراعنة ولا حاجة.
=لأ مش من أيامهم، هو أنا عجوزة كده، أنا شابة صغيرة بتوقيتكم، أنت اللي ماجيتش ليه أيام الفراعنة، كان زمانك كاتب معبد ولا كاتب ملكي.
_ياريت والله يا زعفرانة، على الأقل كنت مشيت منها من زمان ولا كنت قابلتك.
=الكتابة زمان كانت غير دلوقتي، هيروغليفي وهيراطيقي، ولا تقعد بقى تقول لي الألف دي عليها همزة يا زعفرانة، والألف دي من غير همزة يا زعفرانة، ودي هاء يا زعفرانة، ودي تاء مربوطة يا زعفرانة، زهقتني.. إنسان معقّد وكل حاجة عندك بالقلم والمسطرة.
_لمّي لسانك يا زعفرانة يا لئيمة.. وبعدين اللي خلاكي عارفة لغة الفراعنة والهيروغليفي والهيراطيقي، يخليكي تعرفي قواعد اللغة العربية، بس أنتي بتسرحي بيا وبتعملي مش فاهمة، لكن على مين.
=هو أنت في حاجة بتعدّي من تحت إيدك؟ قسمتي ونصيبي كده أعمل إيه بس.
_وبعد كده كل غلطة لُغوية هحبسك تحت الكوباية.
=لأ ما أنا حفظت قواعد النحو صَم، قال كوباية قال، مش كفاية لمّا نصبت المجرور بدون ما أقصد فضلت أسبوع، كل ما تشوفني قدامك تشِد ديلي على آخره وتسيبه فجأة يلسعني.
_وكل ما تغلطي في الشغل هتتلسعي، ديلك ده جالي هدية من السما، عقاب ذاتي.
=ربنا على القوي.
_بتقولي حاجة يا زعفرانة؟
=لأ مش بقول حاجة، كنت بقول يعني لو كنت جيت أيام الفراعنة كان زمانك بتكتب على ورق بردي، مُش ورق اليومين دول اللي تكتب من هنا يبقّع من الناحية التانية.
_يبقّع أه؛ خلصتي رغي يا رغّاية؟
=خلصت؛ هحُط لساني في بوقّي أهو.
_كويس، إيه بقى اللي موقفك في الشباك؟
=يادي النيلة، هو أنت منسيتش؟
_لأ منسيتش.
=بالحق، تحِب أعمل لَك فطار؟
_فطار إيه؟
=أسلُق بَك بيضتين.
_هو أنتي بقيتي بتبيضي ولا إيه يا زعفرانة؟
=والنبي ينفع الكلام اللي بتقوله ده؟ في عفاريت بتبيض برضه؟
_الله أعلم، العفاريت بتعمل أي حاجة.
=إلا إنها تبيض.
_أومال هتجيبي البيضتين منين يا زعفرانة، أنتي عارفة إني لا باكله ولا بشتريه.
=ما أنا شايلة كام بيضة كده في التلاجة.
_جيباهم ليه يا زعفرانة، وبعدين أنا فتحت التلاجة الصبح مشوفتش فيها بيض.
=لأ فيها، أنت عارف الخمس ليمونات اللي في باب التلاجة؟
_أيون أخدت بالي منهم.
=دول بيض.
_هتتظبطي يا زعفرانة ولا أقوم أشوف شغلي معاكي؟ والله بضهر إيدي على وشك زي الخدامين.
=أنا بتكلم بجد، دول أصلًا بيض، وأنا محوّلاهم ليمون لحد ما أعملهم، عشان عارفة إنك لو شُفتهم هتزعق لي.
_تقومي تجيبي بيض وتعملي شغل العفاريت بتاعك وتشتغليني.
=متكبرش الموضوع، أنا متفقة معاهم بس إنهم يتحولوا لما أنت تفتح التلاجة، غير كده بيرجعوا بيض تاني.
_متفقة مع مين يا زعفرانة؟
=مع الخمس بيضات.
_والخمس بيضات سمعوا كلامك؟
=طبعًا؛ أصلهم من عندنا.
_أنتي نهار أبوكي الحاج حبّهان مش فايت، أنتي استغلّيتي إني كنت مسافر ورُحتي القبيلة عندكم من ورايا؟
=لأ محصلش، أبويا اللي كان في مهمة جنبنا وقال يعدّي عليا، وطبعًا الراجل مش هيدخل على بنته بإيده فاضية.
_لأ طبعًا إزاي، جاب لِك خمس بيضات وهو جاي من القبيلة.
=لأ جاب لي خمس فرافِر.
_إيه الفرافِر دي يا زعفرانة؟
=فراخ عفاريتي، حتى الأسماء متشابهة، فرافِر وفراخ.
_والبيض بقى جِه منين؟
=ده سؤال برضه؟ أنت أذكى من كده، الفرافِر باضت، وبعد ما أكلت الفرافِر احتفظت بالبيض بقى لوقت زنقة.
_هو أنتي مش هتحرَّمي يا زعفرانة وتبطّلي حركاتك القرعة دي؟
=يعني الحق عليا إني بقول لَك اللي حصل، ولا كنت أخليك فاكر إنهم ليمون، وتيجي تعصر ليمونة تلاقيها بتتفقش في إيدك.
_خلاصة الكلام يا زعفرانة، البيض العفاريتي ده يطلع من التلاجة.
=مش هينفع، ده بيمشِّش بسرعة.
_مش شغلي.
=طيّب أعملهم لَك على الفطار.
_لأ مش عايز.
=عارف أنت لو جرَّبتهم هتغيّر رأيك.
_لأ.
=طيّب إيه رأيك أعمل لَك البيض بخلطة مطعم الجِن الأزرق.
_ولا جِن أزرق ولا جِن أخضر.
=أنت بتتريق؟ ده أفخم مطعم عندنا على فكرة، وأهم حاجة عنده النظام.
_كل المطاعم فيها نظام.
=لأ النظام هناك مختلف.
_إزاي يعني، إيه المختلف في مطعم الجِن الأزرق بتاعكم ده؟
=في مرَّة كنت عايزة آكل فرافِر، دخلت المطعم وطلبت، لقيت الويتر بيسألني عايزة فرافِر مقلية ولا مشوية؛ قُلت له مقلية.
_وبعدين؟
=قال لي المقلية في الدور التاني، طلعت الدور التاني وطلبت، الويتر قال لي عايزة صدور ولا أوراك، قلت له صدور، قال لي هنا أوراك بس، الصدور في الدور التالت.
_وبعدين؟
=طلعت الدور التالت، طلبت صدور مقلية، الويتر قال لي عايزاها سبايسي ولا عادي، قُلت له سبايسي، قال لي هنا العادي، الاسبايسي في الدور الرابع.
_ها يا رغّاية؛ وبعدين!
=طلعت الدور الرابع، طلبت صدور مقلية سبايسي، الويتر قال لي خلصانة يا فندم، بس إيه رأي حضرتك في النظام؟
_يعني كل ده وفي الآخر خلصانة؟
=أيون.
_طيب ما كانوا بلغوكي تحت وخلاص.
=والنظام يبوظ؟ أهم حاجة عندنا النظام.
_كنتي طلبتي زلموكة فرافِر بدل البهدلة دي.
=عيب اللي أنت بتقوله ده على فكرة.
_يعني اللي بقوله عيب والهبل اللي بتقوليه ده عادي؟
=ما أنا مشيت بقى، ومن وقتها مأكلتش فرافِر سبايسي غير لما أبويا زارني وجاب لي الخمس فرافِر اللي قلت لَك عليهم.
_طيّب كويس، أحسن ما كان يطلع لِك وحمة ولا حاجة.
=وحمة إيه بس اللي تطلع لعفريتة.. وبعدين أنا مكسرتش نظام المطعم، قبل ما أسيبه وأمشي طلبت عصير زمباع.
_يطلع إيه الزمباع ده كمان؟
=مش أنتوا عندكم فاكهة محسوبة على الخضار وخضار محسوب على الفاكهة؟
_أيون.
=ده بقى مش محسوب لا على الفاكهة ولا على الخضار، الزمباع مع نفسه كده، بناكله ساقع ونشربه عصير، هو شبه المانجا كده بس لما تفتحه تلاقيه من جوّه شبه الرمان.
_شكرًا على المعلومة المهمة يا زعفرانة، بس برضه مقولتيش إيه اللي موقّفك في الشباك.
=يادي النيلة، بُص أنا هقول لَك.
_أيون، أصل طالما فضلتي ترغي وتلفّي يمين وشمال، ببقى عارف إن في حاجة مش مظبوطة.
=الحكاية وما فيها إن الست لطفات...
_الله، الست لطفات، أنا من بداية الرغي ده وأنا حاسس إني هخبط فيها في الآخر.
=لأ مش زي ما أنت فاهم، هي بقالها كام يوم بتمسح شقتها بمَيَّه وملح، وأنت عارف إن عُمّار المكان بيهربوا من الملح.
_وإيه علاقة وقوفك في الشباك بالموضوع؟
=ما هو وأنا فايته جنب الشباك، لمحت واحد من قبيلتنا، كان هربان من سنين طويلة، واتضح بقى إنه من عُمّار المكان عند الست لطفات.
_الله، يعني أنتي واقفة في الشباك قدام واحد، وأنا بقى تلفزيون بإريل قدامك ولا رِجل كنبة ولا شيفاني إيه؟
=لأ أنت فاهمني غلط، ده اللي بقول لك عليه ده يبقى ابن خالتي، وأنا هبلغها لأنها دايخة عليه التسع دوخات.
_السبع دوخات يا زعفرانة.
=سبعة دي عندكم أنتوا إنما عندنا تسعة.
_أنتي قصدك الكلب الأسود الجربان اللي واقف في البلكونة ده؟
=كلب أسود إيه بس، أنت شايفه في هيئة كلب إنما في الحقيقة هو عفريت ملو هدومه.
_بلا ملو هدومه بلا ملو شراباته.
=مش بيلبس شرابات لأن ده من العفاريت اللي عندها حوافر.
_طيب ما تتجوّزيه يا زعفرانة على الأقل أرتاح منك.
=مينفعش.
_إيه اللي هيقِل نفعه يعني.
=القبيلة عندنا مفيهاش جواز قرايب، ده غير إنه من العفاريت اللي ملهاش ديل، ومفيش عفريتة بديل بتتجوز عفريت من غير ديل، عُرف قبيلتنا كده.
_لو على الديل أركّب له واحد، ولا أرسم له واحد على ضهره.
=خليك أنت اتريق، ده اللي أنت فالح فيه، بس أحِب أقول لَك إن البشر بيتجوزوا العفاريت عادي، سواء عندهم ديل أو معندهومش.
_بعينك يا زعفرانة.
=خليك أنت كل شوية تقول لي بعينك.
_خلاص يا زعفرانة بلاش بعينك، بديلِك، حلو كده؟
***
=ارفع الكوباية، هتخنق.
_بتشتغليني يا بنت حبهان؟
=فين بس ما أنا قُلت لك إيه اللي خلاني أقف ورا الشباك.
_بأمارة ما خلتيني أروح عصر نفرتيتي، وهيروغليفي وهيراطيقي، والبيض اللي عامل نفسه ليمون، ومطعم الجِن الأزرق، وفرافِر مقلية سبايسي، وعصير الزمباع، وإيه رأي حضرتك في النظام... وفي الآخر واقفة في الشباك قدام ابن خالتك الفاسد الهربان، اللي طلع كلب أسود، ناقص كمان تقولي إن اسمه شحيبر.
=أنت عرفت اسمه منين؟ أوعى تكون مشغَّل عفاريت من ورايا بيراقبوني.
_يعني ابن خالتك طلع اسمه شحيبر، حلو.. وبعدين هو أنا طايقك عشان أشغّل عفاريت غيرك؟
=طيّب خلاص أرفع الكوباية بقى، ما أنت عرفت كل حاجة.
_أنتي عارفة كويس إنك لمّا تكسري قواعدي وتحوَّري عليا هنفخك.. صح؟
=صح.
_وعارفة إن عندي نظام زي مطعم الجن الأزرق عندكم.. صح؟
=صح.
_حلو، هو ده بقى نظامي، إيه رأي حضرتك في النظام؟
***
تمت...