آخر الموثقات

  • صادقوا الرومانسيين
  • ربي عيالك ١٠
  • من بعدك، كلامي بقى شخابيط
  • إيران من الداخل بعد الحرب.. 
  • معضلة فهم الحرب على إيران
  • نصر سياسي ايراني
  • قصة قصيرة/ وصاية الظل
  • ق ق ج/ سرُّ الشجرة والقوس
  • قليل من الحياة
  • حين كنت تحبني سرآ
  • رفاهية الضياع
  • وفتحوا المكاتب تخصص جديد
  • يمكن الطريق موحش!
  • الخلل
  • لا أعيش مع بشر
  • اسئلة عقدية خليلية 
  • جرح الكلمات
  • الصالونات الثقافية ...... هل هي بدعة جديدة ؟
  • الحب الصحي
  • المولوية
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد شحاتة
  5. الحيطة الملعونة 

كُنت دايمًا أسمع إن الحيطان لَها وِدان، إنّما يكون لَها لسان، دَه اللي كان جديد عليّا.

مِن أوِّل ليلة في الشَّقة اللي اشتريتها، وبقيت ألاحِظ حاجات غريبة، كُنت مقتول من التَّعب، ولمّا انتهيت من ترتيب الأوضة اللي هَنام فيها؛ قولت كِفاية كِدَه النهاردة، مدِّدت على السرير ومكُنتش بفكّر في حاجة غير إنّي أنام، وباقي الشَّقة بقى الصَّباح رَباح، قَفلت تليفوني عَشان نومي خَفيف، وأي صوت رسالة مُمكن يصحّيني، وكُنت محتاج أرتاح أطول وَقت.

النوم أخدني، لكن بعد شويّة سمِعت صوت زي ما يكون خارِج من سمّاعة تليفون، فَتَحت عينيّا عَشان أشوف الصوت جاي منين، أوّل حاجة شوفتَها كانت تليفوني، واللي كان مقفول زي ما هو، لكن بعد ما ركّزت شويّة لقيت إن الصوت جاي من ورا السرير.

قومت وأنا بقاوم التَّعب اللي كُنت فيه، فَتحت النور وبدأت أتحرَّك حوالين السِّرير، الصوت كان بيروح وبييجي فجأة، كأن اتنين بيتكلّموا في الأوضة، وساعتها بدأت أقرَّب من الصوت؛ فالتَقيت نفسي بقرَّب من الحيطة اللي ورا السرير، الصوت كان خارِج منها، زي ما يكون في واحِد بيهدِّد حَد، ولأن الصوت مَكَنش واضح أوي، لكن قدِرت أسمَعه وهو بيقولّه:

-هَتموت، هَتموت.

أوِّل حاجة فكّرت فيها إن في حد من الجيران بيتخانِق مع حَد، خرجت من الأوضة على البَلكونة، وبدأت أبُص حواليّا، لكن افتَكرت إن العمارة على شقّة واحدة وحواليها المكان فاضي من الأربع جهات، فَمُستحيل يكون في حد من البيوت اللي حواليّا بيتكلّم وصوته واصِلني هِنا.

لكن وأنا واقِف في البَلكونة، لقيت الكلام بيتكرَّر تاني، واتأكّدت إن الصوت جاي من الأوضة، دَخلت ولقيت فعلًا إن في حد بيتكلّم وأنا مُش شايفه، والصوت فعلًا جاي من الحيطة، وبيكلّم حد بيهدّده إنّه هَيموت.

روحت على تليفوني وفَتَحته، وساعتها لقيت إشعار بمكالمات من خَطيبتي، ورسالة بتقولّي فيها "لمّا تِفتح تليفونك كلّمني"، اتصَلت عليها ولمّا ردّت عليّا قالتلي:

-قافِل تليفونك ليه يا "قاسِم".

-كُنت نايم يا "هدى".

-نايِم ولا في مكان ومُش عايزني أعرف.

نَفخت من الضِّيق وقولتلها:

-مُش هتبطّلي بقى طريقتِك دي، الحكاية كلّها إنّي كُنت عاملّك مفاجأة.

-وياترى إيه المفاجأة.

-شوفي يا ستّي، لقيت شقّة لُقطَة سِمسار قالّي عليها، صاحِبها كان عارضها للبيع بسعر ميّت عشان مهاجر ومُش راجِع تاني، لمّا حسَبت الفلوس اللي معايا لقيتها تشتريها وتدفع عمولة السمسرة، خلَّصت فيها وكَتبت العَقد وبدأت أنقِل حاجتي من الشَّقة اللي كُنت ساكِن فيها.

-وهو دَه اللي خلَّاك تقفِل تليفونك؟

-ماهو طول النهار شيل وحَط وبَهدلة، يادوب رتّبت أوضة وقولت أنام وأكمّل بُكرة.

وفجأة الصوت اتكرَّر تاني، انشغلت عن المكالمة وبدأت التِفت حواليّا، فات وَقت طويل مكُنتش سامِع فيه غير الصوت اللي خارج من الحيطان، وصوت "هدى" اللي كانت بتزِن وتقول:

-"قاسِم"، روحت فين يا "قاسِم".

لمّا الصوت اختَفى انتَبهت للمكالمة وقولتلها:

-موجود، هروح فين يعني؟

-أنت مالك غريب النهاردة ليه؟

-مُش غريب ولا حاجة، الشَّقة إن شاء الله هَتعجِبك، هي كانت محتاجة دِهان وجِبت نقّاش وظبَّطها، مَعتقدش هَتحتاج حاجة تاني.

قفَلت المكالمة وحطّيت التليفون، وكُنت بفكّر الصوت دَه مُمكن يكون جاي منين، لكن انتبَهت على حَركة في الكومودينو اللي جَنب السرير، اتهَز هزّة عنيفة واتحرَّك من مكانه، وبقى في مسافة بينه وبين الحيطة، زي ما تكون حاجة اتمدّت من الحيطة وزقَّته، قرَّبت منّه وأنا مُش مستوعب اللي بيحصل، فضِلت مِبحلَق فيه وبحاول أوصَل لتفسير للي حَصل، أصل مُش معقول أنا شايف تهيّؤات، أنا أوّل مرّة تصادِفني حاجة زي دي، لكن حسّيت برعشة في جسمي لمّا لقيت الكومودينو اتهَز ولَزَق في الحيطة تاني من نفسه، الهزَّة كانت قويّة لدرجة إن الأدراج كانت هَتُقع في الأرض.

الوقت فات وأنا واقِف مذهول، لكن مكَنش في أي حاجة جديدة حصلت، وبدأت أفسَّر اللي شوفته على إنه مُمكن يكون نتيجة الشِّيل والحَط والتَّعب، وافتَكرت إنّي عاوز أنام، خلّيت نور الأوضة مَفتوح ومدّدت على السرير، ومَأخدتِش وقت طويل وروحت في النّوم.

أوّل مرَّة أشوف كوابيس وأنا نايم، شوفت نَفسي واقَف ضَهري للحيطة، وإن في إيدين خارجة منها وبتحاول تسحَبني جوّاها، كُنت بقاوم عشان أهرب، لِحَد ما قدِرت أفلِت من الإيدين اللي مَسكاني، وساعِتها قومت مفزوع من النّوم، كُنت بحاول آخد نَفسي بالعافية، ولمّا بدأت أستوعب أنا فين والرؤية توضَح قدّامي، لقيت إن الكومودينو متحرَّك من مكانه، مُش كِدَه وِبَس، دا السرير كمان كان متحرَّك كأن حد سَحبه بعيد عن الحيطة!

مَحسِّتش إن السرير اتحرَّك بيّا وأنا نايم، أو يمكِن الإحساس كان متزامِن مع إحساسي بالكابوس فَمقدِرتش أفرَّق، لكن الحكاية بدأت تبقى مُخيفة، قومت وحسّيت إن رجليّا مُش شيلاني، النهار كان قرَّب يطلع، بصّيت حواليّا وساعتها شوفت حاجة غريبة في الحيطان، الدَّهان اللي مَدهون من كام يوم بَس مَنفوخ، زي ما يكون طالِته رطوبة، أو عيب صنايعي، مسِكت التليفون وطلبت النَّقّاش اللي أكيد ضِحِك عليّا، رنَّة والتّانية لحد ما رد عليّا وقالي:

-صباحك فُل يا أستاذ "قاسِم".

-فين الفُل دَه يا اسطا "علي"، أنا وَثَقت فيك تدهِنلي الشَّقة تقوم تعملّي شُغل أي كلام؟

-إيه الكلام اللي بتقوله ده بَس؟

-زي ما بقولّك، ماهو يا إمّا عملت الشُّغل بدون اهتمام، يا إما اشتريت دهانات رخيصة.

-محصلش كل ده والله.

-لا حصل ودهان الحيطة مَنفوخ.

-أنا جايبلك أغلى دهانات موجودة، مُش هضيّع اسمي عشان أوفّر قرشين، دا حتّى عندك حيطة في الأوضة المحارة بتاعتها تَعبانة وتِعبتني جدًا في الشُّغل، ومرضِتش أزوّد المصنعيّة بتاعتي.

-لو مش مصدّقني هبعتلك صور الحيطة عشان تشوف بنفسك.

-ماشي يا أستاذ "قاسِم" أنا منتظر.

قفلت المكالمة والتَفَتت أشوف المناطق المنفوخة عشان أصوَّرها، لكن اتفاجأت إن الحيطة سليمة، وإن كل اللي شوفته دَه مالوش أثر، الوقت فات وبدأت أتجاهل رنّات الأُسطا "علي" اللي كان منتظر الصور عشان يتأكّد من كلامي، ماهو أنا هقولّه إيه؟! 

بدأت أحِس إن الشَّقة فيها حاجة بتلاعبني، ومُش فاهِم إيه هي، بَسمع صوت حد بيتكلّم من وقت للتاني، وكل ما أبُص ناحية مصدر الصوت ألاقيني ببُص ناحية الحيطة اللي ورا السرير، بدأت أكبَّر من اللي بيحصل وقولت أرتّب باقي الشقة، أكيد "هدى" النهاردة أو بُكره بالكتير هتقولّي عايزة تشوف الشّقة اللي اشتريتها، كمّلت تَرتيب وكلّمتها، لكن كُنت حاسِس إني في حالة مُش طبيعية، ويمكِن دَه بان في صوتي لأنّها قالتلي أوّل ما ردَّت عليّا:

-مال صوتَك يا "قاسِم"؟

-مَفيش يِمكِن من التَّعب، مَتنسيش إنّي بَرتِّب لوحدي.

-طيّب أكلت؟

-أنا شغّلت التلاجة امبارح بالليل، وكان فيها شويّة أكل، عملت سندوتش وشويّة وهَشوف حاجة للغدا.

لكن للمرَّة التانية اللي بنشغل فيها عن المكالمة، لمّا سمعت صوت خارِج من الأوضة بيقول:

-هَتموت.

سِمعت الكلمة دي لمرَّة واحدة بَس، وانتبهت بعدها على صوت "هدى" وهي بتقول:

-يابني مَشغول في إيه ومبتردّش عليّا؟

لقيتني بقفِل معاها المكالمة وبقولّها:

-مَفيش، هخلَّص اللي ورايا وهكلّمك.

دخلت الأوضة واتفاجأت إن السرير والكومودينوا رجعوا مكانهم، المسافة اللي كانت بينهم وبين الحيطة مَكَنِتش موجودة، في اللحظة دي بدأت أسيب اللي ورايا وأركّز في اللي بيحصل، أصله شيء غريب، كُنت بسمع دايمًا عن شُقق مَسكونة، وبتحصل فيها حاجات أكتر من دي، وبدأت أفكّر في إنه مُمكن يعني أكون وقعت في شقّه منهم، وافتَكرت إن صاحبها كان عاوز يخلص منها بأي طريقة وبأقل سِعر، قولت يمكن اللي بيحصل معايا يكون هو نفسه السبب اللي خلَّاه يسيب الشَّقة ويتخلَّص منها، دي لو طلعت مسكونة تبقى كارثة، أنا مَفيش معايا أي فلوس أشتري غيرها، ومش هلاقي حاجة بالسعر دَه، ولو بِعتها هضطر أبيعها بأقل من التَّمن اللي اشتريتها بُه عشان أخلص منها، والفلوس اللي هَتجيلي منها مُش هتجيب حتّى عِشّة فوق السطوح، وأنا وضعي المادي مَيسمحش إنّي أخسر.

لكن ازّاي الشقة مسكونة؟ أو صاحبها باعها عشان يتخلَّص منها؟ دا السِّمسار مأكّدلي إن صاحبها بايعها عشان مهاجر، وعشان أخلًّص الموضوع بسرعة بعتلي صورة تذكرة السَّفر.

دِماغي بقت بتودّي وتجيب، ومكَنش قدّامي حل تاني غير إنّي أستمر فيها، رتّبت الشقة وزي ما توقّعت، لقيت "هدى" طلبت منّي إنها تتفرَّج عليها، وفعلًا جبتها وكان معاها أخوها الصغير، شافِت الشَّقة وعجبتها، ووقفِت شويّة في بلكونة الأوضة وخرجت قعدت أنا وأخوها في الصالة، لكن شويّة وسمعتها بتصرُخ، ولما جرينا عليها لقيناها واقفة وحاطّة إيدها على وشّها، كأنّها مُش عاوزة تشوف حاجة قدّامها، جِسمها كان بيرتِعش من الخوف وزي ما تكون هَتُقع على الأرض، قرَّبت منها وسألتها:

-مالِك؟ إيه اللي حصل؟

ردَّت عليّا بصوت مَهزوز وقالتلي:

-الحيطة.

بصّيت لها وأنا بَبلَع ريقي وقولتلها:

-مالها الحيطة؟

-زي ما تكون فيها حاجة بتحاول تُخرج، الدّهان بيتنفخ وحسّيت إن في كف إيد وراه.

مكُنتش حابِب أأكّد اللي شافِته، برغم إنّي كُنت عارف إنها مُش بتكذب، أنا اللي حصل معايا من ساعة ما جيت يخلّيني أصدّقها، لكن لقيتني بقولّها:

-ممكن تكون أعصابِك تعباكي أو بيتهيّألِك.

أخدتها وخرجنا قعدنا في الصالة، ولمّا بقت كويّسة قالتلي إنّها هَتروّح، نزلت وصّلتها هي وأخوها ووقَّفت تاكسي وحاسبت عليه، ورجعت الشَّقة من تاني، كُنت مُرتَبِك جدًا، وبعد وقت طويل كُنت خايف أدخل الأوضة أو أتحرَّك في الشَقة، فكَّرت أتِّصِل بالسِّمسار، رنّيت أكتر من مرّة لحد ما ردَ عليّا، وقولتله:

-مساء الخير يا أستاذ (زين)، أنا "قاسِم"، الزبون اللي اشترى شقة عن طريقك من 3 أيام.

-أيون أيون، أزيّك يا أستاذ "قاسِم" أأمرني.

-كُنت عاوز بَس أسألك لو تعرف أي معلومات عن الشَّقة اللي اشتريتها.

-معلومات زي إيه يعني؟ كل حاجة مكتوبة في العقد.

-مُش دَه اللي أقصده طبعًا، أنا قصدي لو إن فيها حاجة مُش كويّسة، أو يكون صاحبها اللي باعها قالّك حاجة كِدَه ولا كِدَه.

-كِدَه ولا كِدَه ازّاي مُش فاهِم.

-إنّها مُمكن تكون مسكونة مثلًا.

وساعتها انفَعل عليّا بطريقة صَعبة وقالّي:

-أنت بتهزّر يا أستاذ؟ 

-اسمَعني كويّس أنا مُش بهزَّر ولا حاجة، أنت تعرف حاجة عن الشَّقة؟

والمكالمة اتقَفلِت في وشّي، وأنا دايمًا بفسّر التصرفات اللي زي دي على إنّها هروب، دا غير لهجته اللي اتقلبِت فجأة بمجرّد ما سألته لو يعرف إن الشَّقة مسكونة ولا لأ.

الحكاية بدأت تاخد اتجاه تاني معايا، مبقِتش مصدّق إن حد يبيع شقّة برُخص التراب عشان مهاجر، كان مُمكن يعمل لحد توكيل ويبيعها على مهله ويسافر براحته ويبقى يحوّله الفلوس مثلًا، إنّما التَّصرُّف اللي حصل ده مكَنش له تفسير غير إنّه بيخلَص منها.

الصوت اللي خرَج من الأوضة خلَّاني أقرَّب منها، لكن وأنا بقدّم رِجل وبأخّر التانية، أوّل حاجة عيني جَت عليها كانت الحيطة، اللي كان خارج مِنها الصّوت، بيردّد نفس الكلام وبيهدّد حد، لكن لقيت إن الدّهان مَنفوخ تاني، لكن المرّة دي حسّيت إن وراه كفوف، زي ما يكون حَد بيزقّها من الناحية التانية، دا غير إن كان فيها حاجة زي العروق أو فروع الشَّجر بلون الدَّم، كانت بتتحرَّك ومُش ثابتة، بدأت أرجَع بضهري لورا ومُش عارف أتصرَّف ازّاي، ملقِتش قدّامي غير إنّي ألحَق ألقُط صورة للحيطة، فتحت تليفوني وصوَّرت، واتفاجأت إن الصورة طبيعية مفيهاش حاجة.

عرِفت إني مستحيل أثبت لحد إن اللي بشوفه مُش وهم، دا غير إن "هدى" هي كمان شافِت، مكَنش قدّامي غير إنّي أروح مَكتب السَّمسرة، وأحاول أعرف منّه أي معلومة، أخدت بعضي ووصلت للمكتب، وهناك ملقِتش السِّمسار، كان اللي موجود شريكه، ولمّا سألته عن الشقة قال إنه ميعرفش حاجة عنها، وإن الشغل اللي شريكه بيمسِكه مبيبقاش عارف كل تفاصيله، وهو كمان كذلك، وعرفت منّه إن شريكه فجأة بلَّغه إنه مسافر البلد يقعد فترة هناك، وده اللي خلَّاني أتأكّد إن الموضوع فيه سِر.

مكَنش في مجال أتكلِّم معاه عن حاجة؛ فأخدت بعضي ورجعت على الشَّقة، ماهو معنديش مكان تاني غيرها، ولمّا وصلت قرَّرت أنام في الصالة، بما إن كل الحوارات اللي بتحصل جاية من الأوضة، وبرغم قلقي لكن لقيتني نِمت علطول، لكن شوفت نفسي في كابوس، كُنت واقِف في الأوضة، والحيطة خارج منها إيد كلّها دَم، كانت ماسكة شَخص حاسِس إني أعرفه، لكني مَشوفتش ملامحه لأنّها كانت مَسكاه من وشّه، الشَّخص دَه كان بيصرخ، وبيحاول يفلِت من الإيد لكنّه مقدرش، الإيد كانت بتشوّه وشّه بضوافرها، مُش كِدَه وبَس، دي سَحبته جوّه الحيطة رغم إنّه كان بيعافر عشان يهرب، لكنّه مقدِرش.

صحيت مَفزوع من اللي شوفته، لكن لقيت نفسي رايح ناحية الأوضة، ولمّا شوفت الحيطة لقيت في دَم مكان ماشوفت الإيد بتسحب الشَّخص دَه في الكابوس، لكن فجأة باب الأوضة اتقفل عليّا، قلبي اتنَفض من مكانه، حاولت أفتَحه وأخرُج لكن معرفتش، وساعتها اللي شوفته في الكابوس اتكرَّر من تاني، لكن الإيد المرَّة دي كانت بتسحب السِّمسار جوَّه الحيطة بعد ما شوِّهت وشّه.

السِّمسار؟!

لقيتني بسأل نَفسي إيه الحكاية؟ لكن فجأة لقيت الحيطة زي ما تكون اتحوّلت لشاشة عرض، وبتعرض مَشهد بشوفه لأوّل مرة، كُنت شايف الأوضة اللي أنا فيها لكن قبل ما تتشطّب، كانت مِتمحَّرة ماعدا الحيطة اللي ورا السرير، كان السِّمسار واقِف وبيتكلّم مع صنايعي المحارة، زي ما يكون بيتخانِق معاه، ولقيت صنايعي المحارة بيقولّه:

-أنت كِدَه بتاكل حقّي، أنت بتشطّب الشقة وعاوز توفّر لنفسك وتضحك على صاحبها، بَس مُش على حسابي.

الخِناقة كِبرت مابينهم، وبمجرّد ما صنايعي المحارة لَف وشّه، السِّمسار شال الكُوريك ونزِل به على راسه لحد ما قَتله.

أنا مكُنتش مستوعب اللي الحيطة بتعرضه قدّامي، زي ما يتكون بتشرحلي اللي حَصل وبتكشِف عن السِّر اللي فيها، لكن لحد دلوقت معرفتِش إيه علاقته اللي حَصل بالحيطة؟

ويادوب سألت نفسي السؤال دَه، ولقيت الحيطة بتعرض مشهد تاني، كان السمسار واقِف قدّام برميل وبيحُط فيه جثّة صنايعي المحارة، كان فيه مادة مقدرتش أحدّد هي إيه، لكن لمّا الوقت فات وكان السمسار بينزّل الكوريك في البرميل؛ لقيته مطلّع الجثّة وهي عبارة عن شويّة عَضم، عرفت إن اللي في البرميل مادة كيميائية أكلِت الجثة، أما شوية العَضم اللي باقيين لقيت السمسار في مشهد تاني الحيطة بتعرضه، وهو بيطحنهم، دا مُش كِدهَ وبس، دا الحيطة عرضت مَشهد تاني وهو بيفتح شكاير أسمنت، وبيخلِطهم بالمايّه وبيحط فيهم العَضم اللي طَحنه ومحَّر الحيطة اللي كانت لسّه مَتمحَّرِتش!

مكُنتش قادر أستوعب اللي شوفته، أو إن حد يداري جريمته بالطريقة المُخيفة دي، لكن كُنت مصدّق اللي الحيطة خلَّتني أشوفه، لأني افتكرت كلام النَّقاش لمّا قالّي إن الحيطة محارتها مُش مظبوطة وأخدت منه مجهود كبير، لأن السِّمسار هو اللي محَّرها عشان يداري بواقي جريمته فيها.

آخر مشهد الحيطة عرضته، هي صورة الشَّخص اللي اشتريت منّه الشقة، وإنّه كان بيتلفّت حوالين نفسه وهو مرعوب، وبيحاول يهرب من الأوضة اللي بابها كان مقفول عليه ومش عارف يخرج، ساعتها عرفت ليه هو حاول يخلص من الشَّقة بالسِّعر ده، وكان اللي فكَّرت فيه هو اللي صح، إن الشقة مسكونة بروح صنايعي المحارة، أو بالتحديد الحيطة اللي في الأوضة.

مكُنتش عارف أثبِت صحّة اللي شوفته ازّاي، يعني لو حكيت لِحَد ممكن يقول إنّي مجنون، بَس أكيد أهل صنايعي المحارة بيدوروا عليه، حاولت اسأل عنّه لكن خوفت لو الموضوع يتعرف حد يتّهمني فيه، مكَنش قدّامي غير إنّي أروح مكتب السَّمسرة، ولمّا لقيت شريك السمسار هناك قولت أسأله وأعرف منّه أي معلومة؛ فقولتله:

-أنا عاوز صنايعي محارة بس يكون كويّس.

رد عليّا وقالّي:

-والله الصنايعي اللي كنّا بنتعامل معاه سافر فجأة، جاتله زيارة برّه ومشي في نفس اليوم، وخلَّص إجراءات الكّشف والأوراق هناك ومن ساعتها مرجِعش.

-مَفيش غيره يعني؟

-اللي يعرف الصنايعية شريكي، أنا أكتر شغلي إداري.

-شريكك هيرجع امتى؟

-أنت بتسأل ليه يا أستاذ، لو في حاجة قولّي أساعدك.

-لا أبدًا، هبقى أرجعلك تاني لو في حاجة.

رجعت الشَّقة، وفات يومين مفيش أي حاجة حصلت، لا صوت خرج من الحيطة، ولا حاجة اتغيّرت فيها، لكن معرفش إيه اللي خلَّاني أروح مكتب السَّمسرة من تاني، ولمّا روحت لقيت ناس قاعدة قدّامه، كان في صوان عزا، وساعتها عرفت إن السِّمسار اللي باعلي الشَّقة اتقَتل في البلد، وإن اللي قتله شوِّه وشّه وهو نايم، لكن لا ساب وراه بصمات ولا أي أثر، وإنهم بيدوروا عليه ومُش لاقيينه.

قعدت شويّة في العزا لأن مكَنش ينفع أمشي علطول، وبعد شوية أخدت بَعضي ومشيت، لكن أنا زي ما جالي إحساس إن الشَّقة مسكونة، كُنت متأكّد برضُه إن روح صنايعي المحارة انتقمت لنفسها من السِّمسار، بعد ما الحيطة كشفِتلي الحقيقة، وإنّها نفِّذت تهديدها وفضلِت وراه لِحَد ما قتلِته.

يمكن صاحِب الشَّقة اللي قبلي باعها بالسِّعر ده عشان كان يقدر يشتري غيرها، ويمكن أنا حصل معايا كِدَه عشان مفيش قدّامي غير الشقة دي، أقدار ربّنا بيرتّبها.

والأيام فاتِت واتجوِّزت "هدى"، وعِشنا في الشِّقة، لكن من وقت للتاني لمّا كُنّا بنسمع صرخة خارجة من الحيطة، ولمّا كانت بتسألني لو كُنت سِمعت اللي هي سمعاه، كُنت دايمًا بقولّها إنّي مَسمعتِش حاجة، وإن هي اللي بيتهيَّألها، لكن أنا كُنت عارف إن الصرخة طالعة من الحيطة اللي اتلعنِت.

تمَّت...

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
6↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
7↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↑1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓-2الكاتبمدونة ياسر سلمي
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑31الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني203
2↑22الكاتبمدونة مها اسماعيل 173
3↑14الكاتبمدونة مرتضى اسماعيل (دقاش)205
4↑11الكاتبمدونة منال الشرقاوي193
5↑5الكاتبمدونة كريمان سالم66
6↑5الكاتبمدونة خالد عويس187
7↑4الكاتبمدونة نجلاء لطفي 43
8↑4الكاتبمدونة غازي جابر48
9↑4الكاتبمدونة سحر حسب الله51
10↑4الكاتبمدونة نهلة احمد حسن97
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1079
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب695
4الكاتبمدونة ياسر سلمي655
5الكاتبمدونة اشرف الكرم576
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري501
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني426
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة شادي الربابعة404

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب333824
2الكاتبمدونة نهلة حمودة189699
3الكاتبمدونة ياسر سلمي181342
4الكاتبمدونة زينب حمدي169726
5الكاتبمدونة اشرف الكرم130949
6الكاتبمدونة مني امين116770
7الكاتبمدونة سمير حماد 107758
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97844
9الكاتبمدونة مني العقدة94969
10الكاتبمدونة حنان صلاح الدين91618

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
2الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28
3الكاتبمدونة طه عبد الوهاب2025-06-27
4الكاتبمدونة امل محمود2025-06-22
5الكاتبمدونة شرف الدين محمد 2025-06-21
6الكاتبمدونة اسماعيل محسن2025-06-18
7الكاتبمدونة فاطمة الزهراء بناني2025-06-17
8الكاتبمدونة عبد الكريم موسى2025-06-15
9الكاتبمدونة عزة الأمير2025-06-14
10الكاتبمدونة محمد بوعمامه2025-06-12

المتواجدون حالياً

2955 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع