أتيت الى الدنيا ومعى صمتى الخاص ولوحى الفارغ الذى لا يحتوى على شيء سوى الحب والجمال بفطرة الله.
ومعزوفة الصدق الخالصة التى تصل لكل من فيهم هذه الفطرة .
وبداية من هذا الصمت...
بدأت أتأمل في بعض مخلوقات الكون ، بالجزء الذى تمكن من الهروب بعيدا عن براثن التلقين وخطوط الاهل والمجتمع والأعراف،على ذاك اللوح الفارغ الذى جئت به الى الدنيا.
تمكن هذا الجزء ان يهيم كلما نظر الى الألوان.
فكانت الشيء الذى يخطف بصرى ويرتب شتات ذهنى.
كنت اسرح خلاله وتجوب داخلى تساؤلات كثيرة..
من اين اتى هذا الجمال؟كيف صُنع؟كيف لى ان امسك به داخل يدى و أضعه امامى دون رحيل ؟!
كلما نظرت الى فستانى ، توكة شعرى، لون غرفتى وسريرى
لمعة الشمس حين تتخلل اشعتها نافذتى عند شروقها
واخضرار الاشجار التى تواجدت في ساحة جدتى الخلفية .
فى رحلة البحث عن هذا الجمال...
ساقتنى ارجلى مسرعة الى أمى، امسكت بيدها وسحبتها في عجالة...
اشرت لها على نافذتى وتساءلت ؟!
ما هذا يا امى الذى يقف هناك ؟
وفى حالة من الانبهار وشعور بالدهشة ....
وقعت اجابتها على اذنى انها "فراشة"
ومن هنا.......
سيطر على قلبى هذا المخلوق الواهن فى حجمه ،العملاق في تأثيره علىَّ.
ومن هنا كانت بداية تعلقى بالفراشات .
وجدت فيها ضالتى التى ابحث عنها داخل صمتى ومحبتى وشغفى بالالوان .
بدأت تدور في ذهنى اسئلة كثيرة تدور حول محبوبى الجديد.
ماذا يأكل ؟
ماذا يشرب ؟
ماذا علي ان افعل حتى احتفظ به على شرفتى اطول فترة ممكنه؟
بدأت استيقظ كل صباح اضع له بعض فتات الخبز وانتظره .....فلا اراه
اضع له بعض الحلوى التى احب ولكن ايضا .....لا اراه
شغلنى التفكير به والبحث عنه ولكن دون جدوى.
مر الكثير ولم اجده !!
من المحتمل انى بنيت آمالا جميلة على مساحة الصمت بداخلى ...
وسرعان ما هُدِّمت هذه الآمال .
عندما اخبرتنى امى انه يأبى الرجوع ثانية لمخافته من بنى البشر .
زادت مساحة الصمت بداخلى ولكنها لُوِثت بخطوط لم اخطها قط .
ليتنى تركت نفسي لخيالى ولم اتساءل !!
فخيالى وصمتى صوروا لى انه لم يعد ..
حتى يأتى بعائلته ليستقر على شرفتى لعلمه بفطرتى المُحبه للالوان .
شتان بين فضول الاطفال ونضارة نظرتهم وبين واقعية الكبار !
لم افقد الأمل وظللت البحث عن محبوبي.
وحفرت بذاكرتى شكله والوانه
على جدران غرفتى ،دفاتري ،توكى و فساتينى...
حتى كبرت وكبر معى حبى للفراشات
وصدقت في داخلى انها تأتى يوما ما ..وتستجيب لبحثى عنها
وقد كان ....
صدقتنى وسمعت فطرتى المحبه لها
ولم تخف منى وجاءت تقف على يدى
لتدخلنى بألوانها الى حَرَمِ الجمال