شغوفة ،فضولية ،افتش عن المتعة وراء الحكايا التى لا تُروى.ذات مرة ساقني هذا لمعرفة ما يكمن وراء تلك النافذة المقابلة لغرفتي.
ركن بعيد ينزوي فيه سرير صغير ذو ملاءة سوداء تنعكس عليها إضاءة حمراء قاتمة ،كلون الدماء التي كان ينزفها شاب أشهب يرسم على جسده العاري بسكينٍ حاد .
يجف فمي من رطوبته وتتألم حنجرتي وتثبت أطرافي مكانها ولا أقوى على الهرب .أنتفض لعواء صوتٍ ما بداخلي ، أظنه الخوف يعبر عن نفسه متجمدا .يتكرر هذا كلما همت أمي لفتح نافذتي كمشهد حي أصر البقاء داخل عيني.
أُغتيل الفضول وتلاشى الشغف. بِتُ أميل للعزلة في كنف أشيائي الصغيرة ،أحتضن خوفي من المجهول الذى لم أر منه سوى صور غريبة لا أفهمها .مرت سنوات ،كبرتُ وكبر معي الخوف ينهش في جسدى النحيل و يتغذى على روحي و وصلاتي العصبية.
من ساحة المنزل تصيح أمي بصوت عالٍ ساخط !!
“تعالي خدى منى الأكياس دى “
أركض مسرعة تجنب صياحها مرة أخرى ،فصوتها يذكرني بما وراء نافذتي القديمة .
تدور الأسئلة داخل رأسي مهرولة مثل أقدامي .
ماذا عن صوت الخوف إذا كان هذا صوت إنسان عادى ؟!
سرحت !!
عرقلني التفكير ،إنتبهت على أوجاع جسدي المنزلق فوق جميع سلالم المنزل .وإذا بأمي تلملمني بدلا عن لملمة الأكياس .لحظة أرجعتني عنوة لسنين خلت رأيت فيها دماء ذاك الشاب وهي تسيل أرضا بإرادته .تحسست خلالها دمائي التى استنشقت فيها رائحة الخوف البعيد من خلف أبواب الذاكرة .