إلا تنصروه ( نبي الأرض المقدسة )

تعجز الكلمات عن وصف المشهد الواضح الجلي أمام العالم , لم يعد هناك ما يُسرد و الصورة واضحة , لم تعد هناك الحاجة لأنشودة أو مقالة أو لوحة تصور معاناة الأرض المقدسة .. كيف يمكن أن يتمكن منا العجز و يبلغ منا مبلغه حتى نعجز عن إيصال شربة ماء أو قطعة خبز إلى طفل يتضور جوعا نحيط به من جميع الجوانب !! .. كيف يمكن أن نشهد كل هذه المجازر و المذابح المستمرة دون أن ننتفض !! .. و كيف يمكن أن تشهد حيواتنا اليومية سلسلة من جرائم حرب يندى لها جبين الإنسانية جمعاء بلا استثناء !!.

لم تعد دموع من لديه ضمير تتوقف .. و لم تعد جراح من لديه دم بشري يجري في عروقه تندمل .. أصبحت الشعوب الآن أكثر رؤية لما يحدث .. اتسعت الهوة بين الشعوب و الحكومات التي سقط عنها قناع السياسة الرث الهش .. و أسفر عن وجوه المصالح الدموية الحقيرة .

سقط قناع حمية العروبة المزيف .. سقط قناع الروابط الدينية الصورية .. سقط قناع الإنسانية الغربية الكاذبة .. سقطت أقنعة المنظمات و المجالس و المتجمعات الدولية .. و قد أسقطت كل هذه الأقنعة تلك البقعة الصغيرة في العالم .. الأرض المقدسة .. غزة .

صامدة في وجه الطغيان الغاشم .. وحيدة في وجه الكفر السافر .. باقية في وجه أقذر مجرمي الحرب في التاريخ .. وحيدة كنبي الله أمام أحزاب الكفر و الشرك .. وحيدة أمام أسلحتهم الغاشمة التي لا تفرق بين طفل رضيع و بين شيخ هرم .. لا تفرق حتى بين حي و ميت .. تدمر المشافي و المساجد و الكنائس و المدارس و الملاجيء و المقابر ... تدمر الأخضر و اليابس .

أبناء الكيان الصهيوني أسوأ من عاشوا على وجه البسيطة .. حصب جهنم و زاد الجحيم .. كيف يمكن أن يتقبلهم نظام أو يتعامل معهم إنسان حر !!.. أقل ما يمكن أن نفعله جميعا كبشر أن نلفظ هؤلاء الخنازير إن لم تكن إبادتهم علينا حق .

إن ما فعلوه و قاموا به منذ أن حلوا بفلسطين حتى الآن لا يقول سوى أنهم قوم همجيون دمويون وجب قتالهم عند كل منعطف .. و لكن ماذا تفعل الشعوب و حكامها يقفون بين غضبهم و بين هلاك هذا الكيان الغاصب؟

أنا كإنسان مسلم وجب علي أن أتبرأ من تخاذل كل متخاذل .. سواء كان حاكما أو مواطنا , مسلما أو غير مسلم , عربيا أو أعجميا .. أتبرأ من التجارات و المنتجات و الشركات الداعمة لهذا الكيان .. أصلي و أدعو و أنشر و أتكلم عما يحدث في كل كان و كل منصة .. وهذا كله من أضعف الإيمان .

و لا يسعني سوى أن أنزوي في ركن غرفتي أتلقى نصيبي اليومي من التعذيب النفسي الذي قدره الله على الذين تركوا الجهاد و الدفاع عن أرضه المقدسة .. أتجرع ألم مشاهدة أشلاء طفل و صرخات أم ثكلى و صياح أب مكلوم .. هذا هو نصيبنا الذي لن ينتهي إلا أن يأذن الله يوما أن نحمل سلاحنا في سبيل الله .. نبيض وجوهنا أمام الله بفعل يستحق .. و نحن نطلب منه المغفرة لأننا لم ننصر أرضه المقدسة أو سمحنا لعدو غاشم غاصب أن ينكل بعباد الله الآمنين .

و في النهاية أحني رأسي إحتراما و إجلالا لكل فلسطيني حر صامد على أرض الله ,يحفظ كتاب الله في صدره , و يقف في وجه الموت وحده , لا يخاف ولا يجبن , بل يقاتل بالنيابة عنا جميعا بشجاعة و استبسال .. لينصره الله حين خذلناه , و " إلا تنصروه فقد نصره الله " , و إنه لجهاد .. نصر أو استشهاد .