١- بدأت حكايتي مع الأسطى رمضان، صنايعي الرخام، بعد أن اتفقت معه على عمل بعض أعمال الرخام في منزلي، وقد وجدته يقول لي في المكالمة التالية لاتفاقنا: "هجيلك بكرة يا دكتور محمد".

٢- وكان طبيعيا أن أسأله: كيف عرفت يا أسطى رمضان أنني دكتور؟! وكان رده: "لأني بحثت عن رقمك في النت بهاتفي ووجدت أن كل الناس قد سجلوا رقمك باسم: دكتور محمد محسن أبو النور".

٣- فهمت فورا أنه يقصد تطبيق "تروكولر" أو تطبيقات أخرى مثل "دليل مصر" وغيرها.

٤- في زيارته التالية بدأ يفاتحني في موضوعات طبية ويلمح لي إلى ابنته المريضة التي تعاني من مرض كذا، ووالده الذي لا يستطيع المشي من الروماتيزم، ومشاكله هو مع الإرهاق في العمل وفقرات ظهره وخلافه.

٥- أدركت طبعا أنه يريد مني أن أقدم خدماتي (كطبيب مفترض) لأسرته؛ غير أني تهربت منه هروبا إلى الأمام، وكلما يسألني سؤالا طبيا بخصوص ابنته أجدني أقول له: "بسيطة بإذن الله، ربنا يشفيها".

٦- بعد أن انتهى من عمله، اتصل بي ـ توطيدا لعلاقته بي ـ وأخبرني أنه صمم لي خصيصا "يافطة" من الرخام الفاخر وكتب عليها اسمي كي توضع أمام بيتي، وطلب مني متوددا أن أقبل "اليافطة" كهدية منه.

٧- فهمت طبعا أن هذه الهدية ما هي إلا عربون لخدماتي الطبية المحتملة والمرجوة لابنته المريضة ووالده وأسرته؛ لذلك أجزلت له في الحساب أكثر بكثير من ثمن اللافتة الرخامية.

٨- جاء موعد تسليم اللافتة وتركيبها، وقد باغتني بنظرة تنم عن عشم، والتفت لي بوجهه الأسمر الطيب، وسدد لي سؤاله الأهم في علاقتنا: "يا دكتور محمد، حضرتك دكتور في إيه؟" قلت: "دكتور في الشؤون الإيرانية".

٩- أحسست وقتها كأن صاعقة ضربته ولم يكد يدرك قولتي، حتى تمالك نفسه واستجمع كل ذرة في ذكائه الفطري، وسألني وكأنه يريد تكذيب أذنيه: "يعني بتعالج إيه؟!" قلت: "لا أعالج أحدا". أنا دكتور متخصص في بلد اسمه إيران.. هل سمعت يا أسطى رمضان عن إيران؟!

١٠- أجابني: "أيوة طبعا دي بلد الشيعة عارفها". ثم أحسست بندمه على إضاعته وقته في توطيد علاقته بي؛ فقلت: "مالك يا راجل يا طيب ندمان إنك عملتلي اليافطة هدية؟!".

١١- نظر لي والحسرة تملأ قلبه، ثم قال: "لا ندمان ولا حاجة، بس كنت فاكرك دكتور في حاجة مفيدة!".