الجمال هو أبرز ما يبديه هذا الكون الفسيح للناظرين، فكل جزء فيه ينطق بالجمال، وكل شيء فيه يصدح بالبهجة والنور والأُنس والحُسن والدلال.
فمن حدائق الزهور وبساتين الورود والثمار؛ تبرز معاني الجمال الفريدة من عَبَق ألوانها وشذى رائحتها وبديع أشكالها.
إنها بهجة الجمال التي أقرها الخالق الجميل في قوله الجميل: ﴿فَأَنۢبَتۡنَا بِهِۦ حَدَاۤىِٕقَ ذَاتَ بَهۡجَةࣲ﴾ [النمل ٦٠]
إنه جمال الكون الذي أودعه الخالق في أشكال الطيور وألوانها وأحجامها، بمناظر بديعة تسر الناظرين وتشرح صدور المُحبَطين.
وانظر إلى عوالم (الفراشات) واستمتع بأشكالها المبدعة وألوانها الممتعة، فما هي إلا كتلة جمال يُشع جمالا يجذب العين ويأسر الفؤاد.
وفي ألوان الجبال ﴿جُدَدُۢ بِیضࣱ وَحُمۡرࣱ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَ ٰنُهَا وَغَرَابِیبُ سُودࣱ﴾ أبهى مظاهر الجمال التي ترتاح النفوس وتصفو الأرواح بالنظر إليها والتمعن فيها.
وفي صفحة السماء المُزينة بالكواكب والنجوم المنيرة الوهاجة منتهى الجمال وأكمل معانيه، وصدق الخالق الجميل حين قال: ﴿إِنَّا زَیَّنَّا ٱلسَّمَاۤءَ ٱلدُّنۡیَا بِزِینَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ﴾ [الصافات ٦] فالكواكب زينة السماء التي تُجسِّد معنى الجمال لكل الأنظار.
إنه الجمال الإلهي في الكون الذي يترنم بأعذب كلماته وأرق ألحانه في أمواج البحار، ونسمات الرياح، وقطرات الأمطار، وأسراب الحمام على الأغصان.
إنه الجمال الذي يكمن في الخيول والبغال والحمير وسائر الحيوانات والأنعام، حين تسرح مع سلوكها وتُحسن فهمها وتتجاوب مع حركاتها، وذلك من معاني الجمال التي أوردها القرآن الكريم: ﴿وَلَكُمۡ فِیهَا جَمَالٌ حِینَ تُرِیحُونَ وَحِینَ تَسۡرَحُونَ﴾ [النحل ٦]
نعم، إنَّ الكون كله يترسم بالجمال، وكيف لا؟ والذي خلقهُ في تلك الصورة موصوفٌ بكمال الجمال والجلال.
قال رسول الله ﷺ: (إنَّ الله جميل يحب الجمال).
والجميلُ لا يخلق إلا جميل، ولا يأمر إلا بجميل.!
من أجل ذلك فإنه حريٌّ بنا أن نتحقق بقيمة الجمال لنتناغم مع هذا الكون الجميل الذي نحن جزءٌ منه.
والجمال حين تتمثله البشر يتسع مبناه ويتشعب معناه فيشمل كلامهم وأفعالهم وصفاتهم وأخلاقهم.