نعم، الكون كله يبتسم ... المخلوقات قاطبةً تحيا في تفائل رَحيب ... الخلائق كلها تصيحُ بالأمل والفأل والبهجة صباحا مساءً، ولكن أكثر الناس لا يشعرون؛ لأنها صفات رقيقة لا يشعر بها إلا القلب الرقيق والذهن الصافي والبصيرة الشفافة.
انظر إلى (الشمس) من ضُحاها إلى مِساها وهي تبتسم لكل الخلائق ابتسامةً صافيةً منيرةً ومضيئة.... ابتسامة مَنْ يحنو على أحبابه ويخاف عليهم من الظلام.
ثم تغيبُ الشمسُ من عندنا لتذهب إلى غيرنا ممن يعيشون في القارات البعيدة؛ لتبثَ فيهم الأمل والتفائل وترسم على حياتهم ويومهم الابتسامة الناضرة والضحكة العميقة.
ولكنها حين تغيبُ عنَّا لا ترضى لنا أن نعيش في ظلام وخوف وكآبة، فتستأذن ربها في إرسال مَنْ ينوب عنها حتى تعود.
فيبزُغُ (القمر) حاملا للنور والضوء الهادئ الذي يحمل مشاعر الحب والأمل والفرحة والبهجة، حتى أننا نقول في أمثالنا الشعبية عن ضوء القمر (جو شاعري)!!.
انظر إلى صفحة السماء ليلًا؛ لترى لوحةً فنيةً من الجمال والإبداع تُزينها النجومُ المتلألأة والكواكب الساحرة، في إبداعٍ خلَّاب ومشهدٍ جَذَّاب، وكأنها تنادينا بالحب والهدوء والسلام مع الأنفس والأكوان.
كذلك انظر إلى (الزهور والورود) في الصباح الباكر وهي تستقبلنا في كل يوم بجمالٍ خلاَّب، وألوان زاهية، وروائح زكية، وأشكال بديعة، مُفتَّحةّ معطرةً منمقةً ألمعية؛ لتُسر الناظرين، وتُسعد المتذوقين، وتُرطِّب أنفاس الزاكمين، وتشرح صدور اليائسين، وتبث الأمل في نفوس الحيارى المتشائمين، وتؤسس المودة والحب بين المتهادين (الورد أفضل هدية بين المتاحبين).
انظر إلى جميع النباتات وهي تترعرع في أرضها خضراءَ اللون زاهية، تتمايل أغصانها وأوراقها يمينا ويسارا، ثم تأمل في كينونة هذا النبات، وهي تنمو يوما بعد يوما، في أشكال بديعة، وأحجام متعددة، وروائح متباينة، وأطعمة ومذاقات مختلفة، رغم أنها تُسقى بماء واحد وتُزرع في طينة واحدة!!
ألا ترى أنك حينما تتجول في الحدائق والبساتيين تشعرُ بالبهجة والراحة والهدوء والسكينة!!.
من أين هذه البهجة؟
إنها لغة النباتات التي تَصْدَحُ بها لإسعاد المتجوِّلين، وألوان النباتات الخضراء التي تَسرُّ أعين الناظرين.
ما أعظمَ خالقنا وإلـٰهنا الجميل الذي يحب الجمال.
ماذا تشعر عند سماع صوت العصافير الجميله وهي تزقزق في الصباح؟
وماذا تشعر عند رؤية أسراب الحمام وهي تَسْبَحُ في الفضاء جماعاتٍ مترابطة؟
إنه منظرٌ جميل يبعثُ في النفوس باقةً من البهجة والجمال، ويرسم على الوجه ابتسامة المفتقر إلى كل جَميل!
ماذا تشعر عند سماع خرير المياه (صوت الماء) عند تدفقها وجريانها في العيون والشلالات والمسطحات المائية؟؟
ما هو الإحساس الذي يتولد فيك عندما تقف أمام البحر متأملًا في حركة أمواجه وصفاء مياهه وسعة حجمه؟ ألم تشعر بالهدوء النفسي والبهجة والاطمئنان والراحة القلبية؟!
إنَّ كل شيء في الكون عندما تنظر إليه بذهنٍ صافٍ من أكدار الحياة ومتاعبها؛ تشعر أنه يبتسم لك، تشعر أنه يناديك بالأمل والتفائل الحَسن.
ولا تستغرب! فإنَّ الله جميل يُحب الجمال، والجميل لا يخلق إلا جميلا، ولكن لا يعقلها إلا أصحاب الفطرة السليمة والقلوب الرقيقة والمشاعر الدافئة.