بعد أن انتهيتُ اليوم -بفضل الله- من قراءة كتاب «التعليم في المدينة المنورة في عهد النبي ﷺ» تأليف: أ.د. سند بن لافي الشاماني (أستاذ التربية الإسلامية والمقارنة بجامعة طيبة بالمدينة المنورة)، وقد أهداني إيّاه ابنه الحبيب الصديق الأستاذ عمر سند -أكرمه الله- أحببت أن أعرض لكم بعض النقاط والمحاور التي استفدتُها وسعدتُ بها من هذا الكتاب القيّم:
🔴 أولاً: استطاع هذا الكتاب أن يردّ بقوة على رأي ابن خلدون الذي زعم أن القوم في زمن الرسول ﷺ كانت علومهم محصورة في القرآن والحديث، ولم يكونوا يعرفون التأليف والتدوين، ولا حاجتهم داعية إليه، إذ كانت العرب يومئذٍ أمّةً أمّيةً لا كتاب لها ولا علم، ولم يرجعوا إلى ذلك، ولا دعتهم إليه حاجة، وجاء الأمر على ذلك في صدر الملة وفي عهد الصحابة والتابعين.
🔴 كانت العملية التعليمية متقدمة ومنظمة للغاية منذ الصدر الأول للإسلام في عهد النبي ﷺ.
🔴 للتعليم في العهد النبوي أهداف واضحة تحدث عنها القرآن الكريم ووضّحتها السنة النبوية قولاً وعملاً، وهي: أهداف عقدية، تعبدية، فكرية، اجتماعية، اقتصادية، سياسية، وإدارية تنظيمية.
🔴 استقى التعليم النبوي المدني أهدافه من القرآن الكريم والسنة المطهرة واحتياجات المجتمع الجديد، فأثمرت وآتت أُكُلها بإذن ربها.
🔴 من خصائص الأهداف التعليمية في العهد النبوي: استجابتها لتعليمات الوحي الشريف، مواكبتها لمتغيرات المجتمع الجديد، مراعاتها للجوانب الشخصية والاجتماعية، التوازن والاعتدال والوسطية.
🔴 سبقت العملية التعليمية في العهد النبوي العصر الحديث باستراتيجيات وأساليب التعليم والتعلّم التي ما زالت متبعة إلى اليوم، مثل: الحوار والمناقشة، القصة، ضرب الأمثال، الترغيب والترهيب، الإملاء، الممارسة العملية، القدوة، السؤال، العصف الذهني، حل المشكلات، والتعلّم باللعب...
🔴 تميّزت أساليب التعليم النبوي بعدة خصائص، أبرزها: مراعاة الفروق الفردية، اختيار الوقت المناسب للتعليم، ربط التعليم بالواقع، تأكيد مكانة المعلّم، الحوار والمناقشة بأدب وسعة صدر، وبثّ روح الفاعلية والمشاركة والتنافس بين الطلاب.
🔴 بلغت المواد التعليمية التي كانت تُدرّس آنذاك ست عشرة مادة، وهي: القرآن الكريم، علم القراءات، علم التفسير، التوحيد ومقارنة الأديان، الحديث النبوي الشريف، الفقه، القراءة والكتابة، الأدب والأخلاق، الفرائض والحساب، اللغات الأجنبية والترجمة، العلوم السياسية والجهادية، علم الأنساب، الطب، الشعر، الرياضة البدنية، وتعليم الصنائع والحِرَف.
🔴 تميّزت جلسات الطلاب بأنها كانت في مجموعات وحلقات، وهو ما نسمّيه اليوم في لغة التربويين: التعلّم التعاوني.
🔴 كما كان للتعليم المهني وجود ملموس في العهد النبوي، كالحدادة والنجارة والبناء والغزل والتجارة والزراعة.
🔴 خلّف التعليم في العهد النبوي آثارًا وثمارًا باهرة ما زلنا نقتبس منها إلى اليوم، سواء كانت آثارًا روحية، أو خُلقية، أو فكرية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، أو سياسية، أو عسكرية جهادية.
🔴 وضع لنا رسول الله ﷺ، باعتباره المعلّم الأعظم، الأطر التربوية التي نحتوي بها الطلاب ونتعامل معهم معاملة راقية سامية تجذبهم إلى البيئة التعليمية، والأحاديث والآثار كثيرة في ذلك.
فهذه جملة من النقاط المهمة التي تناولها الكتاب، وإنني أدعو كل الآباء عامةً، والمعلمين خاصةً، إلى قراءته، ففيه نفع عظيم. نسأل الله أن يجزي مؤلفه خير الجزاء.