اسم الكتاب: وجع ال
قد أنعمَ اللَّهُ عليَّ بقراءةِ هذا الكتاب فلهُ الحمدُ والمِنّة، ووصفتُ قرأتهُ بالنعمةِ لِما فيهِ من فوائدَ عميمة وعطايا جزيلة.
وجع الكتابة ليسَ ورقًا محبورًا وحسب؛ بل هو عِلمٌ يُدّرَسُ لمَن أرادَ تغذية عقلهِ وتثقيف نفسهِ بصفةٍ عامّة، وسائر مَن رَغِبوا في ولوجِ دُّنيا الكتابة بصفةٍ خاصّة.
لا أدري من أينَ أبدأُ في إبداءِ رأيي المُتواضع في كتابٍ لم أقرأ شبيهًا لهُ من قبل، لذا فرأسي يعجُّ بالكلماتِ والتي لو تركتُ لها العَنان لسطرتْ مقالًا مُطوّلًا، لكنَّني لن أفعلَ لضيقِ الوقتِ وسأنجزُ وأوجزُ بما يُحقّق المرغوب.
تفوّقَ الكاتب في مقالاتهِ حينَ جمعَ بها مَيزاتٍ أربعة، مُتعة، إثارة، تعليم، وأخيرًا تثقيف، فرُغم كَونهِ كتابٌ واحد إلَّا أنَّهُ اِمتازَ بالتنوعِ ممّا أضفى عليهِ طابع التعدُدية.
تطرقَ الكاتب لجُلّ ما يواجه النشء في دُّنيا الكتابة من مُشكلاتٍ يُمكنها أنْ تحولَ بينهُ وبينَ غايتهِ في إيجادِ مكانٍ لقلمهِ، وأفردَ لنا هذهِ المُشكلات مع سردهِ لأسبابها، ثُمَّ طرحَ لنا الحلول المُتنوعة، وأستدلَّ حضرتهِ بمواقفٍ واقعية عايشها في حياتهِ ليَبُثَّ الأمل في النفوسِ فتطمئنُّ القلوب.
قد لامستُ صدق الكاتب في أحرُفهِ حينَ شرعتُ في قرأءةِ الكتاب بدءًا من الإهداءِ مرورًا بالمُقدّمةِ الثريّة وأخيرًا المُحتوى.
هذا الكتاب ينتمي إلى فئةِ المقالات التثقيفية البحتة؛ فلا يقرأهُ قارئٌ إلَّا وزادتْ جُعبتهُ بكمٍّ لا بأسَ بهِ من الثقافة.
كُتِبَ هذا الكتاب بطريقةِ السهل المُمتنِع، وقد أجَادَ الكاتب جزالة لُغتهِ وأبدعَ في سردهِ، بالإضافةِ لتميُّزهِ بأسلوبٍ سَلسلٍ ومؤثر.
ظهرَ جليًّا تأثُر الكاتب بالقرآنِ الكريم في أسلوبهِ المُميّز بالوضوح وإختيارهِ للمُفردات.
لاحظتُ تأثُر الكاتب بأساتذتهِ وإنسابِ الفضل لهم بعدَ اللَّهِ عن طريقِ اِستشهادهِ ببعض مقالاتهم ومواقفهم، وتعبيرهِ عن وُدّهِ لهم وتعلُّقهِ بعِلمهم، وتقديرهِ لشخوصهم النبيلة، وإنْ دلّ هذا الفِعل من الكاتبِ على شيءٍ فإنَّهُ يدلُّ على نفسٍ زكيّة وقلبٍ طاهر، وخُلقٍ سامق وأدبٍ جَمّ.
وجع الكتابة رُغم أنَّ عنوانهُ يدلّ على مضمونهِ إلَّا أنَّ مُحتواهُ لم يخلو من الأمل؛ فبهِ كمية ماهولة من التفاؤل، وجُرعاتٍ عالية من الأمل، والكثير من دَعواتِ التمّسُكِ بالحلمِ والسعي وراء تحقيقهِ مهما واجهتكَ من صِعاب.
وجع الكتابة يُعَدُّ واحدًا من الكُتبِ القلائل التي تترك أثرها في نفسِ القارئ وفؤاده، وهذا بالضبطِ ما حَدَثَ معي؛ فقد أنهيتهُ في جِلسةٍ واحدةٍ لشدّةِ نَهمي، ولحُبّي في تعلّمِ شيءٍ جديدٍ غير معهودٍ يُفيدني في العموم، كما أنَّ أسلوبَ الكاتب قد أخذني لداخلِ الصفحاتِ فلم أجدني إلَّا وقد أنهيتُ قراءة جميع مقالاتهِ دونَ أنْ أشعُرَ بكللٍ أو ملل.
وبإذن اللَّه تعالى لن تكونَ هذهِ المرّة هي آخر عهدي بقراءتهِ، بل سأُعاودُ القراءة مرّات ومرّات، لأنَّني بالطبعِ لم أُحصي جُلّ أسرارهِ بقراءةٍ واحدة؛ فمِثل هذا الكتاب كُلّما قرأتهُ شَعرتَ ويكأنَّكَ تقرأهُ للمرّةِ الأولى لِما تكتشفهُ من أسرارٍ وفوائد.
قد أكرمني رَبّي بهذهِ الوجبة العقلية الدسمة، والتي تُعَدُّ كَفسحةٍ فِكريةٍ لي، اِطلعتُ فيها على فِكرٍ مُنير، وعقلٍ راجح، وكذا بعض خِبرات أهل العِلم والفِكر.
بعض ما تعلّمتهُ من الكتاب:
مهما بلغتْ بكَ الرُتَب سيأتي عليكَ يومٌ ينضب فيهِ قلمك، لا تيأس بل أخرج مكنون ما أوهبكَ اللَّه، قاوم وقاوم ليعودَ لقلمكَ عملهُ.
إنْ كُنتَ مُحبًّا للكتابةِ فلن يمنعكَ مانعٌ عنها حتّى وإنْ ضاقتْ بكَ الأحوال وتكالبتْ عليكَ الهموم؛ لأنَّ المُريد بالِغٌ مُرادهُ.
إنَّ لكُلِّ شيءٍ ما يُحركهُ ووقودُ القلمِ إلتهاب الوجدان؛ نظيرَ ما يقعَ على الفرد من ظُلمٍ يُسبّب لهُ الوجع، فينصهر وجدانهُ ليُخرجَ ما يؤلمهُ بصورة بديعة عن طريقِ الكتابة.