أنزل اللَّهُ _سبحانهُ وتعالى_ القرآن الكريم مُفتتحًا بسورة اقرأ، حيثُ أمرَ رسولهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقراءة فقال عَزَّ مِن قائلٍ بعدَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيم "اقرأ باسم رَبِّكَ الذي خلق"وذلك لأهمية القراءة في طلبِ العِلم، كما أمرنا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بطلب العِلم فرَّغَبَ فيهِ قائلًا: "مَن سَلكَ طريقًا يلتمسُ فيهِ عِلمًا سَهَلَ اللَّهُ لهُ بهِ طريقًا إلى الجنّة" وعن فضل طلب العِلم فالأحاديث فيهِ كثيرة.
والعِلم كالمُحيط لا ينضب، كما أنَّ مَن اغترفَ منهُ زادَ طلبًا فيهِ، فالعِلم لا يُشبَعَ منهُ ومهما بَلَغَ طالبه لا يُسمَى مُتعلّمًا بل نصف مُتعلّم؛ لأنَّهُ مهما بلغَ في طلبهِ فلن يبلغ آخره، إذ العِلم لا آخر له.. قال تعالى: "وما أُوتيتم من العِلمِ إلَّا قليلًا".
والعِلم كلمة جامعة لكُلِّ ما يُنير العقل من علومٍ سواء أكانتْ دينية أو دنيوية، إنسانية أو اجتماعية، فالمصدر واحد وإنْ كَثُرَ التفرُّع.
تُعَدُّ الثقافة سلاحًا فعّالًا لردع الشُبهات والشائعات؛ فالدولة التي تمتلك شعبًا مُثقفًا يخشاها الأعداء.. لهذا كَثُرَ مؤخرًا التنبيه على أهمية الوعي الثقافي، وليستْ الثقافة محصورة في عِلمٍ بعينه إذ هي تنوع وتعدد العلوم، كما أنَّ
الاختلاف هو ديدن الناجحون وهذا ما يُميّزهم عن غيرهم.. إذ لا يكونُ هباءً فما يُختلَف فيهِ يُعمَل فيهِ العقل خاصّةً وإن كانَ بغرض العِلم والتعلُّم.
قديمًا كانت الأسلحة هي الأداة الفعّالة للفتك بالأعداء، أمَّا الآن فأصبح العقل هو السلاح وأضحت الثقافة هي تلك الأداة؛ فكم من ثقافةٍ غيّرت حال دولٍ وحَطّت من شأنِ آخرين، فالشخص المُثّقف هو درعٌ بحدِّ ذاتهِ يقي وطنهُ شرّ الشائعات والمُغالطات وأخيرًا المُزايدات، في حين أنَّ الشخص العادي غير المُثّقف يسهُل استخدامه ضد بلدهِ من خلال التلاعب بهِ وزرع ما يُمكن زرعه بدماغه الفارغ من الثقافة، وعليهِ فطلب الثقافة لا يقلّ أهمية عن طلب العِلم لذا وجبَ على مَن يستطع أنْ يتثّقف كي يُنار عقله ولا يسهُل استدراجه من قِبل أحد.