سبحان اللَّهِ العظيم المُنعِم علينا بنعمةِ العقل! والذي يبلغ أقصى مراحل عمله أثناء الأزمات والمآزق؛ فحينَ يقع المرء في مأزقٍ ما يُضاعف نشاط عقله علَّهُ يجد مخرجًا.
قد روتْ لي أُمّي حكاية عجيبة عن أحدِ الأقارب في سالفِ الزمان.. يُحكى أنَّ جَدًّا ضريرًا جمعَ أحفادهُ الثلاثة لتناولِ الغداءِ معهُ، وبعد أنْ فعلوا جلسوا يشربونَ الشاي بالنعناع الأخضر كما يُحِبّون، ثُمَّ طرحَ كُلٌّ منهم مسألتهُ على الجدّ فقالَ الأوّل: أُريدُ نقودًا وثيابًا جديدة جَدّي، وقالت الثانية: أُريدُ مجموعة كبيرة من المصوغات الذهبية جدّي، أمَّا الثالثَ فأدهشَ الجدّ بطلبهِ حينَ قال: أُريدُ نجمة من السماءِ جدّي.
لم يَكُن لدى الجدّ ما يُعينهُ على تحقيقِ رغباتِ أحفاده، ففكرَ وفكرَ وفكر حتّى أجابهم: لكم ما طلبتم أبنائي ولكن حينَ يأتي الحاج كدّاب!
سألوهُ: مَن هو الحاج كدّاب؟
فأجابهم: هو المُختص بتحقيقِ الأحلامِ والرغبات.
سألوهُ: ومتى سيأتي؟
أجابهم: لا أدري، ولكنَّهُ سيأتي حينَ يُحقق رغبات الآخرين!
رضوا بقولِ جدّهم وظلّوا يطلبونَ منهُ ما يُريدونَ وينتظرونَ الحاج كدّاب حتّى يأتي ويُحقق لهم رغباتهم.
مَرّت الأيَّام وتزوجَ الأحفاد وفهموا مغزى قصة جدّهم بعد موتهِ وصاروا يترّحمونَ عليهِ كُلّما زادتْ نعمائهم.
حينَ يضطر المرء فإنَّهُ يُعمل عقله حدّ الاختراع لحيلةٍ ما تُخرجهُ ممّا هو فيه.