كتبت عن فتاة في منتزه الوسط، بالقرب من بنك المزارع، مرورا بمحطة الأدروب"مجانين القهوة الزنجبيلية" رجل كثّ الشّعر، ذو جلابية متّسِخة، تفوح منها رائحة الزنجبيل ورائحة البن هي ربما ليست نفس الفتاة، لا أدري تدرس الطب أم القانون، لكنها بارعة في إيقاعي تحت مصيدة غرامها، وبارعة في كسر حدادي العاطفي، معتدلة القوام، لو ارتدت الرمادي لكنت في حداد تام، ولكن ارتدت عباءة سوداء في نقاب أسود، ذات البشرة الفاتحة، تراودني هل أسألها أن نحتسي النسكافي ؟
لأنها تبدو أكثر ثقافة من عشاق القهوة الذين يقدسون فناجين القهوة المليئة بالزنجبيل الحار المخلوط بالحَبُّهَان، أو ربما أسألها هل تقرأين كتب شرقاوي أو دوستويفسكي؟
تفارقنا معها بالقرب من محطة النيم، وأنا في طريقي للمنزل، ركبت حافلة المواصلات، ركبت على المقعد الثاني الذي تضربه أشعة الشمس، علي المقعد المحاذي تجلس ذات نقاب آخر، كنت ممسكا برواية (شهيا كفراق) صفحة رقم "101" تحاول استراق النظر لمطالعة النص داخل الكتاب، وتارة أخرى للإطلاع على عنوان الكتاب، تقف الحافلة في المنتصف، بالقرب من واحة كسلا، أول الصاعدين، سيدة خمسينية تصعد والمقاعد ممتلئة، شاب عشريني يقف ويدع تلك السيدة تجلس على مقعده.
الآن وصلت للسواقي، المكان الذي أشتهي أن أزوره، أشجارة متشابكة، تمر به روافد نهر القاش.