هل سألو الطرقات عنا؟
وهل أخبرو زوج الحمام من نثَر الحَبّ على هامشِ الأرصِفَة؟
من أين اعتصرو النبيذ؟
هل من تمور الشام أم من عنب العراق؟
نفسي الأبيّة منيعَة الصَد كَأرمَادا، أنا الناجي من الطوفان، فوق سفينتي الخشبية وقودها دم الأجداد، وعلى ظهرها سكت الفرات ولم تفارقها دجلة، في داخلي انبثقت فصول، فمنها طفق الربيع وتغنت عصافير الخريف بلوعتي وبراءتي، قد شغفت نفسي حبا، أنا هتافات الشعوب الأبرياء وسط الحقول، يتغنون بما فعل النسيم بحقول القصب الفارغات، أنا الذي لم أسقط كما سقطت فرائس في شباك العنكبوت، ذاتي مجرة وسط النجوم، حولي تدور الأشياء، نادر أنا وكنز كوجود الذهب في المناجم بعيد ونفيس، بصفاتي النبوية وبدني الآدمي أنشأت كينونة نادرة، هادئ وعميق كالمحيطات، وفي أحشائي الدر كامن، وفي أراضي اليابسة بُنيت قلاع صدق وهطلت دماء على قلبي وغمرت باقي الأراضي التي بجانبي، فريد كالموناليزا، عشوائية لكن عجز عن رسمها أبناء دافنشي يافعون.