عزيزتي...
صوت العصافير في الصباح لم يكن مطربا كالمعتاد، وحدك من يعلم لغتهم، حينما كنت أقوده إليك من فم الأمل، تبتسمين بسعادة، تسجلين في دفترك الأمين دون أن أعلم: «صوته والتغريد لا ينفصلان في اللحن والإطراب». وطالما أخبرني قلبك من دونك بما تخبئينه عني، وكلما أفضت إليك بما أعلمه عنك تجزمين أنني أراك، ونحن بيننا عوالم مضنية ومسافات شتى، لكنها لا تغني من اندماج.
جميلتي...
لطالمَا تأتَّتْ إليَّ فرص مريرة كي أنأى بذاتي عن كل ما يَؤُول ويُؤَوَّل إليك، لكني كنت أتقرب وظني الابتعاد، وأدنو منك وظني الهروب؛ وأتبرأ مما قد بَدرَ من ذاتٍ مشتتة كَذاتي، عن نفس قاتمة العطاء كنفسي، وأنت ممسكة الوفاض سخية الصمت، وكل ذرة فيكِ تنبئُ عما يجول في روحك ويتسابق في مضمار نفسك المنغلق.
زهرتي...
لا تخبري السطور التي بين أناملك عن مدى شوقك، لا تخبري الكلمات التي تكتبينها باصطناع وتوارٍ عن مدى حنينك، لا تخبري حروفك عن مدى حبك، وأنا لن أخبر أحدا عما أعلمه من حالك، لن أُعلم ذاتك التي أوهمتيها نسيانك الكاذب، لكنني أعلنها أمامك أني في غيابك منهزم، وفي شوقك غارق منكسر.
رقيقتي...
لا تخبري الأيام عما قد آل بيننا، لا تخبري دفترك الأمين، لا تخبري قصائدك عن قلب تأصل وترعرع في عالمك، لكن أخبري قلبك عمن اشتراه دون كل القلوب، وألّهَهُ في عوالم الحب العديدة دون شريك.
وردتي...
لا أعلم كيف مرت كل تلك الليالي دون حديث بيننا، لا أعلم كيف مرت كل تلك الساعات دون بوح جديد، لا أدري كيف أوشى إليك غيابي أني قد سليت، فكيف استلان صمتك منك وصار ديدنك، دون سلام أو تلويح من واديك البعيد، يا عزيزتي الحزينة.