شيء في تلك العيون الواثقة يُرجف، وأشياء كثيرة خلف ذلك الوجه الملثم يُضعف من يعاديه. يُصَوب قاتله بندقيته في وجهه متحاشيا الصمود الذي في عينيه.
«الرأس أم الصدر؟».
يسأل عقل القاتل عن أسرع وسيلة كي ينتهي من رصاصات أعين غريمه الحُرة، وبعد كدّ يطلق رصاصته ناح صدره، ثم يلتقط أنفاسه بارتياح من ظفر بفريسةٍ شَقية. يسقط قتيله أرضا، وقلبه منتصب الصمود، قوي الثبات، وبسمة في عينيه تبدد لذة انتصار قاتله.
اخترقت الرصاصة صدره وهي تشعر بخزي ونبذ، لفظتها بندقيتها بوهن بيّن وزيف ساطع. تبكي في صدره الدافئ، تتقاطر دموعها دمه المسال، فينبت مكان كل قطرة زيتونة، لا شرقية ولا غريبة، تضيء أنحاء الأرض مقاومة وصمودا.
سؤال حيران مؤلم يراود عقل القاتل ويلوح من طرف بندقيته الواهنة: أما لذلك الكائن من فناء!.
يمل، يستغرب ذلك الذي كلما قتله خرجت آلاف غيره، عبثا يحاول إقصاءه وهو يعلم يقينا أنه... يريد مستحيلا، وحينها وجد منه آلافًا على شاكلة غريمه تهرول نحوه بحماس غير آبهة لبندقيته.